بين قلة الدعم وتدني الإنتاج.. مزارعو القطن بدير الزور يشتكون من الخسارة

دير الزور – نورث برس

كان يأمل أحمد أن تنتج أرضه كميات وفيرة من القطن تغطي التكلفة التي دفعها المزارع لإنجاح المحصول، لكن حين القطاف خاب أمله وتعرّض لخسارة كبيرة.

زرع أحمد المحمد (39 عاماً)، من سكان بلدة البحرة شرقي دير الزور، شرقي سوريا، أرضه بمحصول القطن، كان يأمل بتحصيل دخل مادي وفير، لا سيما أن القطن محصول استراتيجي.

واضطر المزارع لتقليص المساحة المزروعة في أرضه، حيث زرع هكتار واحد من أصل خمسة يملكها ليستطيع إكمال موسمه، بسبب ارتفاع التكاليف، من بذور واسمدة وحراثة، رغم ذلك خسر وكان إنتاجه دون المأمول.

وتتطلب الزراعة في دير الزور مبالغ باهظة للحراثة والبذور والأسمدة والمبيدات، وجميعها مرتبطة بالدولار الأمريكي، بالإضافة إلى المحروقات التي ارتفعت أسعار بعضها بنسبة مئة بالمئة بقرار صدر من الإدارة الذاتية.

ورغم مرور نحو شهر على بدء قطاف المحصول، لم تسعّر الإدارة الذاتية بعد محصول القطن، والذي سعّرته العام الماضي بـ 4300 ليرة، كان تُعادل وفق سعر الصرف حينها صدورها، نحو 800 دولار أمريكي لطن الواحد.

يشتكي “المحمد” من ارتفاع تكاليف زراعة القطن، حيث وصل سعر كيس السماد نحو 450 ألف ليرة، ويحتاج الدنم الواحد لنحو كيسين، أي نحو 900 ألف ليرة للدنم الواحد.

عدا عن تكلفة المحروقات إذ يستهلك الدنم لـ 5 ليترات في كل ريّة، ويحتاج محصول القطن لـ 7 ريّات في الحد الأدنى، يشتري المزارعون ما يحتاجونه من السوق السوداء في ظل عدم تسليم المزارعين مخصصات أراضيهم من المازوت الزراعي.

ويعجز المزارعون عن شراء المازوت من السوق السوداء، والذي يبلغ سعره 3500 ليرة لليتر الواحد، ما يزيد من معاناة مزارعين المنطقة.

وتُضاف لذلك كلفة المبيدات والحراثة والقطاف والبذور، بينما إنتاج الدنم لديه لم يتعدى 200 كيلو.

تقدم المزارع وأقرانه بعدة شكاوى حول قلة الدعم، لكن لم تلق شكاويهم أي استجابة، وفقاً لقوله.

تشهد أرياف دير الزور، جني محصول القطن خلال الشهر الجاري، في الوقت الذي تُظهر فيه الإدارة الذاتية عدم الاهتمام بالمحصول، إذ إنها لم تُحدد التسعيرة، وكذلك لم تُحدد منافذ استلامه.

يزيد من معاناة مزارعي القطن في دير الزور، عدم توفر منافذ تصريف له، ما يهدد زراعة ما يُعرف بـ “الذهب الأبيض”، وهي معاناة تُضاف لقلة الدعم وغياب دور المنظمات في المنطقة.

وتهدد قلة دعم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بمادة المازوت مزارعي القطن بدير الزور، بـفشل الموسم وتقلص في المساحات، بعد أن تراجع الدعم خلال الفترة الماضية.

كذلك يشتكي محمد الجولان (35عاماً) وهو من سكان مدينة هجين شرقي دير الزور، ويقول إن الزراعة هي “عصب الحياة” لسكان دير الزور ومصدر دخل أساسي، حيث يؤثر غياب دعم الزراعة على الأوضاع الاقتصادية للمزارعين

يعاني المزارع من تأمين مادة المازوت لري أرضه، خاصة أنه زرع مساحة كبيرة من محصول القطن، ويشتكي من ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات الحشرية، ويتوقع “الجولان” فشل محصوله، ويصفه بـالسيء.

ويعتبر القطن من المحاصيل الاستراتيجية في سوريا، وتتركز زراعته بشكل كبير في شمال شرقي سوريا، لا سيما سرير الفرات، حيث المساحة الأكبر له.

يطالب “الجولان” بدعم قطاع الزراعة من حيث توفير المحروقات والأسمدة والبذور وتوصيل مياه الري إلى أراضيهم، “نطالب بدعم حقيقي على أرض الواقع، شبعنا من الدعم الشفهي والقرارات الورقية التي لم تُطبّق”.

وكما سابقيه يشتكي شختور السور (38عاماً) من بلدة البحرة شرقي دير الزور، من قلة الدعم للزراعة، حيث استلم المزارع مخصصاته من المحروقات لـ ريتين فق، أي نحو ثلث الكمية المخصصة لأرضه.

ويشير المزارع إلى أن من يرغب بالحصول على مخصصاته من المازوت وغيرها، عليه أن يدفع “رشى”، وهو الأمر الذي يراه يحول دون حصول المزارعين على مخصصاتهم من المازوت.

كذلك يشتكي من غياب دور المنظمات بدعم القطاع الزراعة، في ظل حاجة المنطقة لتطوير المشاريع الاقتصادية، خاصة أنهم يعتمدون على الزراعة في المرتبة الأولى.

وتبدأ مزارعو القطن بزراعته عادةً في منتصف آذار/ مارس، فيما يبدأ موسم قطافه أواخر أيلول/ سبتمبر من كل عام، وتنامت زراعته خلال العامين الماضيين بسبب تشجيع الإدارة الذاتية عليها، لكن هذا العام يتخوّف المزارعون من عدم استلام محصولهم.

تحرير: أحمد عثمان