الفلتان الأمني والاقتتال المستمر ما بين الفصائل شمال حلب يثير قلق السكان
مؤيد الشيخ ـ ريف حلب
يخشى جهاد الحسين، من إرسال أطفاله إلى المدرسة التي تبعد عن منزله مسافة 1500 متراً خشية اختطافهم أو إصابتهم برصاصة طائشة ناجمة عن خلاف بين شابين على أمر “تافه” أو بين فصيلين من أجل معبر ما.
وتأتي خشية “الحسين”، تعبيراً منه عن أبسط الصراعات والخلافات التي تنشب في مدينة الباب التي يعاني سكانها من الفلتان الأمني بشكل كبير واستخدام الأسلحة في أصغر الخلافات والمناسبات.
وتعتبر مدينة الباب شمال شرقي حلب، حالها كحال معظم المناطق التي تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني السوري الموالية لتركيا، مسرحاً للاشتباكات والاقتتالات ما بين الفصائل العسكرية والسكان الذين غالباً هم محسوبون أو تابعون لتلك الفصائل.
إذ لا يكاد يمر يوم دون اندلاع اشتباكات أو حصول مشكلة يستخدم بها السلاح الخفيف والمتوسط وحتى الثقيل وربما استخدام القنابل والقذائف الصاروخية التي جرى استخدامها آخر مرة الأسبوع الفائت باقتتال بين نازحين من منبج وآخرين من دير الزور.
اقرأ أيضاً:
- فلتان أمني يسود بلدة بريف حلب الشمالي على خلفية اقتتال بين عائلتين
- طعن وأعيرة نارية.. فلتان أمني بمناطق سيطرة المعارضة بريف حلب
- فلتان أمني واشتباكات منذ أيام بريف حلب
- “فلتان أمني” .. توتر بين عشيرتين لمستوطنين بريف عفرين
يقول “الحسين” (45 عاماً)، وهو من سكان مدينة الباب، حيث يسيطر عليها أكثر من عشرة فصائل تابعة للجيش الوطني أبرزها السلطان مراد والجبهة الشامية، لنورث برس، إنه ومنذ نحو شهر لم يقم بإرسال أطفاله الثلاث إلى المدرسة البعيدة عن منزله خشية تعرضهم لأذى”.
وتخوف “الحسين” جاء بعد علمه بإصابة طفل جاره المهجر من ريف دمشق برصاصة طائشة أثناء مروره بالشارع المؤدي إلى مدرسته والذي كان يشهد اشتباكات ما بين عائلتين إحداها كانت تستهدف الأخرى بقذائف الـ RPG.
وأشار “الحسين” إلى أن مدينة الباب في الحقيقة لم تعد قابلة للعيش والسكن في ظل وجود تلك الفصائل وانتشار العصابات بكل مكان واستخدام الأسلحة في أصغر خلاف بين جارين أو شخصين في الشارع أحدهما لم تعجبه نظرة الآخر.
وما يثير انزعاج الرجل أكثر هو أن الشرطة العسكرية والمدنية التي يفترض أنها توقف مثل تلك الحالات وتمنعها، فإن عناصرها والمحسوبين عليها “هم من يفتعلون أغلبها”.
ويضيف: “في الحقيقة بتنا نشعر أننا نعيش في غابة القوي بها يأكل الضعيف، ونحن حقيقة من الفئة الأخيرة حال معظم السكان هنا، لا حول لنا ولا قوة”.
وفي أعزاز التي لا تبعد كثيراً عن الباب والتي أيضا لا يختلف حالها كثيراً، يغلق أكرم عنتابي (38 عاماً) محله لبيع المواد الغذائية بداية مساء كل يوم، نظراً لتواجده في منطقة تشهد اقتتالات ما بين الفصائل وبين عائلات محسوبة على تلك الفصائل.
واعتاد زبائنه على جوابه بعد كل سؤال عن سبب إغلاقه مبكراً؟ يقول: “الرزق على الله ما بدي أخسر حياتي ورمل زوجتي ويتّم أطفالي مشان كم ليرة، وأكون أخيراً مجرد نعوه تكتب على جدران مواقع التواصل الاجتماعي أنه قتل برصاصة طائشة”.
وأشار عنتابي إلى أن الأوضاع الأمنية في شمال حلب عامة، “في حالة يرثى لها وباتت مزعجة للغاية والسكان على شفى لحظة من الانفجار بسبب تلك الأوضاع”.
وعدد أدهم الحلبي، وهو اسم مستعار لناشط إعلامي يقيم في عفرين شمال حلب، أوجه الفلتان الأمني في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني تحديداً في عفرين وأعزاز، منها “الاغتيالات وحالات الخطف وطلب الفدية، وزرع العبوات الناسفة في الشوارع والأسواق، بالإضافة للتفجيرات الدامية التي غالبا ما تودي بحياة العشرات”.
ولفت إلى أن الفلتان الأمني كان في السابق “عبارة عن تفجير في سوق شعبي أو استهداف مباشر لسكان ومدنيين بذرائع مختلفة وهو ما كان يودي بحياة الكثير من السكان”.
وأضاف لنورث برس: “لكن اليوم الوضع بات مختلفاً إذ إن السكان يقتلون بسبب الفلتان الأمني الحاصل ما بين الفصائل نفسها”.