النزوح الجماعي أبرز تداعيات حرب “المعابر” بين فصائل معارضة بريف حلب

مؤيد الشيخ ـ ريف حلب

للمرة الثانية على التوالي يضطر النازح الخمسيني جاسم حميدان، للنزوح مجدداً داخل منطقة نزوحه نتيجة المعارك الدائرة في القرى القريبة من جرابلس شمال شرقي حلب، حيث تسيطر فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركياً والتي تخوض منذ نحو شهر معارك عنيفة ضد هيئة تحرير الشام التي تحاول التوغل في المنطقة.

وتسببت الاشتباكات العنيفة الدائرة بين فصائل الفيلق الثاني التابعة للجيش الوطني وعلى رأسها فصيل “السلطان مراد” وهيئة تحرير الشام، بنزوح عشرات العائلات من مناطق الاشتباكات خوفاً من الرصاص الطائش ونتيجة استخدام الطرفين الأسلحة الرشاشة الثقيلة.

وأسفرت تلك الاشتباكات، وفق شهود عيان، عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة أكثر من 15 آخرين بينهم نساء وأطفال بجروح متفاوتة الخطورة، وسط مخاوف من استمرار التصعيد في المنطقة.

يقول “حميدان” النازح من منطقة السفيرة جنوبي حلب، لنورث برس، إنه يقيم في مخيم صغير للنازحين بالقرب من بلدة عولان بريف جرابلس شمال شرقي حلب منذ نحو خمس سنوات، إلا أنه اضطر مؤخراً للنزوح مجدداً داخل ما وصفها بـ”المناطق المحررة” بعد اختراق الرصاص أقمشة خيامه الثلاث المهترئة والتي تأوي تسعة من أفراد عائلته الذين عادوا إلى تذكر لوعة أصوات القصف والرصاص التي فروا بسببها من منازلهم.

وبالقرب من مكان نزوحه الجديد على أطراف مدينة جرابلس يجهز “حميدان” رفقة أبنائه وأحفاده ما تبقى من خيامه بعد إصلاحها لاستقبال فصل الشتاء، رغم خشيته من النزوح مجدداً حال تمدد الاشتباكات بين الفصائل إلى المدينة.

إذ بات تفكيره اليوم هو “الابتعاد عن المناطق التي بقربها أو بجانبها معابر، وليس المناطق القريبة من سيطرة النظام السوري كما كان هو الحال في السابق”.

وتبحث سمر الإبراهيم (45 عاماً) النازحة من ريف إدلب في قرية النعمان شمال شرق حلب، عن مشفى تتمكن من خلاله إدخال طفلتها إلهام ذات الخمس سنوات والتي أصيبت جراء الاشتباكات الدائرة بين فرقة السلطان مراد وتحرير الشام مطلع الأسبوع الفائت، إلى الأراضي التركية لتلقي العلاج هناك.

تقول سمر وهي أم لخمسة أطفال أكبرهم في الرابعة عشر من عمره، لنورث برس، إنها “وبعد وفاة زوجها بقصف قوات النظام السوري على منزلها في جنوب إدلب، وعدم اعتراف أقاربه عليها وعلى أطفالها اضطرت للذهاب إلى منطقة جرابلس للسكن في مخيم للأرامل”.

وكانت الامرأة تعيش وعائلتها حياة مستقرة حتى فترة قريبة، لكن المعارك بين الفصائل باتت تقترب من مكان سكنهم، إذ سقطت قذيفة هاون لا تعرف مصدرها داخل المخيم وتسببت بإصابة ابنتها وثلاثة أطفال آخرين، وتبين فيما بعد أن الطفلة بحاجة للعلاج في تركيا أو ستفقد قدمها.

وتعيش الأم في حيرة من أمرها، فهي لا تستطيع إدخال ابنتها المصابة إلى تركيا للعلاج، ولا تدري ما ستؤول إليه الأمور في المنطقة بسبب الاشتباكات المتواصلة بين الفصائل.

محمد الحلبي وهو ناشط إعلامي في المنطقة، قال لنورث برس، إن الاشتباكات الدائرة بين الفصائل في المنطقة تسببت بنزوح أكثر من 115 عائلة من قرى النعمان وتركمان بارح وعولان وترحين شمال شرقي حلب، إضافةً إلى العديد من المخيمات في المنطقة.

ويعاني معظم النازحين من تلك القرى من أوضاع في غاية الصعوبة لا سيما مع حلول فصل الشتاء، وإن لم تتوقف الاشتباكات بين الفصائل خلال فترة قريبة فإن الأمر سيكون كارثياً في الحقيقة.

تحرير: تيسير محمد