نفقات الإدارة الذاتية في بيئة معقدة نتيجة ضعف المنظومة الإدارية

زانا العلي – الرقة

تنفق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، موازنتها الاستثمارية والجارية، في بيئة معقدة نتيجة ضعف المنظومة الإدارية.

استخلص تقرير هيئة المالية العامة لشمال وشرق سوريا، لعام 2022، حصلت نورث برس نسخة منه، المعتمد في جزءه الأخير على التحليل الرباعي (SWOT)، أن نقاط الضعف في المنطقة هي بيئة العمل المعقدة نتيجة ضعف المنظومة الإدارية، وغياب المنظومة الإلكتروني، وضعف سبل الاتصال العمودي والأفقي.

وبحسب التقرير فإن التهديدات المالية التي تواجه الإدارة الذاتية، هي عدم تطور النفقات الاستثمارية، وحصول العجز واستمراره في الموازنة العامة، ومعالجته بسياسة الضبط الكبير للنفقات وانعكاس ذلك على سياسات التنمية.

أنفقت الموازنة العامة لـلعام الفائت، 42 بالمئة على الأراضي، و 29 بالمئة على المباني، و16 بالمئة على الآلات والمعدات، و6 بالمئة على وسائل النقل، و4 بالمئة على الأثاث، و2 بالمئة كمبيوترات وملحقاتها، و1 بالمئة مشاريع أخرى. بحسب التقرير.

يتبين من خلال التدقيق بالأرقام الواردة أن المخصصات الاستثمارية “ذات طبيعة استهلاكية ولا تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في شمال وشرق وسوريا”. إن المخصصات الاستثمارية، “ليست منخفضة فحسب، بل يميزها سوء التوزيع على المشاريع”.

وأنفقت موازنة العام الفائت، على مشاريع ذات طبيعة استهلاكية، للأعمال غير الإنتاجية، مثل شراء الأثاث والسيارات وأجهزة الكومبيوتر وصيانة المباني. وفقاً للتقرير.

ولم تتضمن النفقات في العام 2022 أي مشاريع استراتيجية كبيرة، كمعالجة مشكلة الطاقة الكهربائية أو تطوير الصناعة، أو التنمية الريفية.

وتعاني مناطق شمال شرقي سوريا، من دمار في البنية التحتية وخاصة قطاع التعليم والصحة والزراعة والاقتصاد من مشكلات دعم، بحسب تصريح سابق لنورث برس، لا تزال 488 مدرسة بين مدمرة كلياً وجزئياً، إضافة إلى دمار قنوات الري في القطاع الزراعي والمعامل والمصانع التي تدمرت في المنطقة نتيجة الحرب.

تقرير هيئة المالية قدم مقترحات لتفعيل دور الإنفاق الاستثماري، وهي “ربط جميع المشاريع المقدمة من قبل الهيئات الإدارة الذاتية بدراسات الجدوى الاقتصادية الاجتماعية، مع مكتب التخطيط، وإخضاعها لشروط موضوعة من قبلها، حيث أنه يجب ألا تخضع المشاريع الاستثمارية لرغبات الجهات المطالبة بها، فالمطلوب من تلك الجهات هو تقديم مشاريعها لمكتب التخطيط أو أحد فروعها ليتم إدراجها ضمن الخطة”. وفقا للتقرير.

بالإضافة إلى ذلك، يطلب من المجلس العام والمجالس التشريعية في الإدارات الذاتية والمدنية أن تلعب دورها في ترشيد الإنفاق على المشاريع الاستثمارية وتحقيق الربط بين تلك المشاريع والأهداف الاجتماعية والاقتصادية المشتركة للإدارة والمجتمع. وفقاً للتقرير.

ويقترح التقرير وضع استراتيجية اقتصادية للإدارة الذاتية قائمة على التمييز بين الهيئات التنموية الرئيسية (الاقتصاد والزراعة والإدارة المحلية والطاقة والتربية والصحة) والهيئات الأخرى، لذلك يجب منح الأولوية في الإنفاق الاستثماري لتلك الهيئات.

يقول الرئيس المشارك لهيئة المالي العامة في شمال وشرق سوريا، أحمد يوسف، إن الموازنة الاستثمارية يفترض أن ينفق قسم منها، لتقديم خدمات للمجتمع، والقسم الآخر، يجب أن ينفق على تطوير المنظومة الإنتاجية للإدارة، كشركات ومؤسسات إنتاجية كبير لتحقيق العائد.

