أحمد الناصر – نورث برس
يتحضّر زين الدين لقطف ثمار الزيتون من أشجاره بوقت مبكر عن الأعوام السابقة؛ ويأمل الرجل أن يعوضه الإنتاج عن التكاليف التي دفعها.
زين الدين محمد (35 عاماً) من سكان قرية الصفرة نحو 30كم غربي الطبقة، شمالي سوريا، يملك 3200 شجرة زيتون مزروعة بمساحة 150 دونم، يعاني الرجل من ارتفاع تكاليف حقله، في ظل توقعات بتدني الإنتاج.
ويتخوف مزارعو أشجار زيتون في الطبقة، من تدني إنتاج أشجارهم نتيجة تعرّضها لعوامل جوية أثرت عليها، فضلاً عن انتشار الأمراض بين الأشجار مع بدء إزهارها.
تترافق مخاوف “محمد” مع ارتفاع تكاليف أشجاره التي دفعها ثمناً للمحروقات، حيث تحتاج الأشجار إلى 10 ريات في كل عام، بينما لم يستطع أن يسقيها سوى 7 بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وغياب الدعم.
ويشتكي مزارعو الأشجار المثمرة لا سيما الزيتون في الطبقة من غياب الدعم بالمحروقات، في ظل ارتفاع أسعارها في السوق السوداء، حيث يصل سعر البرميل إلى أكثر من مليون ليرة.
“محمد” اشترى المازوت من السوق السوداء بجميع الريات، حيث يعتمد الرجل على محرك ديزل لجر المياه إلى أشجاره.
عدا عن المحروقات التي يستخدمها لري الأشجار في أرضه، يحتاج المزارع لكميات من المادة لحراثة ما بين أشجاره وتقليمها، بواسطة آلة تعمل على المحروقات.
وعادة ما يبدأ قطاف الزيتون في بداية تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، حيث يحضر المزارعون الكميات التي قطفوها من أشجارهم إلى المعاصر القريبة.
وتتقاضى المعاصر أجرها لقاء استخراج الزيت بحسب النسبة أو يدفع لمزارع على كل كيلو مبلغاً معيناً من المال، وأمام أجرة العصر يحتار “محمد” بسبب توقعاته بتدني نسبة الزيت في ثمار الزيتون.
ووصل سعر تنكة زيت الزيتون (تزن 16 كيلو) إلى 60 دولاراً هذا العام، حيث ارتفع عن العام الماضي بنحو 10 إلى 20 دولاراً أميركياً.
في ظل التكاليف المرتفعة، وتوقعاته بتدني نسبة الزيت، ونقص الثمار في أشجار، يقول المزارع لنورث برس، إن ما يدفعه للاستمرار فيها هو ارتباطه بأشجاره “لم تعد تدر أرباحاً، لكنها غلاة حلال مو أكثر”.
يُباع سعر الزيتون دون عصر في الأسواق بسعر 8 آلاف ليرة، ويستخدمه السكان في مؤونة الشتاء، حيث يعتبر من أساسيات المؤنة لهم.
ويعد موسم الزيتون؛ موسماً رئيساً لغالبية سكان ضفة بحيرة الفرات الشمالي، في المنطقة الممتدة من الجرنية غرباً إلى الطبقة شرقاً.
توقعات لم تتحقق
في العام الماضي، كان يتوقع إبراهيم الصالح (44 عاماً)، وهو من سكان قرية شبهر، غربي الطبقة، أن تنتج أشجاره هذا العام كميات وفيرة من الزيتون، وهو ما يُعرف لدى مزارعي الأشجار بـ “المعاومة”، أي أنها تُنتج كميات كبيرة في عام وأقل في العام الذي يليه.
لكن خاب ظنه هذا العام، بسبب تراجع الإنتاج، وعدا عن تراجع كميات الثمار، انخفضت هذا العام نسبة الزيت في الثمرة، إذ إن 3 كيلو غرام في الأعوام الماضية أنتجت كيلو من الزيت، لكن هذا العام بات إنتاج الكيلو الواحد من زيت الزيتون يستخرج من كميات أكبر من حب الزيتون.
يعزو المزارع السبب للظروف المناخية، والجفاف الذي يضرب المنطقة وقلّة سقاية الأشجار، بسبب ضعف الدعم بالمحروقات.
يقول المزارع لنورث برس، إن الإدارة الذاتية تدعم المزارعين بـ 3 دفعات من المحروقات، والتي لا تكفي لأكثر من 3 ريات، رغم أن أشجار الزيتون في منطقة الجرنية تحتاج لما يقارب 10 ريات خلال الموسم.
وبالرغم من قلّة مخصصات الأشجار من المحروقات، لم يستلم المزارع سوى دفعة واحدة من المادة، الأمر الذي فاقم معاناته لارتفاع أسعار المحروقات في السوق السوداء، حيث يصل سعر المازوت إلى 5 آلاف ليرة.
وكما سابقيّه، يشتكي محمد علي (36 عاماً)، من سكان قرية الصفرة، غربي الطبقة، من ارتفاع تكاليف موسم الزيتون، مقارنة بإنتاجه هذا العام، حيث دفع ثمن محروقات ومبيدات وأسمدة وفق الدولار الأميركي.
ويُضاف لخسائره تلك، أجرة العصر والأيدي العاملة، فاقمها تراجع سعر تنكة الزيت مع بدء الموسم.
عوامل جوية
يقول المزارع لنورث برس، إن الزيتون في هذا العام سيُقطف قبل أوانه، نتيجة تساقط الثمار التي تأثرت بالعوامل الجوية والأمراض.
ومع بدء إثمار الزيتون، قال حمود الخلف، رئيس مكتب الوقاية في لجنة الزراعة والري في مجلس الرقة المدني، إنهم لاحظوا من خلال جولاتهم على بساتين أشجار الزيتون، بعض الأمراض والحشرات عليها.
وأضاف لنورث برس في أيار/ مايو الماضي، أن البعض من هذه الأمراض “اعتيادية” تظهر كل عام، منها “نيرون الزيتون” و”التربس”، وهي حشرات تهاجم الأشجار الضعيفة وتكون ناتجة عن نقص العناية بالأشجار.
لكن في هذا العام، كان هناك إصابات بـ “البسيلا” والتي تؤدي إلى فشل عقد أزهار الزيتون، إذ إنها لم تُسجل في المنطقة بشكل كبير في السابق، وتم تشخيصها من خلال ملاحظة نقص كبير بأزهار الزيتون مقارنة بالأعوام السابقة، بحسب الخلف.
من جهته، اكتفى خالد الشهاب، وهو رئيس الوحدة الإرشادية في الجرنية، بالحديث عن ترخيص أشجار والمساحات المزروعة بالزيتون لتحديد كمية المخصصات.
وقال في تصريحه لنورث برس، إن أعداد أشجار الزيتون في منطقة الجرنية يزيد عن 3 مليون و150 ألف شجرة، بمساحة تفوق 63 ألف دونم.