غرفة الأخبار – نورث برس
يرى سياسيون أن استهداف المنشآت النفطية والمرافق الحيوية من قبل تركيا، هو عمل تخريبي يؤثر على أمن واستقرار المنطقة وإمدادات الطاقة التي تغذي شمال شرقي سوريا بشكل خاص، والداخل السوري بشكل عام.
وكان آخر استهداف تركي للمنشآت الحيوية في 14 أيلول/سبتمبر الجاري، طال صوامع قمح في قرية أم الكيف بريف تل تمر الشمالي، شمالي الحسكة، بالأسلحة الثقيلة، إذ أنها ليست المرة الأولى التي يستهدف بها الفصائل هذه المنشأة.
ففي العام الماضي، وخلال أسبوع واحد، استهدفت المسيرات التركية 26 موقعاً في شمال شرقي سوريا، تركزت على البنى التحتية والمرافق الحيوية مثل حقول النفط والغاز.
وحينها، حصلت نورث برس على وثائق حصرية، تُظهر خسائر وتكاليف إعادة تأهيل المواقع التي قصفتها تركيا، والتي تصل إلى قرابة 81 مليون دولار أمريكي، وتنقسم هذه التكاليف على القطاعات التالية: قطاع التعليم، الصحة، الزراعة والطاقة.
“حرب مستمرة”
وقال أحمد يونس، وهو نائب الرئاسة المشاركة في هيئة الزراعة والري بالجزيرة، إن الاستهدافات التركية للمنشآت الاقتصادية وخاصةً الصوامع لها تأثير مباشر على الوضع الاقتصادي في المنطقة، حيث أنها ضمن أساسيات الأمن الغذائي في شمال شرقي سوريا.
وأضاف لنورث برس، أن الهدف من هذه الاستهدافات “هو خروج معظم الصوامع التي تخزن فيها الحبوب عن الخدمة، ما يؤثر سلباً على الأمن الغذائي لسكان المنطقة”.
بدوره قال باسل عبدي، وهو محامٍ في القامشلي، إن استهداف المنشآت النفطية والمرافق الحيوية هو “عمل تخريبي خطير”، ينافي كل الأعراف والقوانين الدولية، ومن شأنه التأثير على أمن واستقرار إمدادات الطاقة التي تغذي منطقة شمال شرقي سوريا بشكل خاص والداخل السوري بشكل عام.
وأضاف لنورث برس، أن استهداف المنشآت الحيوية والتي لا غنى للسكان عنها، يشكّل “جريمة حرب” وفقاً لقواعد القانون الدولي، لاسيما اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب.
كما أنها تمثل تصعيداً واضحاً “لجرائم العقاب الجماعي التي تواصل قوات الاحتلال إيقاعها بالسكان المدنيين في تحلل واضح من التزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي، ويجب أن يتحمل المجتمع الدولي، لاسيما الدول الأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، مسؤولياته القانونية والأخلاقية بالتحرك العاجل لوقف جرائم الحرب التركية، وتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين”، بحسب “عبدي”.
وقال بدران جيا كرد، الرئيس المشارك لدائرة العلاقات الخارجية التابعة للإدارة الذاتية: “التهديدات التركية المستمرة جزء من الحرب المستمرة ضد شعبنا، وهي تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار وكذلك على جهود مكافحة الإرهاب وخاصة داعش والخلايا المرتبطة بها، كما تؤثر أيضاً في المجالات الأخرى بما فيها الطاقة والخدمات وقطاع تطوير المعيشة من قبل الإدارة الذاتية وبرامجها في خدمة السكان”.
هجرة غير مسبوقة
وأضاف جيا كرد لنورث برس أن “هذا الأمر يفتح الأبواب أمام هجرة جماعية غير مسبوقة من المنطقة باتجاه الدول الأوروبية تحديداً دون شك”، مشيراً إلى أن “استهداف المنشآت الحيوية جزء من هذه الحرب وهو نوع من أنواع الحرب التي تستهدف الوضع المعيشي للسكان، ومنع تطور قدرتهم على تطوير مؤسساتهم”.
وبحسب جيا كرد، أن “الهدف هو العمل على انعدام سبل العيش وكذلك منع القدرة على التمويل الذاتي لشعبنا وهذا يعطل مشاريع مكافحة الإرهاب والعملية السياسية لتأمين الاستقرار والحل المنشود المتوافق عليه من قبل جميع السوريين وهو هدف أساسي لتركيا”.
ودعا “المجتمع الدولي والتحالف كذلك العمل للحد من هكذا ممارسات المزعزعة للاستقرار وجهود التطوير الذاتي، لضمان الاستقرار والسلام”.
وبحسب اعتقاد مسؤول العلاقات الخارجية، فإن “هذه الممارسات التركية الجديدة هو تكتيك جديد للحرب ضد مناطقنا بعد فشل المساعي الأخرى وقد تطورت هذه المساعي على وجه التحديد بعد أحداث سجن الحسكة قبل عام ونصف” بحسب كلامه.
تغاضٍ دولي
يقول بسام أحمد، وهو مدير منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، إن الاستهدافات لا يمكن أن تحصل دون وجود تغاضٍ دولي روسي أميركي، وهذه ليست إشارة جيدة لسكان المنطقة الذين هم نفسهم عانوا من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وهم نفس الحلفاء الذين يغضون الطرف على هذه الاستهدافات التي تحصل بحق السكان وبحق المنشآت.
ويشير أحمد إلى أن هذه الاستهدافات هي “شكل آخر من أشكال محاولات التهجير، أولاً موضوع المياه وثانياً موضوع الضغط، وتركيا تحاول دائماً أن تبقي هذه المناطق غير آمنة، وتواصل استهدافاتها للمنشآت الحيوية”.
وكسابقها تضيف أفين جمعة، الإدارية في منظمة حقوق الإنسان بالجزيرة، أن “استهداف المنشآت الحيوية ليس بشيءٍ جديد على الدولة التركية فهي تستهدف هذه المنشآت منذ بداية احتلالها لمناطق الشمال السوري بما في ذلك عفرين، سري كانيه وتل أبيض وحتى في الشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022 الماضي، قاموا باستهداف جميع النقاط الحيوية في مناطق الجزيرة، منشآت النفط والغاز وصوامع الحبوب، جميعها تم استهدافها بشكل ممنهج”.
ونوهت الإدارية في حديث لنورث برس، إلى أن الاستهداف الأخير للصوامع الواقعة في أرياف تل تمر شمال الحسكة، ورغم أنه لم يتوقف منذ عام 2019، وكافة المناطق والقرى والمنشآت الخدمية، إلا أنه “يهدف لتهديد الأمن الغذائي وإجبار السكان على الهجرة وترك أماكنهم”.