تضم 12 ألف عنوان.. “المكتبة الوطنية في الرقة”

فاطمة خالد – الرقة

على كتف متحف الرقة الأثري؛ في أحد أحياء المدينة القديمة -حي ربيعة الرقي- الذي امتزجت جدران منازله بألوان لوحات احتضنت وسطها “المكتبة الوطنية”.

فتحت المكتبة الوطنية في الرقة أبوابها أمام المثقفين والقرّاء في الثالث من تشرين الأول/ كتوبر الفائت، تزامن افتتاحها مع الذكرى السادسة لطرد تنظيم الدولة الإسلامية” داعش” من المدينة.

وسط 12 ألف عنوان وأكثر، يصف مناف الموسى، وهو مدير المكتبة الوطنية، لنورث برس، المكتبة؛ ومدى أهميتها بالنسبة لمدينة الرقة ومثقفيها، والذين عانوا طيلة سنوات من افتقاد الكتب التي أُحرقت إبان سيطرة تنظيم “داعش”.

مساحة أثرية

بدأ العمل والتجهيز لإنشاء المكتبة منذ ثلاث سنوات، بعد أن دُمرت كل معالم الثقافة في الرقة، إثر الحرب حيث دمّر تنظيم “داعش” أثناء سيطرته على المدينة المراكز الثقافية وأحرق الُكتب والمكتبات بما فيها، ولاحق المثقفين.

وبعد العمل على المكتبة قررت لجنة الثقافة والآثار في الرقة، افتتاحها في حي ربيعة الرقي، بالقرب من متحف الرقة الأثري والجامع الكبير، لتكون تلك المنطقة مساحة أثرية تحمل طابعاً ثقافياً لمدينة الرقة، على حد قول “الموسى”.

ويضيف لنورث برس، أنهم جمعوا الكتب التي تضم 12 ألف عنوان مختلف من المراكز الثقافية القديمة؛ التي تدمرت أثناء الحرب، إضافة لوجود بعض العناوين المهداة من قبل مثقفين وأدباء في الرقة للمكتبة الوطنية، وذلك بهدف إغنائها بكافة أنواع الكتب.

تنقسم الكتب الموجودة في المكتبة إلى 20 قسماً بمختلف المجالات؛ ولكافة الفئات العمرية، فمنها ما هو يهتم بالأدب المحلي، وآخر في الأدب العالمي المترجم  من كتب وروايات فلسفة، ومنها ما هو يهتم بمجالات علمية وسياسية، بحسب “الموسى”.

وتتكلم الكتب بثلاثة لغات منها في الكردية، العربية والإنجليزية؛ لمحاكاة كافة القرّاء واهتماماتهم الفكرية وتوجهاتهم ولغتهم الأم.

طابع عباسي

يتميز بناء المكتبة الوطنية، بأنه يحمل الطابع العباسي حيث تم اكسائها بحجر الآجر المصنوع في أفران “هرقلة” غربي الرقة، والذي يضيف للمكتبة رونقاً قديما وبسيطاً ويضفي عليها لمسة من تراث الرقة القديم.

ويتكون البناء من عدة أقسام؛ إذ أن هناك قسم المكتبة الذي وُضع فيه الكتب، وقاعة للقراءة، وقسم آخر عبارة عن صالة لإقامة الفعاليات “الشتوية”، وزُينت جدران البناء من الداخل والخارج برسومات خطتها أنامل فنانين من الرقة.

“نحمل على عاتقنا كمكتبة وطنية حماية الإرث اللامادي المكتوب لمنطقة الرقة وإيصاله إلى المثقفين، بعد أن انتشلنا قسم من هذه الكتب من تحت أنقاض المراكز الثقافية القديمة التي تدمرت بفعل الحرب”، يقول الموسى.

ولإضفاء الطابع الرقي إلى المكتبة يشير المسؤول عنها، إلى أن افتتاحها كان بسيط وبعيد عن البروتوكول والطابع الرسمي فهي تشرع أبوابها أمام الجميع.

مضيفاً، واصفاً المكتبة الوطنية بأنها سفينة نجاة للثقافة في الرقة على وجه الخصوص، ولرواد الفكر والثقافة بعد “سنين عجاف” مرت على المدينة.

“مزيج روحاني”

وأوجدت إدارة المكتبة الوطنية آلية لاستعارة الكتب لمن يرغب، وذلك من خلال ترك بطاقته الشخصية شرط أن تكون مدة الاستعارة من 15 إلى 30 يوماً، تختلف بحسب حجم الكتاب، وفقاً لـ “الموسى”.

ويتابع أنهم يعملون على إنشاء صالة عرض سينمائي صيفية إلى جانب الصالة الشتوية الموجودة حاليا والتابعة لحرم المكتبة.

ويضيف أن بناء المكتبة جاء “في القلب النابض للمدينة بجانب متحف الرقة الأثري والجامع الكبير”، وهي الصروح الأبرز في تراث المدينة، لتسهيل عملية الوصول إليها من قبل الأدباء والمثقفين.

ويعلّل أن الفكرة من ذلك كانت “ليجد هؤلاء أيضاً مزيج روحاني لما فقدوا في برهة من الزمن، من ثقافتهم وهويتهم، وأيام جميلة أخذتها الحرب عنوةً ضمن هذا المكان”.

 وحالياً، يتم إقامة أمسيات شعرية وأدبية من قبل مثقفين في الرقة في المكتبة الوطنية، بهدف جمع النتاج الثقافي وتسليط الضوء على أهمية إنشاء هذه المكتبة والدعوة إلى القراءة، لما لها من آثار إيجابية على المجتمع، طبقاً لـ “الموسى”.

وذكر المسؤول عن المكتبة أنه سيكون هناك خطة مستقبلية، لإقامة محاضرات مسائية داعمة للثقافة والفكر والفن والسياسية أيضاً، إضافة لإقامة معارض الكتب لتسليط الضوء إعلامياً على مكانتها.

تحرير: أحمد عثمان