سوريون يغلقون محالهم في مصر متأثرين بتداعيات كورونا
القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس
في منطقة حيوية بأحد الشوارع المتفرعة من شارع الملك فيصل الشهير في مصر بمحافظة الجيزة (جنوب القاهرة)، يعرض (منصور أبو مروان) وهو سوريٌ من حلب، مقيم في مصر منذ العام 2013، أدوات مطعمه للبيع، بعد أن قرر التوقف عن العمل، بعد ثلاثة أشهر منذ انتشار فيروس كورونا، ومع الإجراءات الوقائية المتخذة، والتي تسببت في تقليص أكثر من /50/% من دخل المطعم، حتى لم يعد يكفي سداد قيمة الإيجار والفواتير الشهرية.
"مصلحتي شيف شاورما، جئت إلى مصر وتشاركت رفقة أخي بهذا المطعم، وصار لنا سنين نعمل، لكن كورونا ضيقت علينا، وحالياً نبحث عن محل أصغر بدون صالة طعام، نقدم من خلاله الوجبات دليفري، ويكون أرخص في الإيجار والمصروفات الشهرية"، يقول (أبو مروان) لـ "نورث برس" متحدثاً عن تداعيات جائحة كورونا على نشاطه، وكيف أجبره على التحوّل إلى الاعتماد كلياً على "الدليفري" وغلق صالة الطعام، والبحث عن مطعم أصغر لا يكلفه أعباء مادية كبيرة شهرياً.
و"أبو مروان" هو واحد من أصحاب المطاعم والمتاجر والمحال التجارية من السوريين ممن تضرروا بشكل مباشر من تداعيات كورونا، والتدابير الوقائية المفروضة للحماية من انتشار الفيروس، ولجأوا إلى إعادة صياغة مفهوم عملهم بشكل يتجاوب مع التحديات المستقبلية ولا يكلفهم أعباء شهرية كبيرة كما هو الحال الآن.
حجم الضرر
وثمة ظاهرة مؤكدة تشير لارتباط انتشار كورونا بتغير وتوقف بعض النشاطات والمشروعات السورية، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال المحال والأجهزة والمعدات المعروضة من قبل أصحابها من السوريين في مصر عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، للتنازل أو البيع أو المشاركة، وهي إعلانات متكررة بصورة شبه يومية تكشف عن حجم الضرر الواقع عليهم.
وفي محاولة منهم للتغلب على تداعيات الأزمة عليهم، يقوم أصاب مطاعم وكافيهات ومحال مختلفة (أقمشة ومفروشات وحلاقة وخلافه) بعرض أدواتها للبيع، أو يعرضها أصحابها للمشاركة.
فيما يفكر الكثيرون من أصحاب المحال الصغيرة في الاعتماد مباشرة على "الإنترنت" كوسيلة للتسويق بدلاً من البيع المباشر عبر المحال.
وهو ما تؤكده "روعة.م"، سورية من حلب، مقيمة في مصر منذ 2014، والتي تلفت إلى أنها رفقة زوجها قررا ترك المحل الذي سبق واستأجراه معاً في مدينة السادس من أكتوبر لبيع ملابس الأطفال والملابس النسائية، وقررا اللجوء إلى الإنترنت للبيع، مع تخصيص غرفة بالمنزل لـ "تخزين البضاعة"، وذلك مع التكاليف الكبيرة التي ينفقونها شهرياً على الإيجار والفواتير المختلفة، وقد نبهتهم جائحة كورونا وتوقف العمل نسبياً لذلك الأمر بصورة مباشرة.
بدأت روعة وزوجها عرض كمامات للبيع عبر الإنترنت، ووجدا تفاعلاً، ما كان مشجعاً لهما للاعتماد كلياً على التسويق عبر مواقع التواصل، والتخلي عن المحل.
ما يعانيه السوريون من تداعيات سلبية على أنشطتهم هي حالة عامة يعاني منها الجميع في مصر في ظل جائحة كورونا، وهذا ما أكده لـ "نورث برس" رئيس رابطة الجالية السورية في مصر، راسم الأتاسي، في تصريحات سابقة، شدد خلالها على أن المعاناة الحالية هي معاناة عامة، وجميع أصحاب المحال متضررين من الأوضاع التي فرضها الفيروس، على أمل أن تنتهي الأزمة قريباً وتعود الأمور إلى ما كانت عليه.
حلول خاصة
وفي الوقت الذي تقاوم فيه المحال والمطاعم الكبيرة تداعيات الأزمة، لم يستطع كثيرون من أصحاب المحال الصغيرة تحمل التبعات، وراحوا يفكرون في حلول خاصة، بداية من التخلص من أعبائهم الشهرية الممثلة في المصاريف والإيجارات.
وهو ما يلفت إليه وليد مشرف، سوري من حمص، كان يعمل في أحد المطاعم بحي فيصل الشهير في مصر، والذي يقول إن أصحاب السلاسل الكبرى أو المطاعم الكبيرة الشهيرة لديهم من القدرة ما يؤهلهم على مواجهة التداعيات ولو بصورة جزئية، بينما أصحاب المطاعم الصغيرة في الأحياء الشعبية يعانون الأمرين، ضارباً المثل بوضعه في المطعم الذي يعمل به، وكيف أنه تم تخفيض الراتب وساعات العمل، بينما يفكر صاحب المطعم في إغلاقه نهائياً لقلة الإقبال والبيع وزيادة المصروفات.
ويشير إلى أن بعض أصحاب المطاعم والمحال يعرضون محالهم أو أدواتهم وأجهزتهم للبيع بدواعي السفر، وحقيقة الأمر أنهم لا يريدون الإشارة إلى كون البيع بسبب تأثرهم بالأزمة وليس السفر كما يدّعون، في محاولة من جانبهم لإيجاد مشترين.
وتواصلت "نورث برس" مع مسؤولين بالتجمع الخدمي السوري، والجالية السورية في مصر، للوقوف على بعض الأرقام التقديرية لخسائر التجار السوريين طيلة فترة الثلاثة أشهر الماضية، لكن لا توجد إحصاءات أو أرقام تقريبية تقديرية بشأن تلك الخسائر التي وصفها الأتاسي بكونها "بالتأكيد كبيرة على الجميع".