دمشق – وحيد العطار – نورث برس
لم يكن محمد غريب (اسم مستعار) يعلم أن نهايته ستكون على يد زوجته وابنيه الذين قاموا، أول أمس الجمعة، بمغافلته وإعطائه مادة منومة قبل إطلاق النار عليه وقتله وهو نائم في منطقة مضايا بريف دمشق.
لكن حادثة مقتل أب على يد أطفاله بمناطق سيطرة الحكومة السورية التي شهدت في أقل من شهر /6/ حوادث قتل متفرقة، لا تعتبر الوحيدة، ففي اللاذقية، أقدم قاصر من مواليد ٢٠٠٧، مطلع يونيو/ حزيران الجاري، على قتل والده بعد إصابته بمنطقة الصدر والكتف بعدة طلقات نارية مستخدماً بارودة روسية، بسبب خلافات عائلية.
وفي مدينة حمص وسط سوريا، فتح لصوص مسلحون، في 9 يونيو/ حزيران الجاري، النار على الشاب محمد علي العباس البالغ من العمر 17 عاماً، وقتلوه بغرض سلب دراجته النارية وبضعه آلاف كانت بحوزته.
وترافق ازدياد حوادث القتل خلال الأشهر الأخيرة بشكل ملحوظ مع تدهور للأوضاع الاقتصادية ما يلقي بضغوط إضافية على الوضع النفسي والاجتماعي للكثير من السوريين في ظل ما تشهده البلاد من حرب كانت لها آثار اجتماعية "مدمرة" وفق تقارير تعود لمنظمات دولية.
وتشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية أزمة اقتصادية خانقة في ظل تحذيرات من "مجاعة كبيرة" نتيجة الانهيار الكبير لليرة السورية أمام الدولار الأمريكي وانعكاساتها على الوضع المعيشي للناس.
وكشف مدير مستشفى السلمية الوطني، الطبيب ناصح عيسى، في 30 مايو/ أيار، عن وصول امرأة تنحدر من بلدة تل التوت شرق مدينة السلمية التابعة لمحافظة حماة إلى المستشفى متوفاة نحراً بأداة حادة، في ظروف غامضة.
وفي ذات اليوم شهدت بلدة زاكية بريف العاصمة دمشق، إقدام رجل على قتل شقيقه ببلدة ضمن أرض زراعية عائدة للمجني عليه.
ويعود سبب القتل، بحسب إفادة الجاني، إلى خلاف حول أربعة أمتار من منزل كان قد ورثه مع شقيقه من والدهما، بالإضافة إلى خلاف حول مبالغ مالية وأمور تتعلق بالميراث.
ويرى الباحث في علم النفس راغب بيك النجار، أن ازدياد حوادث القتل مرده العديد من العوامل النفسية المرتبطة بالظروف الحالية.
وأضاف" الضغوط النفسية والظروف الاقتصادية والإدمان على المخدرات المنتشرة بشكل كبير في المدن والبلدات السورية كلها عوامل مرتبطة بزيادة حوادث القتل".
ولم تُستثنى محافظة درعا التي تسيطر عليها القوات الحكومية من وقوع حوادث قتل مروعة، إذ أقدم حسن برهان حامد في الـ 25 مايو/ أيار الفائت، على قتل ابنة شقيقته، الطفلة ليمار عبد الرحمن البالغة من العمر عامين، وأخفى جثتها في موقع أثري مهجور قريب من منزل العائلة، قبل أن تعثر الشرطة على جثتها وتلقي القبض عليه في قرية جباب بريف درعا.
وقال مصدر من عائلة الضحية لـ" نورث برس"، أن القاتل كان قد تناول حبوب مخدّرة قبل إقدامه على " الجريمة".
وفي 28 أبريل/ نيسان الفائت ألقى فرع الأمن الجنائي في اللاذقية على امرأة بتهمة قتل رجل من مواليد 1956 داخل (كشك) يعمل به على اوتوستراد اللاذقية.
وفي حادثة أخرى، عُثِر على جثة فتاة تدعى ملك مقتولة بحي دير بعلبة بحمص ضمن المنازل المهجورة في 24 مارس/ آذار الفائت.
ويربط محمود العلي خريج قسم علم النفس بجامعة دمشق، كثرة حوادث القتل في بعض المناطق السورية بانتشار مشاهد العنف على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المرئية.
وقال لنورث برس: "حتى في الدراما السورية نلاحظ زيادة مشاهد العنف، وهذا يعكس على اللاشعور لدى الفرد ويدفعه إلى استسهال القتل والرغبة بتجربته"، داعياً إلى مراقبة المحتوى المرئي الذي يشاهده الأطفال لتجنيبهم من رؤية أي سلوك" غير سوي".
وتشهد سوريا حرباً منذ سبع سنوات على الأقل، أدت إلى نزوح أكثر من /11/ مليون سوري داخل وخارج البلاد، والتي باتت تتصدر قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم بمعدل 83 %، وفق تقارير دولية وأخرى صادرة عن منظمات الأمم المتحدة منذ العام 2019.