نازحات من سري كانيه: أطفالنا لا يعرفون شيئاً عن مدينتهم سوى اسمها

نالين علي ـ الحسكة

تجلس جوزة على كومة تراب وسط مخيم للنازحين يفتقر لأبسط مقومات الحياة, تتسأل؟ ماذا سنقول لأطفالنا الذين ولدوا في بيئة بعيدة عن مدينتهم, كيف يمكننا وصف مدينتهم, وهم لا يعرفون شيئاً عنها سوى اسمها؟

جوزة الحمد (38 عاماً) نازحة منذ أربعة أعوام من مدينة رأس العين/ سري كانيه, وتقيم حالياً ضمن مخيم واشوكاني بمدينة الحسكة, تقول السيدة لنورث برس: “اتمنى العودة لمدينتي وبيتي, فقط من أجل أطفالي, ليعشوا ضمن بيئتهم التي حرموا منها”.

وتستذكر “الحمد” أدق تفاصيل طفولتها وكيف عاشت في مدينتها من الصغر، وتعود لتقارنها بحياة أطفالها الذين حرموا حتى من الولادة في مدينتهم، “أطفالنا لم يعيشوا هذه الذكريات، وسيبقون محرومين منها للأبد”.

وفي حيرة من أمرها، تتساءل “الحمد”: ماذا سأقول أو كيف سأصف لأطفالي مدينتهم، وهم لا يعرفون أي شيء عنها؟

وتتخوف الأم على أطفالها ضمن المخيم، “لا يمكننا تركهم لوحدهم أبداً, البيئة والأجواء ضمن المخيم لا تساعد الطفل على اللعب والاستمتاع بطفولته، فهو بحاجة إلى مكان واسع وآمن للقيام باللعب والتجول بحريته”.

وولدت أمينة عزيز (28 عاماً)، من قرية أم الخير التابعة لمدينة تل تمر، أثناء النزوح طفلة في البرية، إذ أجبرت بسبب القصف التركي على سري كانيه والقرى المحيطة بها على النزوح خارج مدينتها.

ولدى “عزيز”، أربعة أطفال، اثنان منهم ولدوا خارج مدينتهم، وتقول بلهجتها العامية: “طفولتنا كانت بخير وشفنا شغلات وأيام حلوة، لكن أطفالنا لم يشاهدوا أي منها”.

وتضيف: “أطفالنا عاشوا أياماً من الخوف والنزوح وذاقوا ويلات الحرب, ستبقى كل  تلك المشاهد محفورة في ذاكرتهم”.

أطفال “عزيز”، الذين ولدوا في القرية دائماً ما يسألون والدتهم عنها، “يطلبون مني العودة، فهم لم يستطيعوا التأقلم مع أجواء المخيم”، وتضيف: يبقى سؤالهم الوحيد، متى نعود للعب في قريتنا؟

ولم يكن الأمر أفضل بالنسبة لـ زهرة محمد (26 عاماً)، وهي نازحة من قرى تل تمر وتقيم في مخيم واشوكاني منذ أربع سنوات.

تقول “محمد” لنورث برس: “أطفالي لا يعرفون شيئاً عن بيتهم أو قريتهم, هم يفكرون أن الخيمة هي منزلنا الحقيقي”.

وتضيف بلهجتها العامية: “أطفالي محرومون من كل شيء هنا، فالطفل الذي فتح عينيه على الحياة وهو في مخيم وعاش ظروف النزوح والحرب، لن يكون كباقي الأطفال الذين ولدوا في أجواء العائلة والمدينة والبيت”.

وتقول “محمد”: “هناك فرق كبير بين طفولتنا وطفولة أطفالنا الآن، أنجبت ثلاثة أطفال هنا في المخيم، لم يشاهدوا شيئاً سوى المخيم, لم يعيشوا أجواء العائلة والبيت واللعب مع الاطفال ضمن مساحات واسعة”.

تحاول ” محمد” ومن خلال الهاتف أن تري أطفالها صور قريتهم وبيتهم، في محاولة منها لترسيخ قريتهم بذاكرتهم حتى يعرفونها في الكبر”.

تحرير: تيسير محمد