“لا إذن سفر ولا كف بحث”.. التسوية الشاملة في درعا حبر على ورق

إحسان محمد ـ درعا

تفاجأ عمر عندما راجع شعبة التجنيد في مدينة درعا، بما أخبره به أحد الضباط هناك، إذ قال له: “إن التسوية التي أجريتها لا تمنحك إذن سفر أو مذكرة كف بحث”.

عاد عمر العبود، اسم مستعار لأحد الشباب الذين أجروا تسوية في درعا، خالي الوفاض، منكسراً، فهو يعتبر نفسه عاد لنقطة البداية، فكل هدفه من إجراء التسوية، كغيره ممن قاموا بها، هو الحصول على إذن سفر، لمغادرة البلاد.

يقول “العبود”، لنورث برس: “من قام بإجراء التسوية مؤخراً لم يتم تسليمه بطاقة تسوية على عكس التسويات السابقة”. 

ومدة التسوية ستة أشهر من تاريخ الإعلان عنها بداية شهر حزيران/ يونيو الماضي، وتنتهي مع نهاية العام الجاري.

وأوضح أن لجنة التسوية التابعة للحكومة لم تبلغ الأشخاص الذين قاموا بالتسوية عن وقت انتهاء المدة إلا بعد مراجعة شعبة التجنيد من أجل تأجيل السوق للخدمة الإلزامية بأن ما بقي من  صلاحية التسوية  ثلاثة أشهر.

كما أن “بعض الحواجز العسكرية التابعة للنظام السوري لم تلتزم بالتسوية وتم اعتقال أشخاص قاموا بإجراء التسوية وتم الإفراج عنهم لاحقاً”، بحسب “العبود”.

وأجرت القوات الحكومية مطلع حزيران/ يونيو الماضي، تسوية هي الأكبر منذ سيطرتها على محافظة درعا صيف العام 2018، حيث شهد مركز التسوية ازدحاماً شديداً في إقبال غير مسبوق وسط طموح الشباب للحصول على إذن سفر يمكنهم من مغادرة البلاد خوفا من سوقهم إلى الخدمة الإلزامية.

أكبر تسوية

وقالت أحد القائمين على التسوية، لنورث برس، إن “التسوية الشاملة جاءت بعد مكرمة من  الرئيس بشار الأسد، بحسب ما أستمتها القوات الحكومية”.

وذكرت حينها أن المشمولون بالتسوية هم “المتخلفين عن الخدمة العسكرية، والاحتياطية، ومن انشقّ عن الجيش أو الشرطة أو الأمن، المطلوبين للأجهزة الأمنية والعسكرية، و كل من يحمل السلاح”.

وبين أنه “من المفروض أن يتم شطب اسم من يجري التسوية من لوائح المطلوبين في الأجهزة الأمنية والعسكرية، ويُعطى مهلة ستة أشهر للالتحاق”.

و أضاف أن المنشقين سوف يتم شطب أسمائهم من لوائح المطلوبين ويُعطى مهلة شهر للالتحاق بوحدته العسكرية أو الشرطية، ويُمنح قرار ترك قضائي، ومهمة التحاق.

وحملة السلاح سوف يتم شطب اسمهم من لوائح المطلوبين، بعد تسليم السلاح، ومن عليه أي مشكلة أمنية يتم شطب اسمه أيضاً من لوائح المطلوبين.

وبحسب مصدر أمني قال لـوكالة “سانا” الحكومية، إن أكثر من 27 ألف شخص قاموا بتسوية أوضاعهم الأمنية في تسوية هي الأشمل والأكبر في المحافظة.

تسويات “لتلميع صورة النظام”

في حديث لنورث برس يقول أسامة المقداد الناطق باسم موقع 18 آذار، إن هذه التسوية هي الخامسة منذ صيف العام 2018 “وجرت العديد من عمليات التسويات، تم خلالها تسليم أسلحة، ودفع مبالغ ماليّة ضخمة للجنة الأمنية بشكلٍ مباشر”.

في حين يرى المقداد أن  كل هذه التسويات “لم توقف عمليات القتل والاغتيالات في المحافظة، وبقيّ الوضع الأمني في غايّة السوء”.

ويشدد على أن سكان درعا “لم يستفيدوا من هذه التسوية بشيء إنما كانت أشبه بمحاولة تلميع النظام لنفسه خاصة في الفترة التي كانت تشهد محاولة إعادة تعويم الأسد من جديد من قبل بعض الدول العربية”.

وتوقع المقداد، أن “التسوية التي فرضت على أهالي المحافظة كانت في إطار الاتفاق بين النظام السوري والدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات معه”.

وينوه إلى أن التسوية الأخيرة لم تختلف عن سابقاتها “فقد فرض النظام على بعض القرى والبلدات تسليم عدد من قطع السلاح وإلى الآن ما يزال المعارضين للنظام ملاحقين من قبل الأجهزة الأمنية بالرغم من هذه التسوية”.

ويقول إن “النظام في بداية التسوية سوق لها على أنها ستمنح شباب المحافظة تأجيلاً عن الخدمة العسكرية، وهذا ما جعل هذه التسوية تعتبر الأكبر بسبب إقبال الشباب عليها، لكن النظام عمل على شيء وهو إعطاء تأجيل لكن دون إذن للسفر”، بحسب المقداد.

تحرير: تيسير محمد