لحظات انتظار تخرّجه تحولت لفاجعة.. كيف قضى آلان في قصف تركي؟
نالين علي ـ القامشلي
تجلس والدته شيرين، في ركن من غرفة صغيرة بمنزلها، تشاهد بعضاً من صور فلذة كبدها الوحيد، آلان، وبعضاً من أغراضه التي بقيت متروكة ذكرى لعائلته.
شيرين داوود (43 عاماً) والدة آلان العلي، الذي فقد حياته نتيجة قصف تركي استهدف أكاديمية لقوات مكافحة المخدرات في 9 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي, بناحية ديرك أقصى شمال شرقي سوريا، تعيش آلام فراق ابنها.
في ذلك اليوم، كانت تنتظر الأم مع أفراد العائلة، وصول ابنها إلى المنزل بعد تخرّجه من الأكاديمية، لكنه تأخر عليها، ليبدأ القلق يتسلل إلى قلبها.
تقول الأم الثكلى لنورث برس، محاولة حبس دموعها: “كان ولدي الوحيد, لا أستوعب حتى الآن فقدانه, كان الكبير في المنزل وسند لأخواته الشابات, كان من المجتهدين في مدرسته متفوقاً في جميع المراحل”.

آلان، كان شخصاً محبوباً لدى الجميع، “كل من عرفه كان يتحدث عنه, كان يترك بصمة جميلة في حياة كل شخص تعرف عليه”، تقول الأم.
انتظار الاتصال
في فترة المراهقة بدأ آلان، العمل في مغسلة سيارات إلى جانب دراسته, كان يعتمد على نفسه بشكل كبير، وبعد حصوله على الشهادة الإعدادية, ترك دراسته وبدء في العمل بمؤسسة التموين التابعة للإدارة الذاتية لـ 7 أشهر متواصلة.
ومارس الشاب عدة أعمال أخرى، حتى لحظة انضمامه لقوات مكافحة المخدرات، قبل شهرين، وقبل وفاته بشهر خضع لدورة تدريبية، بقرى ناحية ديرك.
تقول الأم: “في البداية لم أوافق على ذهابه للتدريب, لكنه كان مُصرّاً على الانضمام مع رفاقه لهذه الدورة. وافقت على ذلك بعد أن عرفت أن التدريب نظري فقط ودورس حول مكافحة المخدرات”.
وخلال فترة التدريب التي كان من المقرر أن تنتهي في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تواصل آلان مع والدته في الأسبوع الأول، ولكن في الأسبوع الثاني بدأت الاستهدافات التركية للمنطقة، والتواصل مع الشاب كان مقطوعاً.
خلال فترة القصف التركي لشمال شرقي سوريا، كانت الأم في انتظار اتصال من ابنها للاطمئنان عليه، ويخبرها فيه بأنه بخير ولم يصبه أي مكروه، “لكن طال الانتظار ولم أسمع صوته”.
وفي ليلة 9 تشرين الأول/ اكتوبر، قصفت تركيا أكاديمية قوات مكافحة المخدرات، “في ذلك الوقت لم أكن أعلم بأن ابني فقد حياته”، تقول “داوود”.
وفقد 29 عضواً من القوات الأمنية حياتهم وإصابة 28 آخرين بجروح إصابات عدد منهم خطيرة، بقصف تركي استهدف أكاديمية قوات مكافحة المخدرات في ديرك أقصى شمال شرقي سوريا.
وفي إحدى غرف المنزل وفي حيرة من أمرها، التفتت الأم إلى والد آلان، وكان هو الآخر قد أصابته التوتر والقلق، لتسأله: “هل المكان الذي تم استهداف هو مكان ابني؟ أجابني: الموقع الذي قصف كان نقطة عسكرية، ومكان آلان هو مركز للتدريب على مكافحة المخدرات”.
ومع الغموض الذي لف الحادثة، بدأت العائلة بالسؤال عن مصير ابنها، تقول الأم: “سألنا عنه في ديرك. أرسلنا التفاصيل لعدة أشخاص. كان الجميع يعلم بأن ولدي قد فارق الحياة, لكن لا أحد يستطيع إخبارنا بهذا الخبر المفجع”.
خبر مفجع
وفي اليوم التالي وبتمام الساعة السابعة مساءاً، علمت العائلة بأن أحد الأشخاص الذي كان متواجداً في الأكاديمية قد أصيب وهو في منزله، “ذهبنا إلى هناك سألنا عنه, ولكنه لم يستطيع إخبارنا بشيء. اكتفا بالقول: كان القصف في الليل، ولم نر أحداً وخروجنا من هناك, وإن شاء الله مكان آلان لم يصبه أي شيء”.

ولم يمضِ وقت طويل حتى سمعت العائلة بالخبر المفجع، “فقد ولدي حياته نتيجة القصف التركي”.
وتتساءل “داوود”: “ماذا تريد تركيا منا, ماذا فعلنا لها لتقوم بقصف شبابنا وأولادنا. على الدول المعنية التدخل ومنع تركيا من الاستهداف وعدم هدر دماء الأبرياء”.
يتحسر هجار إبراهيم، على فقدان صديقه آلان، فهو كان بالنسبة له “السند والأخ”، ويقول: “غيابه عنا ترك في نفوسنا فراغاً كبيراً، لم يبقَ منه سوى ذكريات جميلة ولحظات عشناها سوياً لن تنسى”.