ملف السوريين بتركيا.. زيادة في جرائم العنصرية وسط استمرار عمليات الترحيل

غرفة الأخبار- نورث برس

لم تكن سوى أيام معدودات فصلت بين الخطاب الذي وصفه متابعون بـ”الحازم” للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن مواجهة خطاب العنصرية ضد الأجانب على الأراضي التركية، وبين جريمتي قتل طالت شابين سوريين في ريعان شبابهما على يد مواطنين أتراك خلال الشهر الجاري.

وتحدثت تقارير صحفية وحقوقية عن ازدياد نسبة جرائم العنصرية ضد الأجانب لتتقدمها تلك التي تطال السوريين مؤخراً في تركيا.

ويقول الحقوقي عمار عزالدين، مدير مكتب رابطة المحامين السوريين الأحرار: “ما يحدث للسوريين من ارتكاب جرائم ضدهم في تركيا يمكن أن يندرج ضمن جملة من الأحداث والاعتداءات العادية التي تشاهد في أغلبية المجتمعات، قد تكون نتيجة شجارات أو مشاكل ضمن العمل أو حوادث سرقة ويحمل جزءٌ منها دافعاً عنصرياً”.

ويضيف “عزالدين” لنورث برس، أن “هذه الحوادث وإن كانت تندرج ضمن سياق اجتماعي عام، إلا أنها استهدفت السوريين لكونهم الحلقة الأضعف في المجتمع”.

ويشير إلى أن “هذه الفئة لا تجد تفاعلاً حازماً من الناحية القانونية للتعاطي مع المشاكل التي تتعرض السوريين ووجود حالة تجاهل واضحة عند شريحة واسعة من عناصر الشرطة”.

“لا يحملون الصفة القانوينة”

“لا يحمل السوريون في تركيا الصفة القانونية التي تفيدها كلمة لاجئ والتي تفترض مجموعة من الحقوق كتلك التي تتوفر في حالة لجوء السوريين مثلا إلى دول أوروبية”، يقول عز الدين.

ويضيف الحقوقي السوري: “لكنهم يندرجون تحت صفة الحماية المؤقتة، والتي تم تنظيمها وفق حالة مؤقتة تعتمد في هيكلها على قانون الأجانب والحماية الدولية، ولكن في مضمونها  تحرم اللاجئ من عديد من الحقوق”.

ومن تلك الحقوق، بعض القوانين التميزية بحق السوريين مثل “الحصول على إذن سفر للتنقل بين الولايات، وتثبيت عنوان السكن في مناطق محددة من المدن وإغلاق مناطق كبيرة، لا يمكن للسوري تثبيت عنوان السكن، مما شكل نظرة دونية من المجتمع المضيف و تنامي العنصرية بحق السوريين من بعض فئات المجتمع التركي”.

“تطبيق غير فعال”

وفقاً للحقوقي “عز الدين”: “القانون التركي يحتوى على مواد تجرم العنصرية والتحريض ونشر الإشاعات”، ولكن “لا يتم تطبيق هذه المواد بشكل فعال ويضمن تطبيق العقوبة على مرتكبي الجرائم التي ترتكب بحق السوريين، لتشكل ردعاً قانونياً مجتمعياً يضمن للسوريين الحق في المقاضاة العادلة، والتي هي أحد أهم المواد المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي صادقت عليها الحكومة التركية بالإضافة لنص المادة 10 من الدستور التركي”.

معبر باب الهوى ساحة المسافرين من الجانب السوري شمالي إدلب - نورث برس
معبر باب الهوى ساحة المسافرين من الجانب السوري شمالي إدلب – نورث برس

عمليات الترحيل مستمرة

تواصل السلطات التركية عمليات الترحيل القسري للسوريين من أراضيها  إلى مناطق الشمال السوري، التي زادت وتيرتها بشكل ملحوظ خلال الشهر الماضية، فيما تخللها العديد من الانتهاكات طالت المئات من السوريين، دون وجود أي رادع .

فخلال شهر أيلول/ سبتمبر الجاري فقط، نفذت السلطات التركية أكثر من عشرة عمليات ترحيل لتكون آخرها وليس أخرها، قبل أيام، في حين تم تسجيل أعلى حصيلة ترحيل وعبر المعابر في شمالي سوريا، منتصف الشهر الجاري، حيث وصل عدد المرحلين760 لاجئاً من بينهم نساء وأطفال.

أقرأ أيضا:

لماذا ترحيل الأجانب إلى سوريا؟

ووصف مهند حافظ أوغلو الباحث في العلاقات الدولية والشأن التركي لنورث برس، أن “ترحيل بعض الأشخاص العرب إلى سوريا، هذا خطأ يجب أن لا يتكرر، يجب التثبت من جنسية كل شخص يتم إيقافه كي لا تكون هناك عواقب نحن بغنى عنها”.

ويشير “أوغلو” إلى أن “وزير الداخلية التركي قبل أيام أعلن أنه سيكون هناك نقاط تدقيق متعددة ومتحركة في عدة محافظات، للتأكيد على هوية الشخص، سواء كان يحمل أوراقه الثبوتية أو لا، هناك نظام إلكتروني من خلاله سيتم التحقق منه”.

ويشدد على “استمرارية في إعادة من يمكن إعادتهم إلى سوريا قبل الانتخابات المحلية القادمة، كي لا تستخدم المعارضة مرة أخرى ملف الأجانب والسوريين في هذه الانتخابات كما فعلت في انتخابات الرئاسة والبرلمان”.

تغير ديمغرافي

ويقول رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، إن “ترحيل تركيا للأجانب  إلى شمالي سوريا، يدل على عشوائية ما يحدث في الداخل التركي من عنصرية ضد كل من يشتبهون بأنهم سوريين”.

ويضيف عبد الرحمن لنورث برس: “شهدنا زيادة كبير في عمليات الترحيل وهذا ينافي رواية أردوغان بأنها عودة طوعية للسوريين، وأنه حامي السوريين”.

ويشدد على أن “ما حصل من ترحيل للأجانب والتنكيل بهم يدل على أن ما يحصل في تركيا من تفاقم العنصرية، وتكمن خطورة ذلك فيما سيؤدي إليه من تغيير ديمغرافية المنطقة سواء بترحيل السوريين أو الأجانب”.

إعداد وتحرير: مالين محمد