هاني سالم ـ إدلب
“حيثما يكون القصف تتبدد خيارات الحياة”، هكذا يصف فاروق بوران (29 عاماً) وهو خريج أدب عربي من جامعة دمشق، حياة عمال المياومة في إحدى ساحات مدينة إدلب.
يقول “بوران” لنورث برس: “تخيل أن تفني يومك كله من أجل غداء أو عشاء أو حتى ثمن دواء لأبنائك ويأتي القصف ليسد عنك هذا الرمق الأخير”.
ونزح “بوران” من مدينة إدلب إلى بلدة سلقين على الحدود التركية جراء القصف الحكومي الذي يستهدف المدينة وريفها منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بوتيرة تشتد أحيانا وتضعف أخرى.

يقول “بوران” نقف لساعات عند دوار المحراب أو دوار الشمعات أو حتى المتنبي في مدينة إدلب أملا أن نحصل على من يرغب بحمل أكياس إسمنتية وغيره أو حتى رفع البلوك و مواد البناء بالطرق التقليدية، لتكون أملا لنا في استمرار الحياة ليوم جديد”.
ويأتي هذا في ظل غلاء فاحش فرضته الليرة التركية، وانحسار في قطاع العمل، ورغم كل ذلك “كنا نعيش. مستورة الحمدلله”، ويضيف: “لكن مع تكرار قصف النظام بإدلب وريفها، توقفت حركة العمل وبات البحث عن مصدر رزق جديد أمر ضروري لكن لم أجد حتى الآن”.
وبحسب إداري في مكتب التشغيل في حكومة الإنقاذ، فإن مستوى البطالة الذي تعكسه طلبات الشبان المقدمة للوظائف في حكومة الإنقاذ يزيد عن “5200” طلب وظيفي تعتبر بحكم “المرفوضة” بسبب مرور أكثر من عام عليها، وسط إقبال أكثر على التسجيل رغم علمهم بأن نسبة الرفض تصل لـ90% بسبب اكتمال غالبية الشواغر.
يحتار عايد الأصفري (33 عاماً) وهو رب أسرة مكونة من خمسة أطفال وأمهم، في تأمين دخلهم اليومي بعد أن هرب من بلدة أريحا بريف إدلب نحو مخيمات أطمة بسبب قصف الحكومة.
وبالتالي توقف عمل “الأصفري” بالمياومة، “هذا يعني أن نموت جوعاً، فكل يوم لا أعمل به يعتبر خسارة كبيرة لنا، خصوصاً أننا لا نملك أي مدخرات مالية تساعدنا على إطعام أطفالنا”.
ويشير ليث العلوش، (41 عاماً) من ريف حماة، وهو مسؤول ورشة مياومة في ساحة تجمع العمال بمدينة إدلب، إلى أن قطاع عمال المياومة تراجع بنسبة “75% خلال الشهر الأخير”، وذلك يعود “للخوف وعدم الاستقرار بسبب القصف العشوائي والمتقطع لقوات النظام على مدن وقرى إدلب”.
وانخفض فعدد العمال ضمن ورشة “العلوش” من 30 عاملاً إلى 8 عمال خلال شهر. “فالجميع يبحث عن النجاة من القصف لكن النجاة من الفقر وإيجاد طرق للعمل هو الأصعب في إدلب وريفها”.
ويضيف: “بعض العمال بقي رغم خطورة الوضع وإمكانية استهداف المدينة، معتبرين أن الموت قصفاً أرحم من الموت جوعاً”.