أدوية زراعية ومبيدات تتسبب بخسائر لمزارعين بدير الزور
ماهر مصطفى – دير الزور
خسر عمار أكثر من ألفي دولار خلال الموسم الزراعي الماضي، نتيجة استخدامه أدوية ومبيدات، يقول إنها “تالفة” وأضرت بمحصوله من القمح.
عمار العويد، مزارع من سكان بلدة البحرة شرقي دير الزور، شرقي سوريا، أضرت مبيدات أعشاب وحشرات، بمحصوله من القمح، حيث أدت لذبول السنابل قبل نضجها، ما اضطره لـ “تضمينه” لمربي أغنام، دون أن يجني منه حبة واحدة.
ويشتكي مزارعون بدير الزور من انتشار الأدوية والمبيدات التالفة والتي تسببت بأضرار في المحاصيل، حيث تعرّضت محاصيل ذرة وقمح لحرق بعد رشها بمبيدات تبين أنها “تالفة”.

يقول “العويد” إن انتشار الأدوية التالفة تمثّل معاناة للمزارعين، فبعد دفعهم مبالغ طائلة لزراعة أراضيهم، تؤدي تلك الأدوية أو المبيدات لخسارة المحصول بشكل كامل دون أن يستطيع المزارع تعويض خسارته.
وبالإضافة للمبيدات، انتشرت مؤخراً الأسمدة والبذور المغشوشة، حيث تُباع تلك المواد بذات سعر المواد الأصلية، وفقاً للمزارع.
لذلك بات يتخوّف، من تلك المواد مع إقباله على زراعة أرضه بمحصول القمح، ويشتكي الرجل من عدم توفر الأدوية والأسمدة والبذور بجودة جيدة، والأمر ينسحب على عموم مزارعي ريف دير الزور.
وتساهم قلة الرقابة وعدم وجود مخابر وبحوث زراعية بانتشار تلك المواد، خاصة أنها تأتي بعلامات وماركات أجنبية، وفي ظل ذلك ولارتفاع أسعارها أيضاً وربطها بالدولار الأمريكي، انتشر تصنيعها محلياً.
يطالب “العويد” الجهات المسؤولة بتشكيل لجان مختصة وتدقيق الرقابة على الأدوية الزراعية التي تتوفر في الصيدليات الزراعية، وإنزال عقوبات بمن يتلاعب فيها، حيث ينتشر خلط أدوية يدوياً، ووضع لصاقات عليها تعود لشركات معروفة، وتؤدي تلك بنتائج عكسية تعود عاقبتها على المزارع ومحصوله.
ويرى أن الحل إنشاء صيدليات زراعية تتبع للإدارة الذاتية، تتوفر فيها أدوية ومبيدات وبذور بجودة جيدة، وتباع بسعر مناسب، لمنع استغلال المزارعين.
وتنتشر الأدوية التالفة “بشكل كبير” في الصيدليات الزراعية، ورغم سوء جودتها إلا أنها تباع بأسعار عالية، تحمل تلك لصاقات لشركات أجنبية ومحلية معروفة.
يفكر عنتر المحمد، وهو مزارع من سكان بلدة الباغوز بريف دير الزور الشرقي، بالعزوف عن زراعة أرضه هذا لعام، بسبب خسارة فادحة تعرّض لها الموسم الماضي.
يقول لنورث برس إنه استبشر خيراً بمحصوله من القمح، لكن ذلك لم يدم طويلاً، حيث حًرق محصوله بعد رشه بمبيد للأعشاب، وتزايد الحشرات فيه والتي أدت لخسارته أكثر من نصف المحصول بأرضه التي تبلغ 35 دونماً.
يضيف الرجل أن مشكلة المبيدات والأدوية التالفة، يعاني منها غالبية مزارعي دير الزور، الذين خسروا العام الماضي مبالغ مالية طائلة بسبب تلف المحصول وارتفاع أسعارها.

ويطالب كما سابقه، الجهات المسؤولين عن القطاع الزراعي بإيجاد حل ضروري للأدوية التالفة، وتوفير أدوية جيدة “كون الزراعة تمثّل العمود الفقري لمعيشية سكان دير الزور”.
من جهته يقول خليفة الزايد، وهو مهندس زراعي من بلدة هجين بريف دير الزور الشرقي، لنورث برس، إن مؤسسات الزراعة بدير الزور، “استوردت أدوية بنوعية جيدة، بعد انتشار الأدوية التالفة التي تدخل من شمال غربي سوريا، بالإضافة لأخرى محلية الصنع”.
لكن الكميات المستوردة لا تكفي احتياجات 25 بالمئة من المزارعين، ما دفع غالبيتهم لشراء أدوية مجهولة المصدر وغير مضمونة الجودة من صيدليات زراعية، طبقاً لقوله.
يشير “الزايد” إلى أن التربة في الأراضي الزراعية والمناخ والمياه التي تروى فيها المحاصيل تختلف من منطقة إلى أخرى، “لذا فإن كل أرض أو محصول يجب رشه بمادة معينة من المبيد والأدوية”.
ويضيف لنورث برس: “غالبية الأدوية الزراعية المتوفرة في الأسواق هي صنع محلي ولا تتناسب مع تركيبة التربة والمحصول في مناطقنا”.
والحل وفق ما يرى، بتوفير مخابر زراعية في المنطقة لفحص تركيبة الأدوية والمبيدات وإتلافها ومصادرتها في حال ثبوت غشها وخلطها محلياً، وتوفير كميات من الأدوية والمبيدات بصيدليات تتبع للإدارة الذاتية.
أما منير الفتاح، وهو صيدلي زراعي من بلدة الصبحة بريف دير الزور الشرقي، فـ يقول إنه يشتري الأدوية الزراعية من مندوبين مبيعات لشركات محلية، “نضطر لشرائها من المندوبين لعدم توفرها في مستودعات تابعة للإدارة”.
ويضيف لنورث برس، أن جميع الصيدليات الزراعية في دير الزور تتعامل مع مندوبين، “لا نعلم إذا ما كانت الأدوية مغشوشة أو تالفة، لعدم وجود مخابر تحليل للتأكد من جودتها”.
ويشير الفتاح إلى أن جميع الأدوية التي تباع في الصيدليات الزراعية تتعرض لعناصر الضابطة في مديريات الزراعة، “لكن لعدم امتلاكهم الخبرة الكافية لا يتمكنون من معرفة الدواء التالف، وهذا ما ساهم بانتشارها وبيعها في الصيدليات”.
ويطالب مديريات الزراعة والمسؤولين بمنح شركات خاصة، ترخيص استيراد أدوية من شركات عالمية معروفة، للقدرة على بيعها في السوق الحرة، وضمان جودتها.