“النصرة حصانها الأسود”.. كيف تدير أنقرة تناحر فصائل المعارضة شمالي سوريا

غرفة الأخبار- نورث برس  

رغم تباين الآراء حول موقف تركيا ودورها، في كل ما تشهده مناطق سيطرتها وفصائل المعارضة السورية الموالية لها، من حالة نزاع وصراعات داخلية بشكل مستمر، إلا أن جميعها تشير إلى أن تركيا تدعم الجميع ولكنها تضعهم في ميدان سباق للحصول على الدعم منها، لتبقى أدواتها لترسيخ أطماعها التوسعية في سوريا.

ولطالما تتناحر تلك الفصائل فيما بينها حول توسيع نطاق نفوذها وخاصة على المعابر الحدودية وطرق التهريب سواء المخدرات أو البشر، أو تقاسم السرقات كما هو الحال في عفرين وفقاً لعشرات التقارير الصحفية، وسط حالة من الفلتان الأمني تسود تلك المناطق.

وفي نهاية كل حلقة من مسلسل تلك الصراعات، تجد التدخل التركي حاضراً بقوة، حيث أصبح الشارع في مناطق سيطرتها والجيش الوطني الموالي لها على دراية تامة بسيناريو كل حلقة تنتهي وفق هوى مصلحة الضامن.

كيف تدير الصراع؟

يقول ناطق باسم لواء الشمال الديمقراطي المنضوي تحت راية قوات سوريا الديمقراطية القيادي محمود حبيب، إن تركيا في إدارتها لتلك الصراعات بين الفصائل، تركز على عدة قواعد، تتقدمها العسكرية.

ويضيف “حبيب” لنورث برس: “تراقب تركيا تطور الفصائل عسكرياً وتضبط هذا التطور من حيث العدد والعتاد، إذ لا تسمح لأي فصيل بتعاظم قوته لدرجة يصبح من الصعب احتوائه وبذلك يبقى مرتهناً للقرار التركي”.

تليها العنصرية، حيث “تضع قادة وفصائل التركمان في مقدمة اهتمامها لأنها لا تثق بالآخرين من جهة ومن جهة أخرى يساعدونها في عملية التتريك متعددة الجوانب تمهيداً لضم تلك المناطق”.

فيما تركز “على التيار الإخواني وتعطيه كامل الصلاحيات، لأن الخطاب الديني يؤمن لها الكثير من المغرر بهم كوقود لمعاركها، وبذلك تنفق عليهم وتعطيهم أفضلية” وفقاً للقيادي العسكري.

” الحصان الأسود

ولكن تلك الصراعات غالباً ما تكون بين هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) إلى جانب فصائل موالية لها ضمن الجيش الوطني من جهة وبين فصائل الأخير بين بعضها من جهة أخرى، ليبرز سؤال هو: كيف تمول وتدعم  تركيا الفصائل المختلفة؟

ويرى “حبيب” أن “القضية معقدة” لأن تركيا في النهاية “تدعم الجميع، ولكنها تضعهم في ميدان سباق للحصول على الدعم وفي هذه المنافسة كل شيء متاح ومشروع”.

والمتاح والمشرع هنا، يشير إليه القيادي بـ”قضايا الاغتيال والاشتباكات المسلحة المستمرة للسيطرة على مصادر التمويل من إتاوات وسرقة وابتزاز يتعرض لها السكان. وبذلك تستفيد تركيا من خدمات هؤلاء المرتزقة من دون أن تصرف عليهم إلا بالحدود الدنيا”.

ولكن تبقى الفصائل ذات الغالبية التركمانية وبالأخص إذا كان قادتها ينتمون لتنظيم الإخوان المسلمين هي “المقربة من تركيا ويسهل عليها تمرير سياساتها الحالية أو المستقبلية في تلك المناطق”.

ويشير القيادي العسكري هنا إلى الدعم التركي لهيئة تحرير الشام معتبراً إياها “الحصان الأسود لتركيا في استغلال الأزمة السورية”.

 ويضيف: “هذا الاعتبار لأنها ساعدت كثيراً في توزيع السيطرة وكانت مسؤولة عن حصة تركيا من الكعكة السورية وفي نفس الوقت هي العصا الغليظة التي تهدد وتضرب بها أي فصيل يخرج عن السيطرة”.

موقفان متناقضان

تتخذ تركيا في العلن موقف الصامت حيال عمليات الاقتتال والفوضى الأمنية في مناطق نفوذها بسوريا لعدة أسباب تتقدمها وفقاً للقيادي محمود حبيب، “تريد تركيا من هؤلاء أن يبقوا خاضعين لها حتى تستطيع زجهم في أي صراع”.

كما تعتبر تركيا أن “العنف الذي تقوم به الفصائل يلهي الشعب عن مطالبة تركيا الوفاء بوعودها من جهة عودة النازحين إلى مناطقهم والمعركة الكبرى التي ستحرر بها تلك المناطق”.

ولكن الأهم هو “التضييق على السكان وخاصة الكرد لإجبارهم على ترك مدنهم وقراهم كي يتسنى لها خلق منطقة ذات غالبية تركمانية وعربية من خلال التغيير الديمغرافي وبذلك تحقق أمراً مهماً ألا وهو توطين العرب والتركمان، الأمر الذي يمهد لاقتطاع تلك المناطق في المستقبل وضمها إلى تركيا”.

“تحقق مصالحها”

يقول الباحث في مركز جسور للدراسات رشيد حوراني، إن أنقرة في إدارتها للصراعات التي تندلع بين فصائل المعارضة التي تدعمها في مناطق الشمال السوري، تحاول كغيرها من الدول المتدخلة في الساحة السورية “تحقيق مصالحها، وقطع الطريق على كل ما من شأنه تهديد أمنها القومي”.

إعداد وتحرير: مالين محمد