“لبوة الجبل”: فقدان الأمل بالانتماء يبقي احتجاجات السويداء مستمرة
عمر الشريف ـ السويداء
وجود “نظام الأسد” هو تحدٍ وجودي للسوريين الذين فقدوا الإحساس بالانتماء، بهذه العبارات النابعة من عمق انتفاضة السويداء، بدأت لبنى الباسط أو “لبوة الجبل”، كما يحلو لسكان المحافظة مخاطبتها، حديثها عن احتجاجات السويداء.
لبنى الباسط أو لبوة الجبل، هي شابة خريجة كلية العلوم قسم الفيزياء من قرية ملح في الريف الجنوبي لمحافظة السويداء، وإحدى المشاركات بمظاهرات السويداء منذ انطلاقتها تتحدث لنورث برس، عن الإصرار على استمرار التظاهرات السلمية حتى تحقيق المطالب.
تقول لبنى، إن “التراكمات السلبية التي راكمها النظام على المجتمع السوري عامة والسويداء خاصة بالإضافة إلى عدم الإحساس بالانتماء للدولة وفقدان الأمل لدى الشباب جعل وجود نظام بشار الأسد تحدٍ وجودي للسوريين. وهذاما دفعنا للخروج بالاحتجاجات دون العودة تحت مبدأ نحن أو نظام الأسد”.
سبب الحماس الموجود في هذه الاحتجاجات والذي دفع بـ”لبوة الجبل” للمشاركة بها منذ انطلاقتها المستمرة منذ أكثر من شهرين، هو حالة عامة لدى الشباب السوري، في الحاجة لإعمار وطنهم من كل النواحي العمرانية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية التي انهارت جميعها بسبب “ممارسات النظام”.
تقول لبنى: “طوال العقود الماضية، سعى النظام إلى فرض الجهل والتخلف ومعاملة المناطق السورية كمعتقلين وممارسة القتل والتهجير وتكريس سطوة العصابات الإجرامية وتحويل الجنوب إلى منطقة حرة لتجارة المخدرات بالإضافة لتكريس الانقسامات التي فرضت على المجتمع السوري” .
ولم تقتصر الاحتجاجات على المدينة فقد عمّت الأرياف، تقول “لبوة الجبل”، إن مشاركة الأرياف “تشكل رافعة دائمة للحراك في ساحة الكرامة على مدار الأسبوع بالإضافة ليوم التجمع الأسبوعي الكبير وهو يوم الجمعة والذي تبرز به ضخامة الأعداد”.
وتشدد لبنى على استمرارهم في الحراك “لن نقف عند أي حد ونريد إسقاط النظام عبر تطبيق القرار 2254 ومخاطبة المجتمع الدولي الذي أصبح محرجاً وكان غير جاد بفرض تنفيذ القرار الأممي”.
وتضيف: “الحراك يسير إلى الأمام بخطى ثابتة لبلورة فكر متقدم وتعزيز الإيجابية الموجودة تحت مبدأ ثورة جامعة، ولن نسمح للنظام باستثمار مقولة الأسد أو الفوضى، لأنه منبع الفوضى”.
وتشير إلى أن “الحراك بين كذب النظام بحماية الأقليات من خلال محاربته للحراك فهو يحتمي بالأقليات ويستخدمها حجة لبقائه”.
وما ميّز حراك السويداء، هو مشاركة النساء وتصدرهن مشهد الاحتجاجات، ما أعطى قيمة مضافة رائعة عن سلمية وحضارة المظاهرات من خلال هتافات النساء وغنائهن وأغصان الزيتون، تقول لبنى.
وتضيف: هذه المشاركة النسوية شجعت الشباب ورجال الدين والمثقفين للخروج إلى الساحات والثبات بها فالمرأة هي الأم والأخت وتأثير صوتها كبير على الجميع بالتوافق مع وعيها السياسي نستطيع القول بأن المرأة كان لها صوت جامع في الاحتجاجات ومؤثر لاستمرارية الحراك وتطوره لاستقطاب أعداد أكبر إلى الساحة وتجديد الحالة الثورية التي غابت لفترة طويلة خلال الثورة، فالمرأة شريك في المجتمع وقطب بارز في الحراك” .
“نبحث عن وطن لنبنيه”
وتشدد “لبوة الجبل”، على أن الأسباب السياسية هي الدافع لانطلاق الاحتجاجات والاستمرار بها، نافية أن تكون الأوضاع المعيشية.
وتقول: “الأمان مثلا هو أحد أهم مقومات الدولة بالإضافة إلى العيش الكريم، والنظام لا يوفر هذين الشيئين من مقومات الدولة، لهذا كان لزاماً علينا رفض العودة إلى المنازل”.
وبثقة كبيرة تضيف لبنى: “كلمة عودة ألغيناها من معاجمنا حتى تحقيق أهدافنا التي لا تنته بإسقاط نظام الأسد بل تتعدى إلى بناء وطن وخدمة هذا الوطن على المدى الطويل. فمرحلة ما بعد الأسد لا يمكن التنبؤ بها وسيكون تحركنا بناءً على مفرزات كل مرحلة وما يهم هو أننا اليوم نبحث عن وطن لنبنيه كما نريد”.