سوريون يرون أن قرار رفع سعر الخبز يهدد لقمة العيش ويصفونه بـ”الكفر”
ليلى الغريب ـ دمشق
وقّعُ قرار رفع أسعار الخبز على السوريين ليس كغيره من القرارات. فالخبز هو مادة أساسية في وجبات الأسرة، لهذا شكّل قرار رفع سعر الخبز غير المدعوم إلى أكثر من 100% خوفاً حقيقياً لدى غالبية الأسر.
وبداية الشهر الجاري، أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الحكومة السورية، قراراً ينص على رفع سعر مادة الخبز لجميع السكان المستبعدين من الدعم.
ونص القرار على أن يحدد سعر مبيع ربطة الخبز التمويني وزن /1100/غ للمستبعدين من الدعم وبالكمية المخصصة لهم وفق البطاقة الإلكترونية والمنتجة لدى المؤسسة السورية للمخابز ومخابز القطاع الخاص بسعر 3000 ل.س بعد أن كان سعر المبيع 1250 ل.س في السابق.
وحسب قول البعض، “الحكومة تحاربهم في لقمة الخبز، وليس كل من خرج من الدعم بوضع مادي جيد، فهنالك من تسببت السيارة التي تم شراؤها بالتقسيط، ومنذ سنوات بالخروج من الدعم”، كما أشارت الكثير من الأسر لنورث برس.
مظلومون بلا دعم
أكثر من 700 ألف أسرة تم إخراجها من الدعم، وبعد هذا القرار أصبح على أفراد كل هؤلاء مضاعفة المبالغ المخصصة لشراء الخبز، بشكل أضاف عبئاً جديداً إلى الأعباء اليومية المرهقة.
في اليوم التالي لقرار رفع سعر الخبز كانت حالة غليان كبيرة على الأفران، إذ إن عشرات الأشخاص الذين يعملون على بيع الخبز، رفعوا سعر الربطة التي كانوا يبيعونها بسعر 3000 ليرة إلى خمسة آلاف.
وأصبح هؤلاء يطلبون ثمن كيس الخبز الذي يتسع لربطتي خبز لا يتجاوز وزنه 2200 غرام في أفران الدولة، وأقل من ذلك بكثير في أفران القطاع الخاص، أصبحوا يطلبون مبلغاً يقارب العشرة آلاف ليرة.
تقول يسرى محمد، (45 عاماً) التي كانت تبحث عن سعر أفضل لربطة الخبز، إنها تضطر لشراء خبز حر بشكل دائم ليس لأنها لا تقف على الدور المزدحم، بل لأن مخصصاتها من الخبز لا تكفي أسرتها، وأنها تشتري أسبوعياً ما يعادل 3 ربطات خبز حر.
يقول علي العلان، (53 عاماً) وهو يقف أمام فرن مزة الشيخ سعد، إنه اشترى سيارة حديثة قبل بدء الحرب، وبعدما تهجر أصبحت هي كل ما يملكه.
“ظلم وكفر“
أضاف لنورث برس، يبدو أن هذا الإجراء كان غلطة عمره، وأن قرار رفع سعر الخبز هو “الكفر بعينه مع حالة الناس المتردية”.
وتساءل: ما هو المنطق الذي يفرض على من يملك سيارة قديمة أن يحصل على ربطة الخبز بمبلغ 3 آلاف ليرة إذا اشتراها من الفرن مباشرة، وعلى جرة الغاز بمبلغ 80 ألف ليرة؟ واصفا الأمر بـ”الظلم الكبير”.
ومن جانب آخر هنالك استنزاف دائم للخبز المدعوم الذي يباع بمبلغ 200 ليرة، في حين كلفة الربطة 5 آلاف ليرة كما تشير تصريحات المسؤولين في التجارة الداخلية بشكل دائم.
وتشير الأرملة لمى بدر، لنورث برس، أنها تأخذ كل مخصصاتها من الخبز، ولأن ولديها لا يتواجدان في البيت بشكل دائم، تعمد إلى تجفيف الخبز وبيعه كخبز يابس بسعر ألف ليرة للكيلو الذي اشترته بمبلغ 200 ليرة.
وتشدد على أنها مضطرة لهذا الإجراء، لتأمين مبلغ مالي يغطي بعض حاجياتها في أماكن أخرى.
سياسة مقررة
مدير سابق في وزارة التجارة الداخلية، بين أن قرارات رفع أسعار المواد المدعومة تصدرها وزارة التجارة الداخلية، لكن ليست هي الجهة المقررة، بل هذا سياسية حكومية تعمل على التخلص التدريجي من رفع الدعم.
وأضاف أن هذا الأمر كان يتطلب اتخاذ هذه الإجراءات منذ سنوات، وبنسب بسيطة لا يشعر بها الناس، كما يحصل الآن مع القفزات الكبيرة لرفع أسعار المواد المدعومة، ولكن هذا لم يحصل، وتتخذ هذه الإجراءات حالياً في وقت يعاني فيه الناس من ضائقة معيشية كبيرة.
في حين قال عضو في جمعية حماية المستهلك، لنورث برس، إن “قليلاً من الإبداع فقط يجعل الحكومة تفكر بمطارح أخرى لتحسين مصادر دخلها”.
وأنه رغم ارتفاع أسعار القمح عالمياً، وتكبد الدولة مصاريف استيراده بعدما كانت تصدره، “لكن هذا لا يبرر عدم البحث عن بدائل أخرى خارج جيوب الموطنين وهي كثيرة”.