الرقة .. تأخر توزيع المازوت ينذر بخسائر للمزارعين
قيس الحمود – الرقة
لم ينتظر عمر استلام مخصصاته من المازوت الزراعي، إذ إن الانتظار كان سيكلفه خسارة محصوله، بسبب تأخرها.
عمر الحسين (45 عاماً)، مزارع من سكان قرية حويجة زهرة غربي مدينة الرقة، استأجر 40 دونماً، زرعها بالذرة الصفراء، يقول إنه لم يستلم مخصصاته من المحروقات.
ويشتكي مزارعون في الرقة، شمالي سوريا، من تأخر تسليم مخصصات الزراعة من مادة المازوت، ما يكبدهم تكاليف باهظة.
وتستهلك الساعة الواحدة لتشغيل محرك جر المياه؛ “الحسين” ثلاث لترات من مادة المازوت، أي أن على المزارع أن يدفع نحو 16 ألف ليرة، بينما تحتاج أرضه للري 7 مرات.
في كل رية يشغّل المزارع محرك الديزل نحو 50 ساعة لري ما استأجره من أرض، ما يعني أنه يدفع تكاليف باهظة ثمناً للمحروقات، عدا عن ثمن الزيت وتكاليف أعطال المحرك.
يقول “الحسين” إن محصوله شارف على النضوج دون أن يستلم مخصصاته من المازوت للموسم الصيفي، الأمر الذي يثير مخاوفه خلال الموسم المقبل، خاصة أن بعض المزارعين بدأوا بتحضير أراضيهم لزراعة القمح.
يأمل المزارعون في بداية الموسم الجديد تسليمهم مخصصاتهم من المحروقات، في ظل ارتفاع تكاليف تجهيز الموسم، يضاف إليها ارتفاع سعر المازوت في السوق السوداء، حيث يبلغ سعره 6 آلاف ليرة تقريباً.
بينما لم يستلم، هلال العلي (50 عاماً)، وهو من سكان ريف بلدة المنصورة جنوب غربي الرقة، سوى دفعة واحدة من مخصصات أرضه خلال موسم القطن، ومثلها لموسم الذرة الصفراء.
ويتخوف المزارع كما سابقه من تكرار سيناريو الموسم الفائت خلال الموسم الشتوي، ما يزيد مخاوفه ارتفاع سعر المازوت، يقول لنورث برس، بلهجته العامية: “إذا هيك الوضع نوقف ما نزرع أرضنا”.
ويتمنى الرجل من القائمين على الزراعة، حل مشكلة تأخير تسليم المزارعين مخصصاتهم من المازوت.
رغم أن الإدارة الذاتية أصدرت قراراً في نهاية تموز/ يوليو الماضي بزيادة مخصصات الزراعة من مادة المازوت، إلا أن المزارعين يقولون إنهم لم يستلموا الدفعات المخصصة لأراضيهم.
وفي وقت سابق من الشهر الماضي، أرجع مسؤول في لجنة محروقات في شمال شرقي سوريا، تأخر توزيع المازوت للقصف التركي على المنطقة والذي تسبب بإخراج منشآت للغاز والكهرباء والبترول عن الخدمة.
وتمثّل الزراعة المصدر الأول لدخل غالبة سكان ريف الرقة، إلا أن “إهمال” الزراعة بات يهدد هذا المصدر، ويشكل خطراً على الأمن الغذائي لسوريا عموماً، وفق تقارير أممية.
ويقول حسن الموسى (40 عاماً)، وهو من سكان قرية السحل، جنوب غرب مدينة الرقة، لنورث برس، إن المزارع لا يقطف محصوله، إلا بعد أن يتكبد خسائر فادحة، وقد لا يغطي الإنتاج قيمة التكاليف.
وتحتاج أرض “الموسى” التي تبلغ 15 دونماً مزروعة بثمار الزهرة، إلى أكثر من 30 لتر من مادة المازوت، في الوقت الذي يتجاوز فيه سعر برميل المازوت مليوناً ومئتي ألف ليرة.
طالب المزارع بمخصصاته لكن مبرر التأخير كان “أحداث دير الزور والهجمات التركية على شمال شرقي سوريا”، علماً أنه استلم مخصصاته في الموسم الماضي قبل أوانها.
ويتخوف المزارع من خسارة محصوله في ظل ارتفاع التكاليف، من أسمدة وبذور وحراثة والتي تقاس أسعارها بالدولار الأميركي.
ويفاقم ارتفاع سعر مادة المازوت معاناة حمد الشبلي، وهو من سكان قرية كسرة شيخ الجمعة، جنوبي الرقة، حيث يعمل الرجل بالزراعة، ويستأجر أرضاً زراعية بشكل سنوي.
ويعتمد “الشبلي” على الزراعة كمصدر أساسي لدخله، لكن ارتفاع التكاليف التي يُضاف لها سعر إيجار الدونم الواحد والذي يصل إلى 125 دولاراً، بات يهدد أرباحه ويدفعه للتفكير بالعزوف عن استئجار الأراضي.
وكحال سابقيه، يطالب بتسليم المزارعين مخصصاتهم لتقليل الخسائر التي يدفعونها، لا سيما من يزرعون بالإيجار.
ويتسبب عدم تسليم المزارعين مخصصاتهم، بتوقف جرار فهد إبراهيم، وهو من سكان كسرة شيخ الجمعة، إذ لا يستطيع وذويه شراء المادة من السوق السوداء، بسبب الكمية الكبيرة التي يحتاجها لزراعة وحراثة 15 هكتار.
يقول لنورث برس، إنهم لم يستلموا مخصصات أرضهم من المازوت خلال موسم الذرة الصفراء، مطالباً بضرورة تسليمهم للبدء بالموسم الشتوي.