منذ شهرين.. مهنة الخياطة تحتضر في حلب

آردو جويد – حلب

يرى عمار عتقي (40 عاماً)، وهو منتج في مجال الصناعة القطنية في حي السيد علي بحلب، أن حياكة الألبسة في العديد من المناطق السورية تشهد تدهوراً ملحوظاً في الأوضاع المهنية للعاملين في هذا القطاع، فضلاً عن ازدياد التحديات التي تواجه الشركات المصنعة للألبسة، سواء كانت محلية أو تصديرية.

خلال الشهرين الماضيين، شهدت مهنة الخياطة ضمن مدينة حلب في سوريا تراجعاً كبيراً، حيث أصبحت المهنة شبه متوقفة، مما أثر بشكل كبير على الصناعة ومصدر رزق العديد من الأشخاص في المدينة.

وأرجع “عتقي”، أسباب التدهور، لارتفاع تكاليف الإنتاج، من أسعار الأقمشة والمواد الكيميائية في الطباعة والخيوط، وهذا يتسبب في تقليل هامش الربح للشركات المصنعة ويعرضها لضغوط مالية كبيرة.

ويملك “عتقي” معمل خياطة يستطيع من خلاله تأمين عمل لنحو 45 شخصاً، يقدمون من خلاله الدعم الغذائي والدوائي لعائلاتهم، “وهم الآن بدون عمل أو وارد مالي في هذه الظروف الثقيلة خاصة أن الموسم الصيفي لم يتحرك إلى الآن وأن المشغل كان يعتمد على الأسواق الخارجية في أربيل والعراق والسبب عدم استقرار أسعار التكلفة والشحن وطرق دفع ثمن البضائع بينهم وبين التجار”.

ويشير إلى أن السوق العالمية تشهد تراجعاً في الطلب على الألبسة بسبب غلاء البضائع. والمنتج هو الخاسر كونه الحلقة الأضعف بين التاجر والبائع، “مما يؤثر بشكل سلبي على الشركات المصنعة ويكبد المنتج خسائر تزيد عن ألف دولار أميركي شهرياً”.

الأسوق الداخلية شبه معدومة

تشهد مدينة حلب منذ سنوات ركوداً في صناعة الخياطة، بعد أن كانت تعتبر مركزاً رئيسياً للصناعة النسيجية في سوريا. ومع ذلك، تعرضت المدينة لأوضاع صعبة في السنوات الأخيرة نتيجة الأزمة السورية والحرب الدائرة في البلاد.

وقال غسان ميمة (45 عاماً)، وهو مستأجر لمحل تجاري في حي الفرقان بحلب، لنورث برس: “في السنوات الأخيرة، تفاقمت المشاكل المالية والاقتصادية التي تواجه الزبائن وأصحاب مشاغل الخياطة، ونحن كتجار تحملناها في المبيع”.

و”ميمة”، هو منتج وموزع وبائع، وهو في طريقه لإغلاق محله، بسبب التكاليف التي فاقت كل الإمكانيات من ارتفاع إيجار المحال التجارية هذا العام لضعفين عن العام الماضي، فبعد أن كان يدفع 10 ملايين ليرة سورية، في الفترة الحالية خلال العام، بات مطالباً بدفع ثلاثة آلاف دولار أميركي للعام القادم، بغض النظر عن سعر الصرف لليرة السورية.

وبات شراء الألبسة ضمن أوقات محددة بين فصول السنة، وأسعارها ارتفعت أيضاً عن العام الماضي ضعفين حتى وصل الجاكيت الشتوي بين 700 ألف والمليون ليرة سورية والقميص الرجالي بين 150 و250 ألف ليرة سورية.

والطقم الرسمي بين 2 مليون و4 مليون للأخيرة ماركة 400 رجالي، وطبعا الألبسة الرجالي هي الأرخص بالمقارنة مع النسائية والأطفال.


قلة الدخل وغلاء الأسعار

يعاني السكان من تحول في عاداتهم الاستهلاكية بداخل مدينة حلب السورية، مع تراجع قدرتهم على شراء الملابس الجديدة وارتفاع الأسعار الباهظ، مع قلة الدخل للعمالة والموظفين الحكوميين نتيجة الاقتصاد المنهار.

وقال توفيق أدنا (40 عاماً)، وهو من سكان حي بني زيد في الجهة الشمالية للمدينة، ويعمل مدرس لغة عربية في المدارس الحكومية، “قلة العمل وضعف الأجور تؤثر سلباً على مستوى المعيشة علينا بما في ذلك النزاعات الداخلية والتداعيات الاقتصادية والمحدودية في فرص العمل”.

وأضاف لنورث برس: “هذه العوامل تسببت في زيادة الفقر وتقويض الاقتصاد المحلي، مما أدى بشكل مباشر إلى تحول في عادات الشراء، من الجديد إلى المستعمل أو ما يعرف بالبالة”.

تحرير: تيسير محمد