في الذكرى السادسة لسقوط “الخلافة”.. هل يعود “داعش” إلى حوض الفرات؟

غرفة الأخبار ـ نورث برس

في السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر 2017، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في الرقة، بعد معارك استمرت 166 يوماً.

اليوم انقضت ست سنوات على هزيمة التنظيم في الجغرافية التي كان يسيطر عليها متخذاً من الرقة عاصمة له، إلا أن التنظيم ما يزال متواجداً على الأرض.

نشاط التنظيم

يتواجد التنظيم على شكل مجموعات صغيرة في البادية السورية، ويحرص على إثبات تواجده بإصدارات مرئية، من خلال عرض مركبات وعناصر ملثمين يحملون عتاداً.

للتنظيم أيضاً تواجد عبر خلايا نائمة تنفذ عمليات فردية ضد “قسد” والقوات الحكومية، فيما يمكن اعتبار عناصره الذين انضموا إلى فصائل مسلحة موالية لتركيا خلايا أيضاً.

ووثقت تقارير إعلامية تواجد عناصر لـ”داعش” في الفصائل الموالية لتركيا، وانتقال عائلات عناصر للتنظيم للإقامة في المنطقة التي تسيطر عليها تركيا والفصائل الموالية.

كما استهدف التحالف الدولي بطائرات مسيّرة وعمليات إنزال جوي عدداً من عناصر التنظيم في مناطق تسيطر عليها تركيا.

منذ إعلان طرد التنظيم من آخر بقعة جغرافية في الباغوز شرقي دير الزور، في آذار/ مارس 2019، لم يتوقف التنظيم عن تنفيذ عمليات ضد “قسد”، رغم العمليات الأمنية التي تستهدف خلاياه.

في 2022، تبنى التنظيم، 185عملية، فقط في مناطق الإدارة الذاتية ضد “قسد” والمدنيين، ومعظم هذه العمليات نُفذت في ريف دير الزور الشرقي، بينما في عام 2021 تبنى التنظيم 31 هجوماً، راح ضحية عملياته 171 شخصاً، فيما أُصيب 30 آخرين، وفق ما أحصت نورث برس.

لم تمنع العمليات الأمنية ضد عناصر تنظيم “داعش” من تنفيذ عملياته، إذ لا يزال يغير من استراتيجياته وفق المجريات على الأرض، ومنظور زعمائه المتجددين الذين يعملون على تغيير تلك الاستراتيجيات.

يقول عصام الفيلي، وهو خبير في شؤون التنظيمات المتشددة وأستاذ في العلوم السياسية، إن ظهور تنظيم “داعش” تبعاً للظروف في المنطقة، إذ إن تمدده واختفائه مرتبط بما يجري على الأرض من الناحية الأمنية والسياسية في مناطق السيطرة بسوريا والعراق.

ويضيف في تصريح لنورث برس، أن التنظيم استطاع أن يظهر في المناطق التي تتسم بالرخاوة الأمنية لا سيما في المناطق الوعرة والصحراوية.

ويرى أن التنظيم أيدلوجي وهو ملاذا آمن لكثير من الناقمين على طبيعة وشكل النظام السياسي، يقوده عناصر إسلامية متطرفة.

يشير “الفيلي” إلى أن قوة التنظيم تتفاوت بحسب طبيعة علاقاته مع كثير من أجهزة الاستخبارات العالمية والإقليمية، التي تستخدمه أداة لتقويض السلم الأهلي في العراق وسوريا. ويتجلى ذلك، في استخدام التنظيم لخلق دولة هشّة أمنياً، وكان جزءًا في تلك العملية.

زعماء “داعش”

تولى مهمة قيادة التنظيم خمسة زعماء، تم تعيين آخرهم مطلع آب/ أغسطس الماضي، حيث أعلن المتحدث باسم “داعش” تعيين “أبو حفص الهاشمي القرشي” زعيماً جديداً.

سبقه في ذلك 4، اثنان منهم قُتلوا في المنطقة التي تسيطر عليها تركيا، وهم أبو بكر البغدادي في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 ثم أبو إبراهيم القرشي في شباط/ فبراير 2022 بعمليتين للتحالف الدولي.

