ليلى الغريب ـ دمشق
أثارت تصريحات وزير الدفاع التركي يشار جولر حول الدستور وتشكيلة الحكومة في سوريا تكهنات حول الدور الذي تسعى إليه أنقرة في أي تسوية للأزمة السورية، ولم تكن “الانتخابات” التي شهدتها إسطنبول، وأفضت إلى “فوز” مرشح أنقرة لرئاسة الائتلاف السوري المعارض بعيدة عن ذلك.
يأتي ذلك وسط بعض التحركات السياسية التي كسرت “الجمود الذي لا يطاق” حسب توصيف الأمم المتحدة لمسارات الحل في سوريا.
شروط بلاده
تصريحات وزير الدفاع التركي يشار جولر لم تكتف بتأكيد المواقف المعلنة لأنقرة حول الانسحاب من الأراضي السورية، بل تعدى ذلك إلى حديث عن أن دمشق “أصبحت ملزمة” بإعداد دستور، وحدد شروط بلاده لسحب قواتها من سوريا بتشكيل حكومة جديدة بناء على ذلك الدستور، وأن تلك الحكومة “ستشمل جميع الأشخاص الموجودين هنا” في إشارة واضحة إلى أعضاء الائتلاف السوري المعارض الموجودين في تركيا والذي حسمت أنقرة أخيراً أمر رئاسته وسط جدل وانتقادات حتى من الائتلاف للحكومة التركية.
تصريحات جولر لصيحفة “ميليت” التركية، التي نقلها موقع “روسيا اليوم”، كانت تأكيداً لما سبق وأعلنه الشهر الماضي، حين قال إن بلاده لن تغادر سوريا “دون ضمان أمن حدودها”، كما وصف صياغة دستور جديد لسوريا بأنه “أهم مرحلة لإحلال السلام” هناك.
الدستور مجدداً
تلك التصريحات أعقبت جدلاً واسعاً في أوساط المعارضة السورية حول “فرض” أنقرة لرئيس للائتلاف، هادي البحرة، وخاصة بعدما قال عضو الائتلاف ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى إن البحرة “سيحصل على منصب الرئيس بالصرماية”.
اختيار البحرة يحمل أيضاً دلالة مهمة، كما يقول المحلل السياسي شادي الأسود لنورث برس، وتلك الدلالة هي أن البحرة شغل موقع الرئيس المشترك للجنة كتابة الدستور (اللجنة الدستورية) التي تشكلت من ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة.
وهو أيضاً ما يمكن أن يُفهم من حديث وزير الدفاع التركي عن الدستور السوري، والإشارة الواضحة إلى أن الحكومة التي ستشكل بناء عليه ستضم أعضاء الائتلاف الموجودين في تركيا، “وهو ما يعني أن تركيا تسعى لتكون صاحبة الكلمة الأعلى فيما يتعلق بالحكومة السورية، وهذا في الحقيقة صار ممكناً، إذ إن قرار السوريين لم يعد في يد أي من مسؤوليها، سواء الموجودين حالياً في السلطة أو الذين سيتم فرضهم بأي طريقة ممكنة ودون أي اعتبار لموقف السوريين وما جرى مع الائتلاف المعارض خير مثال على ذلك”، بحسب “الأسود”.
حكومة برؤية تركية
“تركيا لن تغادر سوريا”، يقول الأسود، ويتساءل: “ما الذي يمكن أن يدفعها إلى ذلك؟ هي تعرف أن النظام السوري حالياً في أضعف مراحله وأنه غير قادر على فرض ما يريد، ولذلك فهي لا تضع في اعتبارها إلا القوى الأخرى التي تنافسها داخل سوريا وليس من بينها الحكومة السورية”.
وعلى ذلك فهي تتفاوض مع إيران وروسيا حول “تحضيرات تحركاتها القادمة في سوريا”، ومن ذلك اللقاء الذي ضم وزراء خارجية الدول الضامنة، روسيا وتركيا وإيران، في موسكو، وقالت الخارجية الروسية إنه بحث “صيغة أستانا” التي وضعتها موسكو لتكون مساراً موازياً لجنيف، رغم أن المسارين لم يتوصلا إلى أي تفاهم.
بلا وزن
تلك المشاورات أعقبها لقاء مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، ومن هنا تأتي أهمية إعادة الحديث التركي عن دستور سوري وخاصة الإشارة إلى أن دمشق أصبحت ملزمة بإعداد دستور ستجري بناء عليه انتخابات في البلاد، فاكتمال الحلقة في تلك المساعي يتبلور في “تعيين” البحرة المفاوض عن المعارضة بشأن الدستور ليكون رئيساً للهيئة التي تريدها أنقرة ممثلاً للمعارضة السورية وهي الائتلاف السوري الذي ليس له أي وزن شعبي، حتى ضمن أوساط المعارضة، ولا يعتمد سوى على الدعم الذي تقدمه له أنقرة المعززة بحضور عسكري في سوريا.
كل ذلك يشير إلى أن تركيا وضعت قائمة بأسماء أعضاء الحكومة السورية، وهي تسعى لإقناع الدول التي تقاسمها النفوذ في سوريا بتلك القائمة، حسب المحلل “الأسود”.