“عدنان” حارس معمل في الحسكة ضحية قصف تركي

سامر ياسين/إيفا أمين – الحسكة

رغم أنها شاهدت بأم عينيها جثته، إلا أن والدة عدنان عبدي، لم تصدق بعد أن ابنها توفي جراء القصف التركي.

وفي حيرة من أمرها، وعدم تصديق لما جرى، تنتظر الأم الثكلى، شيخة حسين، طيف ابنها وهو يدخل عليها المنزل كما جرت العادة قبل وفاته.

“سمعنا بأنه موجود في مشفى في المدينة، فسارع إخوانه إلى المشفى ووجدوه مفارقاً للحياة بالفعل”، تقول الأم المفجوعة على ولدها.

ولكنها سرعان ما تعود لواقعها المعاش، وتتساءل، عن سبب استهداف القوات التركية ابنها، علماً أنه حارس معمل في الحسكة، ولم يكن يحمل السلاح ولا يشكّل أي خطر على تركيا.

عدنان عبدي، (55 عاماً) ولديه ثلاثة أبناء، فقد حياته بقصف تركي تعرض له معمل في مدينة الحسكة، الخميس الفائت، بعد سلسلة استهدافات وغارات، قامت بها القوات التركية على مناطق عديدة ومنشآت ومرافق حيوية في شمال شرقي سوريا.

تقول “حسين”، لنورث برس: “ابني كان معلماً قبل عمله كحارس في ذلك المعمل، وعندما بدأ القصف على مدينة الحسكة، سمعنا بقصف تركيا لموقع عمله، فسألنا عن وضعه، في البداية سمعنا من أصدقائه ومن يعمل معه بأن القصف كان بعيداً عنه، ولم يحصل له شيء”.

بدأ إخوته بالبحث عنه في مستشفيات المدينة، وفي اليوم التالي “سمعنا بأنه موجود في مشفى في المدينة، فسارع إخوانه إلى المشفى ووجدوه مفارقاً للحياة بالفعل”، تقول الأم المفجوعة على ولدها.

وتفتقد الأم كثيرة لولدها، فقد اعتادت أن يزورها بشكل يومي في منزلها بعد عودته من العمل وحتى قبل ذهابه لرؤية أبناءه، “كان يأتي إلي ويبقى عندي طيلة فترة استراحته، وكان يلبي لي كل طلباتي، ولم يكن يفعل أي شيء إلا بعد مشاورتي، أنجبت 9 أولاد، ولكن عدنان كانت له المكانة الأكبر لدي، وليس لدي فقط، لدى كل العائلة”.

“الأتراك لا يميزون المناطق العسكرية أو المدنية، من المحتمل أن يقوموا بقصف منزلي الآن، بحجة محاربة الإرهاب، علماً أن أردوغان هو الإرهابي الحقيقي”.

وتقول شيخة الحسين: “حتى هذه اللحظة أنا لا أصدق أنه فارق الحياة، علماً أني رأيته متوفياً وقمت بدفنه، ولكن حتى الآن انتظره ليعود من باب المنزل، أو يأتينا خبر بأن الحادثة كانت كذباً وليست حقيقة”.

واستهدفت تركيا الأسبوع الماضي وعلى مدى ستة أيام متواصلة، مناطق متفرقة في شمال شرقي سوريا، طالت منشآت وبنى تحتية كانت مصدراً حيوياً للنفط والغاز والمياه والكهرباء، وقصفت الطائرات الحربية والمسيّرات التركية والمدفعية 224 موقعاً، وفق حصيلة قسم الرصد والتوثيق في نورث برس.

وبلغ عدد الضحايا المدنيين 24 شخصاً، قضى منهم 9 أشخاص بينهم امرأتين, وأصيب 15 شخصاً بينهم 4 أطفال و3 نساء, أما العسكريون فبلغ عددهم 70 شخصاً قضى منهم 39 وأصيب 31 آخرين 3 بينهم من القوات الحكومية.

فاجعة عدنان لم تكن أقل وقعاً على الحاج يوسف، وهو خاله، ففراقه ترك أثراً كبيراً لدى خاله الذي اعتاد على الجلوس معه والمزاح والضحك.

يقول يوسف لنورث برس: “ابن اختي عدنان، كان شخصاً مثقفاً، وكان يحب المزاح جداً، ولم أسمع في يوم من الأيام بأن شخصاً ما أزعجته شخصية عدنان أو أزعجه بكلامه أو تصرفاته، وحتى الآن أنا لا أصدق أنه توفى”.

وبنبرة مخنوقة بالعبرَة، يقول الخال: “العدو التركي لا يميز بين الحارس المدني أو العسكري الذي يحمل السلاح، يقوم بقصف أي شخص، وهذه هي الحقيقة، لأن الحقد التركي على الكرد قديم جداً، من أيام الدولة العثمانية، وصولاً إلى أتاتورك، وأردوغان”.

ويضيف: “الأتراك لا يميزون المناطق العسكرية أو المدنية، من المحتمل أن يقوموا بقصف منزلي الآن، بحجة محاربة الإرهاب، علماً أن أردوغان هو الإرهابي الحقيقي”.

ويشير يوسف، إلى أن حقده على الأتراك يزداد يوماً بعد يوم، ويتساءل: كيف يقومون بقتل حارس مدني، طيلة حياته لم يحمل السلاح ضد الدولة التركية، فكيف لا يزداد حقدي أكثر وأكثر؟ حسب تعبيره.

تحرير: تيسير محمد