“بترت ذراعها ولم تحقق مبتغاها”.. لماذا أنهت دمشق “الدفاع الوطني” في الحسكة؟
سامر ياسين – نورث برس
يرى سياسيون أن حكومة دمشق، عملت خلال الأيام القليلة الماضية على بتر أحد أذرعها وهو الدفاع الوطني في الحسكة، شمال شرقي سوريا، لكن هدفها في تحقيق قاعدة شعبية لم ينجح، لأسباب عدة.
وشهدت مدينة الحسكة الأسبوع الفائت وعلى مدى 6 أيام، اشتباكات عنيفة وتبادل قصف بين قوات حكومة دمشق ومجموعة “الدفاع الوطني” التابعة لها، والتي تمردت عليها في الآونة الأخيرة.
وبلغ عدد الضحايا المدنيين 19 شخصاً، حيث قُتلت امرأة وطفل، وأصيب 17 شخص منهم 3 نساء و 7 طفل، وفقاً لقسم الرصد والتوثيق في نورث برس.
وقتل 3عناصر من القوات الحكومية وأصيب 6 آخرون, بينما وثق القسم مقتل مسلح من “الدفاع الوطني” وإصابة 3 آخرين.
“تقصّد إطالة المعركة”
يرى الكاتب والمحلل السياسي السوري رستم محمود، في حديث لنورث برس، أن الحكومة السورية “صعّدت وأطالت هذه المعركة، لإثبات الوجود في المنطقة، وكان من المعروف أنها كانت تستطيع أن تقضي على هذه الشبكة الملتفة حول رئيس الدفاع الوطني خلال يوم واحد فقط”.
ويقول: “لكنها أطالتها لتثبت أن لها وجود سياسي وعسكري في قلب مناطق الإدارة الذاتية، حتى وإن كان ضمن مربع صغير، بالإضافة إلى أن الحكومة السورية أرادت أن توحي بأنها تستطيع تشكيل العديد من الأذرع، ولكن ضمن سيطرتها وتستطيع تفكيكها في أي لحظة كانت، وأن الجميع يجب أن يكون خاضع لإرادتها السياسية والأمنية”.
وهذه المعركة، بحسب المحلل السياسي، “لم تكن ضد الدفاع الوطني الذي كان يتزعمه عبد القادر حمو، بل كانت رسالة لجميع الأدوات الأخرى المرتبطة بها في عموم المحافظات والمدن السورية بأنها تستطيع أن تفككهم بأي وقت كان”.
“تبديل طرابيش”
ويرجح “محمود”، أن دمشق تعمل فقط على تبديل هذا النموذج الذي كان موجوداً في الحسكة، وتسعى “لتشكيل نموذجاً آخر تحت قيادة أخرى شبيهة بتلك عن طريق عملية أشبه بتبديل الطرابيش.
ويرى المحلل السياسي أنه في المحصلة، “دمشق تعتمد على هذه الأدوات لخلق نوع من الهيمنة أو المزاحمة مع قوات الإدارة الذاتية، وتريد أن تحافظ على هكذا أدوات، لكن ضمن سقف محدد”، حسب تعبيره.
ويضيف “محمود”: “عبد القادر حمو كان قد توهم بأنه تجاوز ذاك الحد، فقامت الحكومة بتفكيك لتنشأ شخصية أخرى مطابقة له تماماً، ولكن ضمن الحد الذي تمنحه إياه الحكومة، ويكون آخذاً بعين الاعتبار تجربة النموذج السابق”.
“رفض شعبي واضح”
ويعتقد المحلل السياسي أن الحكومة السورية لا تملك أي طبقة من المؤيدين أصلاً في مناطق شمال شرقي سوريا، “هي فقط تملك مجموعة مما يمكن تسميتهم الزبائن، وهم من المستفيدين اقتصادياً أو المرتبطين بالأجهزة الأمنية”.
في نفس السياق، أشار أكرم محشوش مستشار قبيلة الجبور لنورث برس، إلى أنه “رغم كل الشكاوى المقدمة من قبل العشائر على تصرفات عبدالقادر حمو ومجموعته، إلا أن أجهزة الحكومة ماطلت في الموضوع رغم أنها أصدرت قرارا رسمياً بعزله وتعيين غيره”.
وقال “محشوش” إن “النظام، أثبت فشله من خلال هذه الأحداث التي حصلت مؤخراً، وظهر بمظهر أنه غير قادر على حسم الموضوع خلال يوم واحد”.
وتساءل مستشار قبيلة الجبور: “كيف هي دولة وتملك كافة العتاد العسكري الثقيل، وكمٍ كبير من العناصر، وتبقى خمسة أيام لبسط سيطرتها على مساحة 200 متر مربع فقط؟
وأعرب “محشوش”، عن اعتقاده في أن “الموضوع حصل عكس ما يريد النظام السوري، فبدل أن يزيد حاضنته الشعبية، ابتعدت عنه الحاضنة الموجودة سابقاً”.