غرفة الأخبار- نورث برس
ذهب سياسيون وباحثون بشأن ما تشهده جبهات الصراع في سوريا من تصعيد عسكري غير مسبوق، إلى أنه تنفيذً لاتفاقات تمت في كواليس اجتماع “أستانا” الذي عقد في 23 من أيلول/ سبتمبر الماضي، و”ربما من شأنها قلب موازين القوى”، في ظل جمود يسود الملف السياسي يوحي بأنه أصبح في “عداد الموتى”.
وتشهد جبهات الصراع في مناطق شمال غربي سوريا بين قوات الحكومة السورية والروسية من جهة وبين فصائل المعارضة الموالية لتركيا من جهة أخرى تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، حيث أدى إلى مقتل وجرح أكثر من 230 شخصاً ونزوح الآلاف من السكان في إدلب، وفق حصيلة سجلها قسم الرصد والتوثيق في نورث برس.
وجاء هذا التصعيد في أعقاب الهجوم على الكلية الحربية بحمص مطلع الشهر الجاري، والذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، حيث اتهمت الحكومة السورية “تنظيمات إرهابية” بالوقوف خلفه.
وكان الخبير العسكري أحمد رحال، قال في تصريح سابق لنورث برس، إن روسيا في تصعيدها على مناطق بإدلب “تبدي إصراراً على الوصول لطريق “m4″ وتطبيق التوافقات التي بدأتها مع تركيا”.
وأعرب رحال، حينها، عن اعتقاده أن “اجتماع صيغة أستانا والذي جمع وزراء الخارجية الروسي والإيراني والتركي في 23 من الشهر الماضي، يوحي بأنه أفضى إلى توافقات”.
“تفكيك تحرير الشام”
فيما يعلل محمود الأفندي الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية، لنورث برس، المواجهات العسكرية بالشمال الغربي لسوريا بأنها “بداية عملية تطهير المنطقة من هيئة تحرير الشام وذلك بالاتفاق ما بين الأطراف الروسي والسوري والإيراني والتركي”.
ويعتقد الأفندي أن الاتفاق بين الأطراف السالفة الذكر في تفكيك هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) “جاء بعد الاعتداء على الكلية الحربية بحمص بالمسيرات وما خلفه من ضحايا”.
وألزمت اتفاقية سوتشي 2017 تركيا بتفكيك هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) “ولكن هذا لم يحدث فهي تسطير اليوم على مساحات واسعة من إدلب وأجزاء من ريف حلب واللاذقية”، “ولكن تفكيكها يحتاج لوقت”، بحسب السياسي السوري.
ويضيف: “التصعيد العسكري في شمال غربي سوريا، هو ترجمة متأخرة لما ألزم به الجانب التركي ضمن اتفاقية سوتشي، وليس له أي علاقة بما يحصل في تطورات جيو سياسية”.
ويرى الأفندي، بأنه لولا المسيرات التي أتت على المدرسة الحربية في حمص، “لما كان الجانب التركي ليتحرك، حيث بعد الحادثة اتفقوا مع الجانب الروسي والإيراني وسوريا على تفكيك تحرير الشام”.
من جانبه يستبعد عبد الله الأسعد رئيس مركز رصد للدراسات الاستراتيجية، أن يكون سبب التصعيد العسكري في شمال غربي سوريا، الاستهداف الذي طال الكلية الحربية في حمص، “إنما هو موضوع داخلي من أجل الحاضنة الشعبية للرئيس السوري بشار الأسد، والأصوات التي كانت تتعالى ضد إيران في الفترة الأخيرة”.
ويضيف الأسعد لنورث برس: “الـ 5 ـ 7 من تشرين الأول هما عبارة عن نقلة نوعية في تعامل روسيا مع أميركا فيما يخص الشمال الغربي لسوريا”.
ووفقاً للباحث السوري، “واشنطن تريد ترتيب المنطقة داخلياً، “من اتجاه الشمال الشرقي باتجاه التنف والحدود الأردنية باتجاه حدود الجولان، من أجل الضغط على روسيا وإيران، أي تطويق أذرع روسيا في المنطقة من أجل الموقع الجيوسياسي لسوريا”.
ويضيف أن التصعيد في الشمال الغربي لسوريا، هو “روسي بحت”، حيث تريد الأخيرة، أن تبقى لديها بعد حربها في أوكرانيا أوراق قوة ضد أميركا، وأوراق القوة هذه هي “خطوط الاشتباك بين فصائل الجيش الوطني والميلشيات الإيرانية والنظام وقسد أيضاً”.
“لم يعد صالحاً للتطبيق”
يقول محمود الأفندي الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية، إن “القرار الأممي بشأن الحل السياسي بسوريا 2254 عندما أصدر في 2015، كانت الحكومة السورية تسيطر على 15- 20 % فقط من مساحة سوريا، ولكن اليوم تسيطر على 75 %، وتطبيق القرار أصبح صعباً وانتهت مدته”.
ويضيف: “لكن هناك نافذة صغيرة وهي اللجنة الدستورية لذلك الحل الوحيد هو الدستور السوري فقط”.
وبحسب الأفندي، اللجنة الدستورية حتى الآن لا تعمل “لأن سويسرا خرجت عن حيادها في الحرب الروسية الأوكرانية وصار من الصعوبة جمع الوفود في جنيف”.
روسيا عرضت أن تعقد الاجتماعات في دمشق أو أي مدينة أخرى ولكن بيدرسن يريدها في أفريقيا.
وفي أب / أغسطس الفائت، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن الاجتماع المقبل للجنة الدستورية السورية، المعطل منذ أكثر من عام، قد يعقد في العاصمة العمانية قبل نهاية العام الجاري.
وأُلغيت الدورة التاسعة لاجتماعات اللجنة الدستورية، منتصف تموز/ يوليو الفائت، بسبب رفض وفد الحكومة المشاركة، ما لم تُلبّي الأمم المتحدة مطالب موسكو بنقل الاجتماعات من جنيف السويسرية إلى إحدى المدن التي اقترحها الروس خارج أوروبا.
ويرى الأفندي أن الدول الأساس بالحل السياسي في سوريا “هما تركيا والولايات المتحدة والتي بعد قانون قيصر أعلنت عن موقفها ورغبتها بحل سياسي ينتهي بإزالة بشار الأسد ولكن هذا الأمر أصبح مستحيل، فلا يوجد أي توافق دولي في سوريا، وهذا امر مهم جداً”.
ويضيف: “الوضع الدولي والمعني بالملف السوري أصبح بالدرجة 3 أو 4 بعد الملف الأوكراني والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فملف الحل السياسي انتهى لدى عدة دول تقريبا، لذلك المعني فقط بقي الولايات المتحدة الأميركية لديها قانون قيصر وهي تمنع سوريا من النمو الاقتصادي بسيطرتها على مصادر الطاقة”.