غرفة الأخبار- نورث برس
مع تجدد الصراع حول أهم المعابر التجارية بريف حلب الشرقي، بين فصائل للجيش الوطني الموالي لتركيا، وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، يتصدر الهدف الاقتصادي للأخيرة أهم الأسباب بينما تذهب قراءات لمحللين عسكريين إلى أبعد من ذلك وقد تكون إيجاد بديل لإدلب أو توسيع مناطق نفوذها.
في الحادي والعشرين من أيلول / سبتمبر الفائت، اندلعت الاشتباكات للسيطرة على معبر الحمران في جرابلس بريف حلب الشرقي، الذي يعد مورداً اقتصادياً هاماً في المنطقة.
وأسفرت الاشتباكات التي لم تحسم حتى هذه اللحظة عن مقتل وإصابة العشرات من الطرفين المتصارعين، تخللها تدخل تركي أفضى لهدنة هشة اخترقتها الهيئة ليعقبها ارسال المزيد من التعزيزات العسكرية، وفقاً لرصد شبكة مراسلي نورث برس في المنطقة.
أقرأ أيضاً:
- قتلى وأسرى لـ “تحرير الشام” في اشتباكات معبر الحمران
- تركيا تغلق عدداً من المعابر في الشمال السوري
- نزوح سكان بريف حلب وسط اشتباكات مستمرة للسيطرة على معبر الحمران
“قد تكون صفقة”
قبل نحو عام ظهرت أولى محاولات “تحرير الشام” للسيطرة على معبر الحمران، عندما سيطرت على عشرات القرى بريف حلب وطردت فصائل من الجيش الوطني وعينها على المعبر الذي يدر الملايين.
يقول المحلل العسكري العميد أحمد رحال، إن “الجولاني” ومنذ أول اتفاق روسي- تركي عام 2018، “يقدم نفسه على أنه عرّاب المنطقة، ويحاول أن ينصب نفسه كزعيم للمنطقة معتبراً أن ما يسمى بمناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” وحتى “نبع السلام” جزء من ميراثه، الذي يفترض أن يكون هو زعيم كل المنطقة”.
ويعتقد أن هناك صفقة وراء الصراع الفصائلي للمعارضة و”النصرة”، ويضيف لنورث برس، أن “توجه الجولاني لمناطق درع الفرات وغصن الزيتون، هو للبحث عن بديل اقتصادي وجغرافي”.
و”هذا الحديث ليس بجديد”، بحسب رحال، مستذكراً الاتفاق الذي قيل إنه وقع بعد سيطرة تحرير الشام على عفرين منتصف تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، والذي قضى بانسحاب “الجولاني” إلى إدلب، ولكن “على أرض الواقع بقي موجوداً في عفرين بشكل مخفي”.
ويلمح الخبير العسكري إلى وجود “مشروع سياسي”، والذي بحسب ما ذهب إليه خلال حديثه لنورث برس، إنه يهدف “لإيجاد مكان بديل عن إدلب، التي من الممكن أن تسلم للنظام، أو منطقة حكم ذاتي”.
ويبدو أن “الجولاني يشعر بأن إدلب ليست أرضاً مستقرة وهو يبحث عن بديل”.
“أبعاد الصراع”
يقول الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية العميد خليل الحلو، لنورث برس، إن “أبعاد هذا الصراع لا تتعلق بالمال والموارد فقط”.
ولكن “يتعلق الأمر بتعزيز وتقوية مناطق نفوذ الهيئة التي باتت لاعباً لا يمكن تجاهله وليس لقمة سائغة يمكن للنظام وغيره أن يقضي عليها”.
ويضيف الحلو، أن “كل المعلومات تشير إلى أن عناصر الهيئة منظمين ويرتدون ملابس عسكرية نظامية وهناك سلسلة أمر وقيادة وبالتالي يريدون الاستمرار في هذا الأمر لفرض وجودهم ولتحقيق أهدافهم عند تسوية الأزمة السورية”.
“رهنٌ للموقف التركي”
ويرى الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية أن الصراع القائم، “يتطلب تدخلاً تركياً، وبالفعل تحركت آليات تركية للحد من تحركات الهيئة باتجاه المعبر ونحو منبج، وحتى هذه اللحظة لا نعرف تماماً ما هو الموقف التركي من هذه الاشتباكات”، بحسب قوله.
“فتركيا طبعاً متحالفة مع الجيش الوطني السوري وهو أفضلية بالنسبة لها، ولكن في الوقت نفسه لا تريد الدخول في صراع عسكري مع الهيئة وهي بحاجة لوجود الهيئة في موازين القوى داخل سوريا في مواجهة النظام وأعوانه”.
ويشدد الحلو على أن “الأمر رهن الموقف التركي الذي يمكنه – إذا أراد – إرسال قوى إضافية وكافية لفرض استقرار واتفاق بين الطرفين، ولكن هذا الأمر ليس واضحاً حتى هذه اللحظة”.
” مسرحية من إخراج النظام التركي”
فيما يرى الكاتب والسياسي المعارض علي الأمين السويد، أن الصراع الدائر بين الهيئة والجيش الوطني حول المعابر عامة ومن بينها معبر الحمران، “مسرحية من إخراج النظام التركي” الذي سمح للهيئة، بالتمدد بالاتفاق مع “قادة المرتزقة محمد الجاسم أبو عمشة وفهيم عيسى اللذان يدفعان إتاوات للجولاني من عائدات المعابر مقابل حمايته لهم عند الضرورة”.
ويعتقد السويد بأن “هذا الصراع سيبقى بين مد وجزر حتى يجتمع قادة الإرهاب والارتزاق ليعلنوا نهاية الخلافات وتشكيل إدارة ذاتية مشتركة بقيادة الجولاني، وبمباركة تركية خالصة، ويبدأ عهد جديد للشمال السوري شمال الـ M4 ويمتد إلى تل أبيض سمته تشبه قبرص التركية”.
“فالشمال السوري أصبح مرتبطا عضويا بتركيا، بطريقة أصبح من الصعب جداً الاستمرار بدون تركيا، وكل ما يجري يشير إلى أن سير قطار الاستحواذ التركي على الأراضي السورية ماضٍ وبرضى كل من فصائل المعارضة والنظام السوري”.