ويضيف يوسف الحاصل على شهادة دكتوراه في الاقتصاد، لنورث برس، أن قسم الخدمات يحقق عائداً اجتماعياً بينما القسم الآخر يحقق عائداً اقتصادياً يخدم بدوره العائد الاجتماعي أيضاً.

وفي العام 2021، كانت الموازنة الاستثمارية 40 مليون دولار، بينما في عامي 2022 – 2023، بلغت من 80 – 90 مليون دولار لكل عام.

ويقول المسؤول المالي، إنه “ولتحسين أداء الموازنة، قمنا بتحديد الهيئات التنموية وهي التربية والتعليم العالي، والإدارة المحلية والبلديات، والصحة والاقتصاد والزراعة، شريطة أن يكون 85 بالمئة من النفقات الاستثمارية للهيئات المذكورة”.

ويضيف: “الغاية من دعم هذه الهيئات هي لـتعظيم حجم الخدمات الصحية والتعليمية وتطوير البنية التحتية، ولكن حققت نتائج متواضعة. لذا يجب أن نلجأ إلى سياسة تعظيم الإيرادات لتعظيم النفقات”.

سياسة غير كافية

يقول يوسف إن سياسة ترشيد النفقات “غير كافية”، ولكي “نطور خدامتنا في الموازنة الاستثمارية، الخيار الوحيد هو تعظيم حجم إيرادات الإدارة الذاتية. والزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات بجزء منه كان الهدف هو تعظيم الإيرادات”.

ويضيف: “لدينا سياسات أخرى للاهتمام بهذا الجانب، وهي إعادة 20 بالمئة من العائدات الضريبية في كل إقليم إليه، ليستخدم هذه الإيرادات للخدمات”. طبقت في عام 2022، ولكن تواضع الإيرادات الضريبية يؤدي إلى تواضع نسبة 20 بالمئة التي تعود إلى الأقاليم. 

ويشير المسؤول المالي إلى أن “الأقاليم لم تهتم بالشكل المطلوب بالمبالغ التي قمنا بإعادتها لهم خارج الموازنة، بتوظيفها في مشاريع خدمية لها أهمية، بل عملوا بها في حل مشاكلهم والنواقص المالية التي يعانون منها”.

يقول المسؤول: “نعمل على تطوير العائدات الضريبية، وتطوير شكل الموازنة، لننتقل إلى الموازنة بالأهداف، وهي على سبيل المثال، إذا كان لدينا 100 مليون دولار 40 بالمئة منها توزع بصورة اعتيادية للأقاليم و60 بالمئة ستكون خطة استثمارية للمشاريع الكبيرة على سبيل المشافي والمدارس وغيرها”.

تعمل المالية العامة على تطبيق نظام الموازنة بالأهداف بالدرجة الأولى وتعظيم الإيرادات هو “هدف أسمى لا بد منه، وإصدار القانون المالي الأساسي لضبط عمل مؤسسات الإدارة الذاتية”. وفقاً للمسؤول.

ويقول يوسف: “نعمل على ترشيد السياسة الجمركية والضريبية، لعدم فتح الأبواب أمام الفساد الإداري والمالي وتحسين حجم العائدات من الطرفين”.

أسباب شلل الإنفاق الاستثماري

أدت عدة أسباب إلى عدم قدرة الإدارة على تعظيم حجم الإنفاق الاستثماري، حيث تجاوزت قيمته في موازنة 2022 80 مليون دولار أمريكي، وبقيت في حدود ذلك الرقم في مشروع موازنة العام 2023. فيما يلي الأسباب وفق التقرير هيئة المالية:

  • تخلف القطاع الإنتاجي، تعاظم حجم المسؤوليات الواقعة على الإدارة، منذ تأسيسها نتيجة الدمار الذي لحق بالبنية التحتية في المعارك التي دارت في المنطقة.
  • تقديم الإدارة للخدمات المجانية وشبه المجانية، مثل الخدمات الصحية والتعليمية وتقديم بعض المواد بأسعار أقل من سعر التكلفة كالخبز والمحروقات.
  • ارتفاع حجم العمالة الإدارية في الإدارة الذاتية، والتي تكلف سنوياً مبلغاً يتراوح بين 120 -130 مليون دولار أمريكي.
  • ارتفاع حجم النفقات الجارية للإدارة، وخاصة الإنفاق على آليات النقل تشكل جزءاً هاماً من إجمالي النفقات الشهرية، والتي يمكن ترشيدها بتوفير الإرادة لذلك.