فيما قُتل أبو الحسين الحسيني القرشي، وهو رابع الزعماء في منطقة عفرين، قالت تركيا إنها من قتلته بعملية نفذها جهاز الاستخبارات الوطني، في حين يقول “داعش” إن زعيمه قُتل متأثراً بإصابته في اشتباك مع “جبهة النصرة”.

أما الثالث، قال الجيش الأمريكي إن “فصائل المعارضة قتلته في درعا”، تبنت قوات دمشق أيضاً، حينها، عملية قتله.

كانت فترة إعلان التنظيم عن خلفائه بعد مقتل أبو بكر البغدادي وأبو إبراهيم القرشي تطول قليلاً، خاصة بفترة إعلان الزعيمين الثالث والرابع، فيما طالت فترة الإعلان عن الزعيم الخامس لـ أكثر من أربعة أشهر.

يقول “الفيلي” إن أي تنظيم مسلح لا يمتلك جغرافية واضحة المعالم، من الصعوبة عليه إبراز قيادات متعددة، ولا يستطيع اختيار زعيم له “الأمر شبه معقد”، إذ إن التنظيم قد يكون اختار زعيمه لكنه لا يعلن عنه خوفاً من استهدافه.

ويعود خوف التنظيم في التأخر بإعلان خليفته لمخاوفه من تعاون استخباراتي دولي باستهداف الزعيم الذي يقع الاختيار عليه، وفقاً لقوله.

ويرجح الخبير أن قياديي تنظيم “داعش” قد يكونوا اتفقوا على تأخير أو عدم الإعلان عن اسم الخليفة، خاصة أن أي خليفة يتم اختياره يُقتل بعد فترة وجيزة.

ويحرص تنظيم “داعش” اختيار زعيم له، لإثبات وجوده وضمان انضمام عناصر جُدد، وعدم خلق حالة شتات في صفوفه.

ترقّب لانتهاز فرصة

يقول “الفيلي” إن تنظيم “داعش” موجوداً على الأرض في منطقة حوض الفرات عبر خلاياه، وتواجده في البادية السورية والصحراء العراقية، ويستخدم الصحراء والبوادي لوعورتها وسهولة تحركاته عبر أساليب متعددة.

ويشير إلى أن “التنظيم في حالة ترقب لما يجري في منطقة حوض الفرات، وينتظر تراجع القبضة الأمنية، لينتهز فرصة للحضور ويسيطر على المشهد”.

ووفقاً لرأيه، أن التنظيم ينتظر حالة أمنية وأوضاعاً سياسية “غير مستقرة”، حيث سيسعى “داعش” للحضور.

وخلال التوتر الأمني الأخير في دير الزور غاب “داعش” عن المشهد، إذ إن التنظيم لم يتبن أي عملية طيلة فترة الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية، ومسلحين.

وسادت حالة التوتر الأمني بدير الزور على خلفية اعتقال “قسد” لقائد مجلس دير الزور العسكري، ما دفع أنصاره ومستفيدين من أعماله لمواجهة “قسد”، استطاعت قوات دمشق والفصائل الإيرانية استثمار التوترات للتدخل في منطقة شرق الفرات.

إحصائيات

منذ بداية عام 2023، بلغت حصيلة العمليات الأمنية ضد التنظيم في مناطق الإدارة الذاتية 111 عملية، منها 21 عملية إنزال جوي، اعتقل خلالها 576 شخصاً وقتل 29، وأصيب 3 آخرين من المتهمين بالانتماء لتنظيم داعش.

 بلغ عدد العمليات في مدينة الرقة فقط 25 عملية اعتقل خلالها 194 شخصاً، وقتل 2 وأُصيب آخر من المتهمين بالانتماء لتنظيم “داعش”. بحسب ما سجل قسم الرصد والتوثيق في نورث برس.

ونفذت قوات سوريا الديمقراطية 20 عملية منها 13 حملة أمنية، اعتُقل خلالها 186 شخصاً وقتل شخص وأصيب آخر.

واشتركت “قسد” والتحالف الدولي بـ 4 عمليات، منها حملتين أمنيتين، وعملية إنزال جوي اعتُقل خلالها 8 أشخاص وقتل آخر.

فيما بلغ عدد هجمات التنظيم 138 هجمة، قُتل خلالها 183 شخصاً، منهم 17 رجلاً، وأصيب 152 شخصاً منهم 13 رجلاً وامرأة وطفل.

إعداد وتحرير: أحمد عثمان