مناهج دخيلة وإهمال.. أطفالٌ في دير الزور خارج المدارس
ماهر مصطفى – دير الزور
يفضّل علي إبقاء أطفاله في المنزل وتعليمهم عن طريق أساتذة مختصين ولو بأجور عالية، على إرسالهم إلى المدارس الحكومية، بسبب رداءة التعليم وضعف المنهاج واحتواءه على فكر المذهب “الشيعي”.
يقول علي النجرس (45 عاماً)، وهو من سكان بلدة العشارة بريف دير الزور الشرقي، شرقي سوريا، إن المدارس الحكومية تحولت إلى حسينيات لتعليم المذهب الشيعي، كما أن التعليم فيها بات متردياً بسبب الكوادر التدريسية الذين يعملون غالبيتهم بشهادات مزورة.
بنت إيران بعد سيطرة الفصائل الموالية لها على مناطق غرب الفرات بدير الزور، مراكز ثقافية وأقامت دورات وندوات لتعليم المذهب الشيعي ونشره بين السكان، وخاصة بين الأطفال.
لم تكتفِ بنشر المذهب الشيعي عبر المراكز الثقافية والندوات، بل بدأت بإدخاله ضمن المدارس عن طريق مدرسين من سكان المنطقة اعتنقوا المذهب الشيعي مؤخراً، لتستهدف الأطفال في المدارس، حيث لم تعد تُدرس المناهج النظامية في المناطق التي تخضع لسطوة الفصائل الإيرانية.
لفتت المناهج الغريبة انتباه ذوي الطلبة، ولجأ الكثير منهم لسحب أطفاله من تلك المدارس، وكان “النجرس” أحد هؤلاء، حيث سارع في منع طفله، الذي يدرس في الصف الرابع، من ارتياد مدرسة “قاسيون”، بعد ترديده شعارات طائفية ومذهبية.
فضّل الرجل تعليم ابنه على نفقته الخاصة، بواسطة معلم من أقاربه، يقول “النجرس” إن “غالبية أطفال الحي يرددون شعارات طائفية تعلموها في المدارس، ولم يكتفوا بترديد تلك الشعارات، بل أصبحوا يرتدون اللباس الشيعي ويتباهون به”.
وعلى خلاف ما فعل، اضطر سكان في مناطق سيطرة الفصائل الإيرانية لمغادرة المنطقة، خوفاً على أطفالهم من المستقبل الذي يصفونه بـ “المجهول”، وهرباً من الملاحقات الأمنية، إذ يعتبر من لا يرسل أطفاله إلى المدارس رافضاً للمذهب الشيعي.
يقول زوبع الناصر، وهو معلم لغة عربية، من سكان بلدة الموحسن بريف دير الزور الشرقي، يعمل في مدرسة “الشهيد باسل الأسد”، إن “مدارس دير الزور تعاني من مشاكل كثيرة تؤخر العملية التدريسية وتؤدي لفشلها”.
ويضيف لنورث برس أن “سكاناً يمنعون أطفالهم من الذهاب إلى المدارس لعدم توفر كادر تدريسي متخصص، إضافة للعنصرية والطائفية التي يتخذها بعض المدرسين من المنتسبين للمذهب الشيعي، ناهيك عن سوء الخدمة والنظافة”.
يشير “الناصر” إلى واقع صحي متردٍ في مدارس دير الزور بسبب إهمال النظافة، حيث سجلت حالات جرب وقمل بين الطلاب، بسبب تراكم الأوساخ والنفايات على مداخل المدارس وعبث الأطفال بها.
ويرى أن ممارسات الفصائل الإيرانية، أدت لهجرة الكثير من المعلمين، ما أفقد المنطقة كوادرها التدريسية، بالإضافة لعزوف البعض من المتواجدين في المنطقة عن العمل لأسباب دينية.
وفرضت الفصائل مناهج دخيلة على ثقافة سكان المنطقة، دون التقيد بمناهج حكومة دمشق، يرى “الناصر” أن هذا النهج ينذر بوضع تربوي “كارثي”.
يقول ناشطون محليون، إن إدخال المذهب الشيعي إلى المدارس الحكومية بدير الزور وعدم اتخاذ موقف صريح من حكومة دمشق حيال ذلك الأمر، “يؤكد ضعف الحكومة أمام المشروع الإيراني الذي ينهش دير الزور”.
ويحذر الناشطون من استمرار تعليم الأطفال المذهب الشيعي، إذ إن ذلك من شأنه أن يؤدي “لتشكيل فكر عنصري، سيكون سببا أساسياً لطمس هوية المنطقة مستقبلاً”.
لذلك، يرفض علي الجاسم (57 عاماً)، وهو من سكان بلدة الميادين شرقي دير الزور، إرسال أطفاله الثلاثة إلى المدرسة القريبة منه، بسبب الأفكار الدخيلة التي تُعطى.
يقول الرجل لنورث برس، إن معلمين اعتنقوا المذهب الشيعي، طلبوا منه تغيير اسم أحد أطفاله وأنذروه بذلك، بسبب خلاف تاريخي مذهبية حول الاسم.
يشير “الجاسم” إلى أن المدارس في دير الزور بمناطق غرب الفرات، تحولت إلى مراكز ثقافية إيرانية، تزرع فكراً مذهبياً جديداً على سكان المنطقة.