“لو يصحلنا نشتغل أكثر ما قصرنا”.. حال مسنين في القامشلي بسبب الوضع الاقتصادي
نالين علي ـ القامشلي
رغم تقدمه في العمر، يجلس أحمد حسن (70 عاماً)، في سوق العمال وسط مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا, يتنظر لساعات طويلة فرصة عمل يؤمن من خلالها قوت يوم عائلته.
وما أجبره على ذلك رغم تقدمه في العمر، الوضع المعيش “الصعب جداً بالمنطقة هنا”, لذلك يضطر المسن لممارسة أعمال شاقة ومتعبة “لتأمين مصروف عائلاتنا”.
وبيديه المرتجفتين ووجهه النحيل الذي غطت بعض تجاعيده لحيته البيضاء، ينتظر “حسن”، أحد الأشخاص الذين يطلبون عمالاً لنقل أغراض وأدوات إلى منازلهم، أو ربما ينتظر ورشة بناء أو أي شيء من هذا القبيل ليسد فيه رمق عائلته.
ويقول السبعيني لنورث برس: “احتاج فوق الـ مليون ليرة سورية كحد أدنى لمصاريف بيتي, أنا وزوجتي, ولكن العمل هنا غير متوفر بشكل يومي, نادرا ما يتواجد عمل”.
ويضيف: “قد يصل بنا الحال إلى التسول في الشوارع. ماذا نفعل غير ذلك؟
ويستدرك ضاحكاً: “لو كنت بأوروبا هلا ما كنت بحاجة اشتغل هالشغل المتعب، كل شيء كان متوفر إلنا نحن كبار السن, من راتب وتأمين جميع مستلزمات الحياة”.
ومنذ عشرة أعوام، افتتح فوزي عثمان (73 عاماً) بسطة صغيرة على أطراف جسر بسوق القامشلي, يبيع فيها القهوة والشاي, وأصبحت مصدر رزقه الأساسي والوحيد.
يقول الرجل السبعيني، لنورث برس: “بعد وفاة ولدي الكبير كنت مجبراً على العودة للعمل بعد كل هذا العمر”.
وفي السابق ولمدة 37 عاماً، عمل المسن في الزراعة من حصاد واهتمام بالأراضي الزراعية، لكن بعد تقدمه في العمر صار ذلك العمل متعباً وغير مناسب لوضعه الصحي.
ولكن وبسبب الوضع المعيشي والاقتصادي “الذي نمرُّ فيه، خاصة بعد فقداني لولدي الوحيد، لم يكن هناك خيار آخر أمامي سوى العمل من جديد”.
وبصوت تخنقه العبرة والإرهاق، يقول لنورث برس: “بعد سنين من العمل الشاق والمتعب, عدت مرة أخرى للعمل على بسطة صغيرة. لازم أمن مصروف بيتي”.
وبعد تدهور وضعهم المعيشي وعدم قدرتهم على تحمل أعباء مصاريف الحياة، فتح غسان حجي محمد (61 عاماً) محلاً لتصليح الأدوات الكهربائية, وبدأ العمل.
ويعيش الستيني مع أولاده وزوجته في بيت إيجار بعد نزوحهم من دمشق لمدينة القامشلي, يقول لنورث برس: “وضعي الصحي لا يساعدني في العمل بتصليح الأدوات الكهربائية، والعمل لساعات متواصلة وطويلة”.
ورغم الجهد الذي يبدله والتعب الذي يلاقيه، يتساءل المسن: “في حال لم أعمل من سيؤمن مصروف عائلتي ويقدم لنا؟
ويعمل الرجل قرابة 12 ساعة يومياً في تصليح الأدوات الكهربائية ضمن محله, ويضيف بلهجته العامية: “لو يصحلنا نشتغل أكتر ما بنقصر, بس وضعي الصحي غير مساعد”.
وما يثير تذمره أكثر هو أنه “بالرغم من قضاء أغلب الوقت في العمل، فما نجنيه لا يكفينا لنعيش لآخر الشهر”.