نازحو سري كانيه.. أوضاع معيشية صعبة وأمل متجدد للعودة

سامر ياسين/ نالين علي ـ الحسكة

يستنفر محمد عبد اللطيف مع عائلته لاستقبال فصل الشتاء، عبر البدء بأعمال الترميم والبناء داخل الخيمة والبناء الذي يقطنونه، في مخيم واشوكاني، لنازحي سري كانيه/ رأس العين، شمالي الحسكة.

الخمسيني محمد عبد اللطيف، نزح مع عائلته المؤلفة من 7 أشخاص، من قرية الأهراس بريف سري كانيه، إبان اجتياح القوات التركية للمدينة والوصول إلى ريفها.

بناء لا يصلح للدواب

يبني “عبداللطيف”، منزلاً من اللبن والطين، ليسكن فيه مع عائلته، ولكن يقول بغصة: “مثل هذا المنزل كنا في سري كانيه نجعله للدواب”.

“وضعنا المعيشي سيء للغاية في هذا المخيم، من جميع النواحي، فكل 10 أشخاص في خيمة واحدة، وانتشر الجرب والقمل في المخيم”.

ويضيف: “جميع من نزح من المدينة أو القرية مجمعين على رفض الاحتلال، ونعيش على أمل العودة إلى منازلنا يوماً ما”.

وتفضّل زهية الزيدان (38 عاماً) وهي أم لخمسة أطفال، العودة إلى منزلها في مدينة سري كانيه، بدلاً عن المواد الإغاثية والمعونات وهذه المعيشة الصعبة حسبما وصفتها.

وقالت لنورث برس: “وضعنا المعيشي سيء للغاية في هذا المخيم، من جميع النواحي، فكل 10 أشخاص في خيمة واحدة، وانتشر الجرب والقمل في المخيم”.

وترفض “الزيدان”، المواد الإغاثية والمعونات، مشددة على ضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي “حتى نعود إلى منازلنا لأن قلوبنا باتت تحترق على ترابنا ومنازلنا وقرانا، أعيدونا إلى بيوتنا ولا نريد منكم شيئاً”.

وتشرح خديجة الذياب (37 عام) وهي أم لثمانية أولاد، وضعها المأساوي داخل الخيمة التي يقطنها كل أفراد أسرتها، وتقول لنورث برس: “نحن 11 شخصاً في هذه الخيمة، قبل عام من الآن زوجت ابني الكبير، وحتى الآن لم يستطيع الخروج من هنا والحصول على خيمة أخرى لكي يستقر مع زوجته فيها”.

وتضيف: “الوضع المعيشي أيضاً سيء للغاية، لا توجد أي فرصة عمل داخل المخيم، والإغاثات التي نحصل عليها لا تكفينا إلا بضعة أيام فقط، وفي فصل الصيف الجو حار جداً في الخيمة وفي الشتاء نجلس كلنا سوية داخلها لنستطيع أن نقاوم البرودة في الشتاء”.

وطالبت”(الذياب” أيضاَ من المعنيين وأصحاب القرار إيجاد حل لعودة آمنة لهم لمنازلهم وقراهم، لأن إدارة المخيم والمنظمات “غير قادرين على تأمين معيشتهم”، حسب تعبيرها.

وأسست الإدارة الذاتية مخيم واشوكاني أواخر عام 2019، عقب نزوح مئات الآلاف من سكان مدينة سري كانيه وريفها، بسبب الاجتياح التركي مع الفصائل الموالية له للمدينة، خريف 2019.

“منذ مدة تتجاوز العام ونصف العام، أوقفنا استقبال اللاجئين من المناطق التي تسيطر عليها تركيا ومناطق النزاع بشكل تام”.

وصرّح برزان عبد الله، الرئيس المشترك لإدارة مخيم واشوكاني، لنورث برس، أن عدد سكان المخيم في الوقت الحالي هو 16876 شخص، موزعين على 2377 عائلة مسجلة بشكل رسمي في سجلاتنا، و55 عائلة غير مسجلة لدينا، كانوا قد دخلوا المخيم بطرق غير رسمية.

وأضاف: “منذ مدة تتجاوز العام ونصف العام، أوقفنا استقبال اللاجئين من المناطق التي تسيطر عليها تركيا ومناطق النزاع بشكل تام”.

وأشار المسؤول إلى أنهم “منذ تأسيس المخيم طلبنا من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بأن تدير المخيم بشكل رسمي، وتشرف على المواد الإغاثية والنظافة وما إلى ذلك، ولكن كل طلباتنا كانت بدون رد، إلى تاريخ 21 يناير/كانون الثاني من عام 2023 الجاري، استلمت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أمور المخيم، وأعلنته مخيماً رسمياً معترفاً به، ولكن بدعم قليل وخجول منها”.

وأشار المسؤول في المخيم إلى أن تقاعس المنظمات والجمعيات الخيرية وخاصة الدولية، “يندرج تحت إطار حرب سياسية يتم فرضها على السكان في هذا المخيم، فوجود كل هذا التجمع البشري في بقعة جغرافية واحدة، يدل على إصرار هؤلاء السكان على العودة إلى موطنهم الأصلي”.

وأضاف أيضاً “دائماً تكون الحجة الأساسية لدى هذه المنظمات هي دعمهم في الوقت الحالي للاجئين والنازحين من الحرب الأوكرانية الروسية، حتى أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أخبرتنا بأنهم سيخفضوا كمية الدعم المادي والإغاثي عن هذا المخيم بنسبة 30% في الفترة المقبلة، علماً أنه بدون هذا التخفيض هناك تقصير وتقاعس من قبلهم، فما بالك بتخفيض هذه النسبة”.

وبخصوص استقبال فصل الشتاء تحدث المسؤول عن إمكانيات ضعيفة لدى الإدارة الذاتية لتقديم كامل المستلزمات الصيفية لهذا الكم من السكان في المخيم، “وفي ظل التقاعس التقصير من قبل المنظمات الإنسانية سيكون هناك صعوبات وعقبات في مواجهة فصل الشتاء هذا العام”، حسب قوله.

ويشير حسين علي طه، أحد النازحين في المخيم، إلى أن وضعهم “ليس بجيد. الخدمات ضعيفة وقليلة، وأغلب السكان لا يكفيهم مكان السكن ومعظمهم دون عمل”.

ويضيف في حديث لنورث برس: “كل ما نأمله هو العودة إلى منازلنا في سري كانيه”.

تحرير: تيسير محمد