"واقع معيشي هو الأسوأ".. الغلاء يفاقم معاناة سكان عفرين وفصائل المعارضة تؤجرهم ممتلكاتهم
ريف حلب الشمالي- دجلة خليل- نورث برس
واقع معيشي هو "الأسوأ" يتحدث عنه نشطاء ومنظمات حقوقية حول ما وصل إليه حال سكان منطقة عفرين من المتبقين تحت سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها منذ أذار / مارس 2018.
وموجة الغلاء الأخيرة التي أعقبت تدهور قيمة الليرة السورية، والانتهاكات المستمرة من جانب الفصائل أفقدت الكثيرين موارد دخلهم الشحيحة، في ظل أوضاع وصل فيها سعر ربطة الخبز التي تحوي /9/ أرغفة إلى ألف ليرة سورية، فيما بات البرغل بديلا للكثير من العائلات التي لا تمتلك القدرة المادية لتأمين احتياجاتها اليومية.
"غلاء فاحش"
وقال فاضل عمر (وهو اسم مستعار لأحد سكان عفرين، طلب عدم ذكر اسمه)، إن المدينة تشهد غلاءً فاحشاً في أسعار المواد الغذائية الأساسية، "باتت الأحوال في عفرين لا تطاق، فقد وصل سعر/9/ أرغفة من الخبز إلى ألف ليرة سورية".
ويأتي ذلك في ظل فقدان الكثير من العائلات لمصادر رزقهم من أراضي وبساتين ومحلات بعد استيلاء منظم من قبل فصائل الجيش الوطني، في خطوة لدفع السكان إلى التهجير، وفق ما تؤكد المنظمات الحقوقية المحلية، الأمر الذي فاقم من أوضاعهم المعيشي بشكل مضاعف.
ويضيف "عمر" أن لتراً من المازوت بات يباع بـ/2000/ ليرة سورية، في حين يباع لتر البنزين بـ/1800/ ليرة، كما تجاوز سعر كيلو السكر /1500/ ليرة ، بينما بلغ سعر جرة غاز، /27/ ألف ليرة سورية.
ويؤكد الشاب أن مختلف المحلات والمتاجرة داخل مدينة عفرين باتت تضع تسعيرة للمواد والبضائع بالعملة التركية، ولكن التعامل لا يزال بالليرة السورية.
وكانت "الحكومة السورية المؤقتة" التابعة للائتلاف المعارض قد قررت في بيان سابق لها قبل أسبوع، أنها سوف تبدأ بضخ عملة تركية من فئة /5/ و/10/ و/20/ ليرة في الأسواق شمالي سوريا خلال الفترة المقبلة، وذلك "بغية الحفاظ على القوة الشرائية للمواطنين وحماية أموالهم وممتلكاتهم ولتسهيل التعاملات اليومية".
وكانت مصادر محلية قد أكدت لـ"نورث برس" أن المديرية العامة للبريد التركي"PTT" التي تنتشر مراكزها بمناطق سيطرة فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي، قد بدأت بضخ كميات كبيرة من فئة الليرة التركية، في خطوة تستهدف استبدال الليرة السورية بالعملة التركية بشكل رسمي، لأول مرة منذ سنوات.
"مصادر دخل معدومة"
وقالت الصحفية أمينة مصطو، والتي تعمل في مجال توثيق الانتهاكات في المنطقة، لـ"نورث برس" إن "السكان المتبقين داخل عفرين يعانون من وضع معيشي يعتبر الأسوأ منذ احتلال عفرين نتيجة الارتفاع الأخير لسعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية"، بحسب تعبيرها.
وأضافت الصحفية أن بعض السكان يعتمدون على المساعدات البسيطة التي يرسلها أبنائهم في الخارج والتي كانت بالكاد تكفي لتغطية الحاجات الأساسية، فيما يعتمد قسم كبير منهم على راتب بالعملة السورية، فيما انعدمت مصادر الدخل لدى السكان الأصليين بعد استيلاء المسلحين من فصائل الجيش الوطني وعوائلهم على المحلات التجارية ومنازل المدنيين وبساتين الزيتون".
"البرغل بديل الفقراء"
من جانبها قالت حنيفة علي(اسم مستعار) من سكان قرية معملو التابعة لناحية راجو بمنطقة عفرين إن عدد أرغفة الخبز التي تم تخصيصها لكل عائلة قليل ولا تكفي لأغلب العائلات،" خصصوا لكل عائلة/9/ أرغفة بغرض النظر عن عدد أفرادها".
ولفتت علي إلى أن فصائل المعارضة المسلحة نهبت سبق أن محتويات الفرن الموجود في قريتها، لذا توقف عن العمل منذ بدء سيطرة الأخيرة على القرية عام 2018، "تضطر أغلب العائلات للاعتماد على طبخ البرغل كبديل للخبز، وبعضها التي تمتلك القدرة المالية تصنع الخبز في المنزل".
ويبلغ سعر الكيلو من الطحين في منطقة عفرين /800/ ليرة سورية، بحسب ما أشارت إليه علي، لافتة إلى أن أجرة المواصلات من قريتها إلى مدينة عفرين والتي تبعد عنها حوالي /30/ كم، وصل إلى /2500/ ليرة سورية.
وكانت قد أصدرت غرفة التجارة للمجلس المحلي في مدينة أخترين بريف حلب الشمال الشرقي، الاثنين الماضي، تعميماً بتثبيت الأسعار بالليرة التركية، بما فيها أجور العمال اليومية والمحاصيل الزراعية.
"سكان يستأجرون ممتلكاتهم"
وتشير "مصطو" إلى أن "الانتهاكات وصلت في بعض الحالات إلى استئجار السكان لمحلاتهم وبيوتهم التي يمتلكونها من المسلحين كما في قرية جقلي شية وداخل مركز المدينة".
وأوضحت أن "الغالبية من السكان بات مفلساً مادياً حتى الأغنياء منهم، بسبب الدفع المتكرر للفدية والإتاوات للمسلحين الذين يزيدون المضايقات على المدنيين لدفعهم للتهجير وتفريغ المدينة من أهلها".
وقالت إن "المنظمات الموجودة في عفرين تقدم المساعدة فقط لعوائل المسلحين من فصايل الجيش الوطني"، متهمة "منظمات قطرية بالعمل على فتح مشاريع في عفرين وتشجيع التوطين فيها".
وعبرت عن اعتقادها بأن "على المنظمات الحقوقية النشطة في المنطقة أن تتحرك بسرعة لإنقاذ من بقي في عفرين من التهجير ومساعدة ليبقوا متمسكين بأرضهم وأرزاقهم".
وتسيطر القوات التركية مع فصائل المعارضة المسلحة التابعة لها على منطقة عفرين منذ الـ/18/ من شهر أذار/ مارس من عام 2018، وسط استمرار لحالة لفتان أمني، وانتشار عمليات الخطف لأجل الفدية والقتل والتضييق على السكان الأصليين، وفق ما تؤكد تقارير منظمات حقوقية.