دمشق.. صناعيون يطالبون باستيراد القطن لتشغيل الآلات قبل أن تصدأ

ليلى الغريب ـ دمشق

بعدما توقفت الكثير من معامل الغزل والنسيج عن العمل بسبب عدم توافر القطن، طالب صناعيون بالسماح لهم باستيراد القطن، والموافقة على شرائه من المناطق الشرقية الواقعة خارج سيطرة الدولة، لكي لا تصدأ الآلات بسبب طول توقفها.

وقال صناعيون لنورث برس، إن تأمين القطن أصبح حاجة ملحة، لأن نقصها لفترات طويلة سينتهي  في إغلاق المعامل، وبأقل تقدير تقليص الإنتاج كثيراً، وهذا بالنتيجة يتسبب بضعف التنافسية في الأسواق الخارجية وارتفاع أسعار الألبسة والقطنيات كثيراً في الأسواق الداخلية.

مقابل هذا الإنذار الذي يطلقه صناعيون، يشعر العاملون في شركات الغزل والنسيج بـ”السعادة الحقيقية” حسب وصفهم للحالة، عندما يتبلغون أن الدوام سيتوقف بسبب عدم توفر الغزول، ولطالما توقفوا عن العمل في معامل الساحل مثلاً.

وفي تصريح لصحيفة الوطن، قال رئيس الاتحاد المهني لعمال الغزل والنسيج في الحكومة السورية، محمد عزوز، إن كمية إنتاج القطن تقدر بحوالي 56 ألف طن في عموم مناطق سيطرتها.

ومنتصف الشهر الفائت، وافق الحكومة السوية على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة تحديد سعر شراء الكيلو غرام الواحد من محصول القطن المحبوب من الفلاحين لموسم عام 2023 بمبلغ قدره 10000 ل.س واصلاً أرض المحالج.

وأشار عزوز إلى أن التقديرات السابقة عند وضع الموازنة كانت 71 ألف طن وتم حينها رصد المبلغ على سعر القطن حينها بقيمة 4 آلاف ليرة للكيلو، ولكن بعد رفع الحكومة سعر شراء القطن مؤخراً إلى 10 آلاف ليرة للكيلو لم تعد المبالغ المرصودة لذلك كافية لشراء المحصول.

وشدد رئيس الاتحاد على أنه حتى اليوم لم تتمكن المؤسسة العامة للأقطان من تسديد قيمة الأقطان المستلمة والتي تجاوزت حتى الآن 1100 طن، ما أدى إلى تخوف من إحجام الفلاحين عن التسويق وبالتالي تراجع عمليات الاستلام.

وتشير العاملة سهى الأحمد، أنهم يشعرون بـ”التعاسة” عندما يخبرونهم بضرورة العودة للدوام لأن المواد الأولية توفرت.

وتضيف أن العمل في معامل الغزل يختلف عن أي عمل آخر، خاصة بعدما أصبحوا يصنعون قطناً ملوثاً ومغبراً ينشر إضافة للزغب الغبار الكثيف، ليتحول الجو في المعمل إلى ما يشبه العاصفة.

كميات محدودة

كانت سوريا تصدر القطن، وكان الإنتاج يصل إلى 750 ألف طن سنوياً، ولكن تراجع إنتاجه خلال السنوات الأخيرة حسب الإحصاءات الرسمية إلى 18- 20 ألف طن.

وبين مدير في وزارة الصناعة، أن كل ما تم تسليمه هذا العام لمؤسسة حلج وتسويق الأقطان في حلب، لم يتجاوز 1311 طناً، حيث وصل من محالج حلب 591 طناً، في حين الكميات الباقية من الرقة وحماة.

وأن الكميات المتوقع استلامها من المناطق الآمنة لن تتجاوز 56 ألف طن، إذ إن عمليات التسويق ما زالت مستمرة.

ولفت إلى أن هذه الكمية بالكاد تكفي لتأمين حاجة معامل القطاع العام من الغزل والنسيج، أي أن القطاع الخاص يبقى دون مخصصات.

خارج السيطرة

وعن أسباب تراجع الإنتاج إلى هذا المستوى قال مدير سابق في وزارة الزراعة، لنورث برس، إن ارتفاع تكاليف الإنتاج جعلت المزارعين يعرضون عن زراعة القطن التي تتطلب تكاليف كبيرة لليد العاملة ومتابعة واهتمام خاص طيلة الموسم، كل هذا يجعل المزارعون يستبدلون القطن بزراعات أخرى بديلة أقل تكلفة.

يضاف إلى ذلك خروج الكثير من المناطق التي تشتهر بزراعة القطن من سيطرة الدولة، وبالتالي تراجع المساحات المزروعة بالقطن والتي تسيطر عليها الدولة.

وأضاف المدير أن المشكلة أيضاً في التسعيرة التي تصدر متأخرة، وغالباً ما تكون غير منصفة ولا تغطي التكاليف.

فالتسعير المنصف، والإعلان عنه قبل البدء بالزراعة يشجع المزارعين على زراعة أراضيهم.

ولفت إلى أن الحكومة حاولت إيجاد طرق للتشجيع على زراعة القطن، مثل الإعلان عن “الزراعة التعاقدية” حيث يقع على عاتق المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان تأمين كافة المستلزمات الزراعية، ولكن بعد مضي عامين على إقرار هذا النظام لم يتقدم أي من المنتجين للتعاقد مع المؤسسة النسيجية.

كما أنه ليس بمقدور المؤسسة تأمين كل حاجات المنتجين، لأن هذا يحتاج إلى إمكانات كبيرة حسب رأيه.

الاستيراد

وكانت الحكومة وافقت على السماح باستيراد القطن المحلوج منذ 2021  لمدة 6 أشهر من العام، وذلك وفق الطاقة الإنتاجية للفعاليات الاقتصادية في القطاعين العام والخاص من العاملين في هذا المجال، وهذا ما عقب عليه صناعيون بضرورة أن يكون قرار السماح مفتوحاً، وغير محدد بفترات زمنية، بحيث يسهل استيراد الغزول القطنية وإعادة تصنيعها.

وشدد المدير في الصناعة، على أنه حتى الآن لم يتم استيراد غزول بسبب التكاليف المرتفعة، حسب رأيه.

وأن هذا يحتاج لبحث أيضاً، لأن الصناعات النسيجية تاريخ عريق ميز الصناعة السورية عبر عقود.

تحرير: تيسير محمد