دمشق.. نقص الموارد يدفع للتشدد في العقوبات على المساهمين في التهرب الضريبي
ليلى الغريب ـ دمشق
لا يجد بعض المختصين في الاقتصاد مبرراً لاستمرار العمل بالقوانين الضريبية والمالية الصادرة عن الحكومة السورية والتي يعود بعضها إلى عمر نكبة فلسطين 1948، ويرون أن الحفاظ على هذه القوانين يشبه العمل على الحفاظ على التراث.
فبعد مرور عشرة أعوام على التعديلات الِأخيرة التي طالت قانون ضريبة الدخل، صدرت مؤخراً تعديلات جديدة على تعديلات القانون 24 لعام 2003.
رغم أن قضية التهرب الضريبي في سوريا من أكثر القضايا التي تركت بصماتها على الاقتصاد السوري، وذلك بسبب التهرب الضريبي الذي يقدر بعشرات مليارات الليرات السورية.
ومن المعلوم أن دول العالم تعتمد على هذا البند في تأمين موارد لخزائنها، وتأمين مصادر دخل من أصحاب الفعاليات الاقتصادية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقديم الخدمات الطبية والصحية وغيرها من المشاريع الإنمائية.
جيوب خاصة
في حين أن التهرب الضريبي في سوريا يقدر بمليارات الليرات، وما زال القانون المتشعب والمشبع بالتعديلات يحافظ على تكوينه.
إذ إن القائمين على التكليف الضريبي هم أكثر المستفيدين، “لأن ما يجب أن يذهب لصناديق الدولة، يذهب للجيوب بعدما يتم الاتفاق عليه بين مراقبين في الدوائر المالية والمكلفين ضريبياً.
خارج التكليف
يتقاضى أصحاب بعض المهن مبالغ “كبيرة جداً”، ويبقى معظم العاملين فيها خارج التكليف الضريبي مثل الأطباء والمحامين مثلاً، حيث تصل معاينات بعض منهم إلى ما يفوق النصف مليون ليرة لكل حالة من عشرات الحالات التي تصلهم يومياً.
وأن أطباء التجميل يحصلون على مبالغ خيالية خاصة للمشهورين منهم مع اكتظاظ عياداتهم بطالبي التجميل، ويتقاضون معاينة لا تقل عن 100 ألف ليرة سورية، قبل تحصيل الملايين مقابل العمل التجميلي مهما كان نوعه.
يقول أحد المغتربين في بريطانيا لنورث برس، إن النظام الضريبي في أوروبا يقض مضجع الناس، وأن الوافدين إلى هذا البلد يفاجئون بحجم التحصيل الضريبي الذي يحاصصهم على نصف دخولهم تقريباً مقابل الخدمات التي يتم تقديمها، بينما في سوريا لا يوجد خدمات، وهنالك تهرب ضريبي كبير.
التعديلات الأخيرة التي صدرت مؤخراً بمرسوم على قانون ضريبة الدخل وصفها أحد مدراء وزارة المالية، بأنها “بقصد توضيح القانون والحد من التهرب الضريبي”.
وأنه تم العمل على توضيح وشرح كامل ودقيق وواضح لا يقبل التأويل واللبس لكافة مواد القانون، وأنها أوضحت بشكل دقيق ما يترتب على المكلف من كافة النواحي وما يترتب على المراقب في الدوائر المالية والمحاسب الذي يقوم بتنظيم البيانات والسجلات الخاصة بالمكلف.
في حين قال الاقتصادي عماد مشعل، (اسم مستعار)، إنه “كان من الأفضل لو تم تغيير قانون ضريبة الدخل لأنه مضى على تطبيق آخر تعديلات حصلت على القانون عشر سنوات، أي عام 2003، وأن هذه التعديلات سبقها تعديلات أخرى”.
وأضاف، أن “تغييره كاملاً يسهل تطبيقه من قبل المكلفين، لأن الكثير منهم يجهل غالبية مواد القانون”.
علاج التهرب
وذكر “مشعل” لنورث برس، أن المادة السادسة من القانون تشددت في العقوبات على المكلفين ومدققي الحسابات عند وجود أي خلل في بياناتهم، وعند التوقيع غير مطابقة للواقع الفعلي، بما يشير إلى اتفاق بين الطرفين بشكل ينتهي بتهرب ضريبي”.
وبين أن الحاجة إلى موارد مالية “هي السبب وراء التشدد في هذه الفقرة، وذلك للحد من ضياع المليارات التي تضل طريقها من صناديق الدولة إلى جيوب خاصة”.
لكن العاملون في هذا المجال في وزارة المالية، اعترضوا على هذه المادة التي نصت على عقوبات وصفوها بـ”القاسية” كفرض غرامات مالية، وسحب رخصة ممارسة المهنة.
أسباب كثيرة
وبين أن الاعتراضات على نص هذه المادة انتهت بالتوصل إلى اتفاق لتشكيل لجنة مهمتها تقييم مدى صحة المخالفة قبل اتخاذ قرار العقوبة.
وأن اللجنة تتشكل من أعضاء في النقابة المهنية وعاملين في المالية، وهذا ما عده البعض “تمييع لمحتوى هذه المادة، لأن تاريخ العاملين في القطاع الحكومي مع اللجان ليس مريحاً”.
وذكر أن أسباب التهرب الضريبي في سوريا كثيرة، منها إضافة لعدم اعتدال العبء الضريبي، الغموض في النظام الضريبي، وعدم عدالته وسوء استخدام حصيلة الضرائب، وضعف جزاء المتهربين وغيرها.