أنقرة مستمرة بترحيل السوريين رغم التصعيد العسكري.. كيف يفسره القانون الدولي؟

غرفة الأخبار- نورث برس

لم تعد أنباء ترحيل أنقرة للسوريين غريبة، لكن أن يتزامن الترحيل مع تصعيد عسكري غير مسبوق في شمال غربي سوريا هو أمر يستدعي تحليله ومراقبته ويعده البعض انتهاكاً للاتفاقيات الدولية.

في نيسان/ أبريل من العام 2019 أطلقت قوات الحكومة السورية وبدعم روسي عملية عسكرية في شمال غربي سوريا واستمرت حتى شباط/ فبراير 2020، لتنتهي تلك العملية حينها بسيطرتها على كامل ريف حماة الشمالي، إضافةً إلى مساحات واسعة من ريفي إدلب الجنوبي والشرقي وريف حلب الغربي.

وشهدت مدن وأرياف إدلب وحماة وحلب نهاية الأسبوع الفائت، قصفاً حكومياً مكثفاً بعد الهجوم على الكلية الحربية في حمص، والذي اتهمت الحكومة “تنظيمات إرهابية”، حيث أسفر التصعيد عن مقتل وجرح أكثر من 200 شخصاً، وفق حصيلة سجلها قسم الرصد والتوثيق في نورث برس.

وقالت الدكتورة فاتن رمضان، وهي رئيسة منظمة “بلا قيود” في تصريح سابق لنورث برس: إن “مئات السوريين المرحلين يصلون الاراضي السورية يومياً، بالرغم من غياب البيئة الآمنة وانعدام مقومات الحياة الأساسية في المناطق التي يتم ترحيلهم إليها”.

“انتهاك للقانون الدولي”

يقول المعتصم الكيلاني وهو مختص في القانون الجنائي الدولي، إن “الاحتجاز التعسفي الذي يتعرض له مئات المرحلين وإعادتهم إلى سوريا بشكل قسري يشكل انتهاك للقانون الدولي”.

وأضاف الكيلاني لنورث برس: “تركيا ملزمة بموجب المعاهدات والمواثيق الدولية احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، ويحظر إعادة أي شخص إلى مكان قد يواجه فيه خطراً حقيقياً بالاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة”.

ويشير الحقوقي المقيم في باريس إلى أن “عمليات الترحيل غير القانونية تمثل نقيضاً صارخاً لسجل تركيا السخي كدولة استضافت 3.6 مليون لاجئ سوري أي أكثر من أي دولة أخرى في العالم وبنحو أربعة أضعاف مما استضافته دول الاتحاد الأوروبي بأكملها”.

ليس الأول

الاثنين الماضي، رحلت السلطات التركية، 650 سورياً بينهم نساء وأطفال عبر معبري باب السلامة وباب الهوى شمالي سوريا.

وقالت مصادر إدارية في معبر باب السلامة لنورث برس، إن السلطات التركية سلمت فصائل مسلحة في المعبر 260 شخصاً، فيما تسلمت هيئة تحرير الشام عبر معبر باب الهوى 390 شخصاً بينهم نساء وأطفال، وفقاً للمصادر نفسها.

وأشارت المصادر لنورث برس، إلى أن عدد السوريين المرحلين قسراً بلغ قرابة الـ3800  منذ بداية الشهر الجاري.

وأضاف أن عمليات الترحيل تركزت خلال اليومين الماضيين على معبري تل أبيض وباب السلامة شمال حلب.

وقبلها بيوم رحلت السلطات التركية، 350 لاجئاً سوريا بالتزامن مع التصعيد العسكري وموجة النزوح التي تشهدها مناطق شمال غرب سوريا.

تتصرف وفقاً لمتطلبات

يرى الدكتور نصر اليوسف، وهو محلل سياسي مقيم في العاصمة الروسية موسكو أن السلطات التركية “تتصرف وفق ما يطلبه الرأي العام المحلي في تركيا أي الجمهور الذي انتخبها وابقاها في السلطة، وهذا ليس من الممكن أن يسجل عليها إنما يسجل لها”.

ويضيف لنورث برس “لأنها تتصرف وفق متطلبات الناخب التركي الذي أصبح واضحاً، فقد سجل الكثير من الأحداث، التي تقول بكل وضوح أن المواطن التركي ملّ تماماً من الأجانب، ويعزو كل ما يصيبه من ضائقة اقتصادية إلى اللاجئين”.

“لذلك لن تأخذ تركيا كل ما يحدث خارج حدودها في الاعتبار سواء كان هناك تصعيد في شمال غربي سوريا أو كان هناك سلام واستقرار”.

ويشير إلى أن “المهم بالنسبة للسلطات التركية هو التقليل من أعداد اللاجئين والدفع بهم إلى المجهول، هذا ليس مهماً ولم يعد أحد يصدق شعارات الأنصار، والأخوة الإسلامية وما إلى ذلك”

ويشدد على أن المجتمع الدولي يرفض الترحيل القسري لأنه يعرف أنه لا يوجد في  سوريا كلها مكاناً للعيش، سواء كان شمال غرب ولا شمال شرق ولا في الجنوب، ولا في مناطق سيطرة النظام ومموليها ومشغليها إيران وروسيا”.

إعداد وتحرير: مالين محمد