مفارقة سورية.. أسعار الأدوات الكهربائية ترتفع ولا كهرباء لتشغيلها

ليلى الغريب ـ دمشق

من المفارقة أن ترتفع أسعار المعدات الكهربائية في بلد كسوريا، تصله الكهرباء ساعة واحدة، وأحياناً أقل، بعد نحو خمس ساعات من الانقطاع، وغالباً أكثر، فهذا ما لا يمكن فهمه، إلا ضمن مفارقات الحياة خلال الأزمة المستمرة في سوريا.

الباعة في سوق الأدوات الكهربائية يعتمدون السياسية ذاتها، إذ مع بداية كل شتاء تقفز أسعار الأدوات الكهربائية، رغم تراجع الطلب عليها حسب تأكيدهم.

وكما تبرر الجهات المعنية أسباب التقنين القاسي، بزيادة الضغط على الكهرباء عندما يشتد البرد أو الحر، كذلك يبرر أصحاب محلات في سوق الكهرباء الارتفاع الكبير في الأسعار بتبدل سعر الصرف، والتأكيد على أن 90% من المواد الداخلة في صناعة المعدات الكهربائية مستوردة، علماً أن القطع الموجودة في السوق هي من أسوأ الأنواع ومعظمها يدخل مهرباً لا يخضع لأي شروط.

خارج الخدمة

يقول محمد علي وهو أحد الزبائن في سوق الكهرباء بدمشق لنورث برس، إن “الرمد أفضل من العمى” إذ إنه مع صعوبة تأمين المازوت والغاز، يصبح الخيار شبه الوحيد هو الاعتماد على الكهرباء لكسر برد الشتاء خلال الساعات القليلة التي تصل فيها الكهرباء على مدار اليوم.

يضيف عادل قنواتي، وهو صاحب محل كهربائيات، أن وسائل مثل “المكيف” أو “المروحة” أصبحا خارج الاستخدام بسبب “تقنين” الكهرباء، وأن أغلب الصناعات الحديثة أصبحت تعتمد على قطع خفيفة يمكنها أن تعمل بواسطة البطاريات التي أصبحت بديلاً للكهرباء.

وهذا شاع مؤخراً بالنسبة للمراوح، بحسب “قنواتي” كما شاع استخدام “اختراع شعبي” بديل، وهو تركيب وشيعة على الغاز الصغير بقصد التدفئة، حيث يمكن للأسر أن تعتمده رغم مخاطره في أوقات البرد الشديد.

إضافة إلى زيادة الإقبال على “الحصير الكهربائي” ومدفأة الحطب كخيارات يرغم أصحابها عليها، رغم عدم جدواها.

مبررات كثيرة

عضو في الجمعية الحرفية للأدوات الكهربائية، شدد لنورث برس، على أن التهريب ينافس سلع سوق الكهرباء، لأنها أقل سعراً، وأن هنالك الكثير من المبررات التي تجعل أسعار القطع الكهربائية تتضاعف عدة مرات كل موسم، لأسباب عدة منها الضرائب المرتفعة حسب قوله.

وكذلك تبدل سعر الصرف، بحسب العضو في الجمعية الحرفية، حيث أن المواد الأولية المستخدمة في صناعة المواد الكهربائية مستوردة، كالكابلات والنحاس والألمنيوم، وكذلك الحبيبات البلاستيكية وغيرها.  

وعن مصدر القطع المستخدمة، أشار إلى أنها من نوعيات أقل جودة، بعدما تعذر الاستيراد من الدول الأوروبية للبضاعة الأصلية بسبب العقوبات، حسب قوله، أي أن المتاح هو من الصين ودول جنوب آسيا، وتكاليف النقل مرتفعة كثيراً.

وقال إن هنالك تجاراً توقفوا عن استيراد بعض المواد بسبب ارتفاع أسعارها عالمياً، وعدم توافر القطع الأجنبي لديهم حسب قوله، كالدارات الإلكترونية، ولذلك لا تتوافر بقدر الطلب عليها.

أعطالها كثيرة

ومع تلك النوعيات غير الجيدة، منخفضة الجودة والسعر نسبياً، فمن الطبيعي أن تصبح الأعطال الكثيرة هي السمة الأساسية للمواد الكهربائية المحلية، لتظهر مشكلة أكبر وهي تكاليف تصليحها.

وتقول سهى نجار وهي إحدى سكان دمشق، إنها تواصلت مع الشركة التي أنتجت البراد الموجود في بيتها لتصليحه، حيث تتسبب الكهرباء المتقطعة وغير المستقرة بأعطال كبيرة لتلك المعدات.

تضيف “نجار” لنورث برس، أن من أوفدتهم الشركة من قسم الصيانة التابعة لها قالوا إن البراد بحاجة إلى قطعة سعرها 250 ألف ليرة، انصاعت الأسرة للطلب، إذ لا خيارات أخرى.

وحين عادوا بتلك القطعة في اليوم الثاني، تبين أنها لا تعمل، وكان الحل أن يأتي فريق صيانة آخر ليرمي المسؤولية على التجار الذين يستوردون “الستوكات” قبل أن يقول لتلك السيدة إنهم أحضروا قطعة أخرى أكثر جودة لكن سعرها 375 ألف ليرة، (وهو مبلغ كان كافياً لشراء أكثر من 9 برادات قبل سنوات الأزمة).

بلا حماية

ورغم الضبوط التموينية التي تتفاخر بها وزارة التموين، مع قيمة الغرامات التي تحصلها شهرياً، ليس أمام المستهلك إلا أن يستسلم أمام ما يفرض عليه في أسواق سمتها الفوضى في النوعية والسعر.

وتتسم معظم الأجهزة الكهربائية الموجودة في السوق السورية بأنها مجهولة المصدر، ومن الأنواع الرديئة، كما لا يتم تداول الفواتير الخاصة بها، ومعظم الشركات لم تعد تعطي كفالة للأجهزة التي تبيعها كما كان يحصل سابقاً، وهو ما كان يشير إليه حتى المسؤولين في وزارة التجارة الداخلية.

تحرير: تيسير محمد