هل تنشّط زيارة الأسد الثانية للسعودية مسار التطبيع بين البلدين؟
ليلى الغريب ـ دمشق
تتركز الأنظار دائماً إلى ما يمكن أن تحمله زيارة الأسد لأي بلد عربي، ويكون حضوره حدثاً بحد ذاته بعد سنوات القطيعة، خاصة عندما تكون الزيارة إلى السعودية رأس حربة الدول المعادية للأسد؟
الزيارة الأولى له بعد بداية الحرب في سوريا كانت في أيار/ مايو الماضي، لكنها لم تحقق التطبيع المأمول بين البلدين، فهل يمكن لمشاركته في القمة المشتركة الاستثنائية الحالية أن يحقق خطوات ملموسة في هذا الاتجاه؟
“أضاع الفرص“
عضو المكتب السياسي في حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، في سوريا محسن حزام، يقول لنورث برس، إن “النظام السوري لديه مشكلة مع المحيط العربي ناتجة عن تفاعل الأزمة السورية وتداخلاتها، علماً أن فرصاً متعددة جاءته ورفضها”.
من تلك الفرص بحسب السياسي، “إعادته إلى كرسي الجامعة العربية عبر تصريحاته الاستعلائية، وأيضا دعوته إلى مؤتمر القمة الذي وجه فيه درساً لكافة الحاضرين، وعندما بدأ مسار التطبيع معه لم يلتزم بمخرجات المجموعة الوزارية في عمان”.
أضاف “خزام” أنه اليوم، هذا المؤتمر لن يكون بخصوص بحث مسار التطبيع لأنه بخصوص غزة والعنف “الإسرائيلي” غير المسبوق الذي مورس على شعبها.
لكن لا بد أن يتخلله لقاءات جانبية بخصوص العديد من المسائل البينية، “يمكن أن يستغلها النظام في فتح مسار التطبيع مع السعودية على وجه الخصوص الذي تعطل بعد عملية طوفان الأقصى التي قلبت الطاولة على كل المخططات الإسرائيلية في المنطقة وعطلت المسارات الإقليمية”.
ورأى “خزام” بأنه “ليس هناك فرصة للنظام بهذا الخصوص، إذ إنه مرهون بنتائج الحرب على غزة، لأنها ستغير وجه المنطقة، من منطلق أن ما بعد غزة لن يكون كما قبلها على مستوى القضية الفلسطينية التي تنعكس ذيولها على جميع النظم العربية المطبعة مع إسرائيل بما فيها الحالة السورية”.
وفي هذا السياق، أضاف: “إن صمود المقاومة كلما طالت مدة المواجهات مع الاحتلال ستغير كل الحسابات على الصعيد الإقليمي والدولي”.
“حفظ ماء الوجه”
في حين وصف الإعلامي المختص بالشأن السياسي، سامي حيدر، هذه القمة بقمة “حفظ ماء الوجه” بالنسبة لجميع المشاركين فيها، فبعد 35 يوماً من الدماء والمجازر، صار من المخجل فعلاً ألا يتحرك أحد.
وأضاف: “أسهل ما لدى القادة العرب أن يفعلوه هو القمة الطارئة التي لن تخرج بأي جديد مهم”.
لكل من القادة الحاضرين أهداف ومصالح، لكنها في النهاية مجرد إيحاء لشعوب صارت خبيرة بذاك النوع من القادة بأنهم سيتخذون موقفاً ما، بحسب الإعلامي.
ويضيف: “بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد هي مناسبة للظهور بأن النظام يخرج من عزلته، ويشارك مع نظرائه في بحث القضايا المصيرية، خاصة في السعودية التي يزورها للمرة الثانية بعد سنوات طويلة من القطيعة”.
ويشير “حيدر” إلى أنه لا يعتقد أن الرئيس السوري يراهن عبر مشاركته تلك على أي شيء “عدا ما يجمع غيره من الزعماء: محاولة حفظ ماء الوجه بعد صمت طويل على مجازر غير مسبوقة”.
إغلاق الملف
الحكومة السورية تعرف أن محاولة تكريس التطبيع مع السعودية، وهي بوابتها للدول الأخرى، رهن بشروط وخطوات كانت مطلوبة من دمشق التي يبدو أنها لم تبادر باتخاذها وهو ما أدى إلى إغلاق ملف التطبيع العربي نهائيا حتى الآن.
المفارقة أن ما جرى في غزة، ورغم كل التحليلات التي ذهبت إلى القول بأن “مغامرة” حماس كانت تستهدف عرقلة التطبيع السعودي الإسرائيلي، لم يفعل سوى تأجيل ذلك التطبيع، فرئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن أن الملف لم يغلق، وهو ما يزيد الهوة بين الرياض ودمشق، بحسب “حيدر”.