خطط وزارة الزراعة في الحكومة “على الورق فقط”

ليلى الغريب ـ دمشق

ما زالت وزارة الزراعة في الحكومة السورية، تضع خططها السنوية بذات الآليات السابقة، ما قبل 2011 عندما كانت الدولة تسيطر على كامل أراضيها.

وفي أحدث خططها، بينت أن الإنتاج الزراعي عموماً يؤمن حاجة البلاد بنسبة 75%، وأن هنالك محاصيل تفوق نسبة إنتاجها المائة بالمائة مثل الحمضيات والتفاح والزيتون وغيرها.

وأن متوسط الاكتفاء الذاتي لأقل مادة حسب إحصاءات الزراعة لا يقل عن 80% وهي لمادة الشعير، علماً أنه حسب تقديرات الزراعة إنتاج الشعير فاق 200 ألف طن، والحاجة 70 ألف طن، وتصل إلى 127% لمادة التفاح.

وربما لكل هذا تتكرر مشاكل نقص الكثير من المواد بعد السماح بتصدير الفائض منها حسب المعلومات التي تعلنها الزراعة.

غير متناسبة

هذه التقديرات التي تعلن عنها الزراعة لا تتناسب مع المتاح من المواد على أرض الواقع، وهذا ما تشير إليه تصريحات القائمين على سوق الهال، والتشديد بشكل دائم أن أعداد السيارات المحملة بالخضار من مختلف المحافظات إلى سوق الهال بدمشق “انخفض إلى الربع”، وأن السيارات التي تغادر سوق الهال إلى محلات الجملة والمفرق “أقل بذات القدر”، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار الناتج عن قلة المتاح من الخضار والفواكه.

وعن دور التصدير في رفع الأسعار، قال عضو في لجنة سوق الهال لنورث برس، إن المشكلة ليست في التصدير، وإنما في القدرة الشرائية المنخفضة كثيراً للناس، إذ إنه مهما انخفضت أسعار المواد لن تصبح مناسبة للدخل، ثم أن التصدير أمر تسعى له كل الدول ولا يؤثر على حاجة السوق المحلية.

ولولا التصدير، “لتوقف كل المزارعين عن الزراعة، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج الكبير، ونقص القوة الشرائية للسوق المحلية الذي يجعل إنتاجهم بلا مستهلكين”، بحسب العضو.

محاصيل أخرى

ومن متابعته للواقع الميداني، يقول الإعلامي زهير الحسن (اسم مستعار)، المتابع للشأن المحلي، إن المتتبع لإنتاج القمح في منطقة كالغاب مثلاً “يكتشف مدى التراجع في هذه الزراعة التي كانت تشكل 40% من إنتاج سوريا من القمح، والتي تأتي بعد الحسكة في إنتاجها، ولكن على أرض الواقع أقلع معظم المزارعين عن إنتاج القمح واستبدلوه بمحاصيل أخرى أقل تكلفة كالبقوليات مثلاً”.

وبين أن المشكلة الأساسية في التسعيرة المتدنية، وارتفاع تكاليف الإنتاج من أسمدة ومحروقات وغيرها.

أرقام وزارة الزراعة عن الإنتاج الزراعي والخطط الزراعية ينتقدها الاتحاد العام للفلاحين أيضاً، ويشدد عضو سابق في مكتب الشؤون الزراعية، على أن نسب التنفيذ التي تضعها الوزارة سواء عن المحاصيل الاستراتيجية أو غيرها “غير دقيقة”.

وأن هذا يعود “لغياب البيانات الصحيحة من جهة، ولاعتماد آليات العمل ذاتها من جهة ثانية”، فمثلاً “ما زالت مشكلة إحصاء أعداد الثروة الحيوانية قائمة حتى الآن رغم كل المشاريع التي أعلنت عنها الوزارة بشأن الإحصاء، مثل الشريحة الالكترونية وغيرها، وذلك لأن المربين يبالغون بأرقام حيواناتهم عند تقديم بيانات للحصول على أعلاف بسعر مدعوم، ويعملون على بيعها تهريباً لأنها تحقق لهم أرباحاً أعلى، ويوفرون تكاليف تربيتها من جهة ثانية”.

تغيير الاستراتيجية

إحصاءات وزارة الزراعة تشير إلى أن الأراضي القابلة للزراعة تبلغ 4.5 مليون هكتار، يقع نحو نصفها في المناطق الآمنة، أي 2 مليون هكتار، وعن طريقة استثمار هذه المساحات بينت وزارة الزراعة العمل على تغيير استراتيجية خطتها.

وأشار مدير تخطيط سابق في الزراعة لنورث برس، إلى أن الوزارة غيرت خططها الزراعية من اعتماد المجموعات إلى المحاصيل، كالتخطيط  مثلاً لزراعة 1.5 مليون هكتار بمحصول القمح، منها 540 مليون هكتار في المناطق الآمنة.

وزراعة 500 هكتار قطن ضمن المحاصيل الصيفية، والعمل على التوسع بزراعة المحاصيل البقولية، كزراعة 100 ألف هكتار بالبقوليات في الموسم القادم.

إلى جانب الخطط الورقية ومدى مطابقتها للواقع، يستمر صراخ المنتجين طوال العام من ارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في الزراعة مثل الأسمدة والمحروقات والمبيدات ومن سوء نوعيتها أيضاً، ومن تسعيرة لا تراعي التكاليف، بشكل أرغم حتى الراغبين في زراعة أراضيهم من الإقدام على خطوة الإقلاع عن الزراعة حتى للاستهلاك المنزلي.

ليشدد بعضهم أن هذه الخطط “ستبقى على الورق”، وسيظل تقدير كميات الإنتاج “غير دقيق طالما لم تعالج المشاكل الأساسية للزراعة، والأمثلة على هذا الحال كثيرة، ولا داعي لتكرار الحديث عن تصدير البصل وإعادة استيراده، وكذلك الثوم والبطاطا وزيت الزيتون مؤخراً، وكل هذا يوحي بخلل يحتاج لعلاج”، حسب حديثهم.

تحرير: تيسير محمد