نبتة برية توفر مصدر دخل لنازح بريف الرقة

الرقة – نورث برس

صبيحة كل يوم؛ يخرج محمد إلى التلال المجاورة لمسكنه. يحاول الخروج بوقت أبكر من السابق؛ علّه يتمكن من جمع كمية أكبر من نبتة؛ وجد في جمعها مصدراً للرزق.

محمد العبد الله (45 عاماً) نازح من بلدة تادف بريف حلب، ويعمل بجمع نبتة الزعتر البري من تلال بادية الشامية القريبة من المخيم الذي يقطن فيه.

يقيم الرجل مع زوجته وأطفاله الثلاثة بخيمة مصنوعة من أسمال اشترى بعضاً منها، واعتمد على “بطانيات” تُقدم للنازحين، في مخيم عشوائي بقرية كسرة شيخ الجمعة 3كم جنوبي مدينة الرقة، شمالي سوريا.

امتهن النازح الذي ترك بلدته منذ 2014 جمع الزعتر البري منذ نحو أربع سنوات، اعتاد جمعها رفقة ولده لتحقيق أكبر كمية ممكنة يومياً.

يومياً، يذهب وولده إلى الوديان، مستقلاً دراجته النارية، لجمع النبتة التي تنضج في شهر تموز/ يوليو من كل عام.

ويقطف كميات تصل إلى أربع كيلو غرامات يومياً، ثم يعود إلى خيمته، حيث يفرشها ويعرّضها لأشعة الشمس، ويتركها لتيبس.

يقول “العبد الله” لنورث برس، إن الفترة التي يجمع فيها النبتة، تمتد بين شهري تموز/ يوليو، وتشرين الثاني/ نوفمبر، يضطر في الأيام ذات الحرارة المرتفعة للخروج باكراً خشية من حرارة الشمس.

فيما يعاني خلال أشهر الخريف من الرطوبة التي تتسبب بتأخر يباس النبتة ومن ثم التأخر في طحنها.

وتنمو نبتة الزعتر البري في بادية الشامية بكثرة، ويستخدمها العطارون (أصحاب محال بيع الأعشاب الطبية) في الطب البديل أو ما يُعرف محلياً بـ “الطب العربي”، لبعض الأمراض.

بعد أن يفرش “العبد الله” ما يجنيه على “شادر” وييبس، يقوم بطحنه بطريقة بدائية، وهي بالضرب بواسطة “كريك” أو أي أداة يدوية، ومن ثم يغربله، ويخرج الخشن منه، ويجمع بذور النبتة.

بعدها، يذهب بإنتاجه إلى سوق الرقة، ليبيع الكيلو الواحد منها بنحو 10 آلاف ليرة، تساعده على تأمين مصاريف أسرته، في ظل ظروف نزوح قاسية يعاني منه غالبية القاطنون في المخيم العشوائية.

يقول “العبد الله” إن ظروف النزوح وصعوبات تأمين المعيشة، دفعته لامتهان هذا العمل، إذ إنه يساعده بتأمين بعض الحاجيات، رغم دخله المتدني وفترته المحدودة.

ويضيف أنها مهنة شاقة في ظل وعورة الوديان وصعوبة جمعها، لكنها باتت مصدراً وحيداً ومتاحاً لرزقه.

في بلدته، كان الرجل يمتلك محل حدادة، كان يمثل مصدر رزقه الوحيد، لكن ظروف النزوح والتقدم في العمر والظروف الصحية أجبرته على اللجوء إلى العمل بمهنة جديدة، لذا بات الرجل ينتظر فترة جمع الزعتر البري للعمل به.

بعد انتهاء فترة جمع النبتة، سيعود الرجل دون عمل، كما غالبية أقرانه من النازحين في مخيمات الرقة العشوائية والتي يبلغ عددها 58 مخيماً.

يعاني هؤلاء من ظروف معيشية وإنسانية قاسية، في ظل “شبه انعدام” للمساعدات الإغاثية، والدعم بمستلزمات الشتاء، لذا فإن غالبية النازحين في المخيمات العشوائية يخيطون خيامهم من قطع الأقمشة وأكياس الخيش.

خلال فترة النزوح التي طالت لنحو 10 أعوام، اضطر “العبد الله” وأقرانه، للبحث عن فرص عمل يعيلون منها أسرهم، حيث يعمل الكثير منهم في الأراضي الزراعية القريبة وسوق الأعلاف والمواشي، في ظل قلّة فرص العمل.

غالبية النازحين في مخيمات الرقة العشوائية من أرياف حلب وحماة، والتي تسيطر عليها قوات حكومة دمشق منذ 2017، دُمّرت منازلهم ونُهبت أملاكهم.

تحرير: أحمد عثمان