زانا العلي – الرقة
أجمع ناشطون وإعلاميون في ريف دير الزور الشرقي، على أن راية “قوات العشائر” جمعت عناصر من فصائل موالية لإيران وآخرين من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بتنسيق مسبق بين الطرفين في الحرب ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وبالتالي لا يتمكن التحالف الدولي من التدخل في تلك الاشتباكات، وهذا ما يفسر سبب اختفاء “داعش” تحت راية تلك القوات.
وقالوا، إن “داعش” كان على تنسق مع الدفاع الوطني التابع لـ حكومة دمشق والفصائل العسكرية التابعة لإيران في دير الزور، لضمان عدم تدخل التحالف الدولي في الأحداث الأخيرة في دير الزور.
وعلى مدار نحو 10 أيام من التوترات بدير الزور، غاب اسم “داعش”، رغم أن المنطقة التي سادها التوتر كانت بؤرة لنشاط التنظيم، لا سيما البلدات الثلاث الأشهر بدير الزور وهي: الشحيل، ذيبان والبصيرة.
تُعرف القرى الثلاث بـ “مثلث برمودا”، حيث كان عناصر التنظيم يظهرون في وضح النهار علانية، وطالما تكرر مشهد العبارات المناصرة للتنظيم ورفع رايته، بالإضافة لنشر أحكامه على السكان عبر المنشورات والتهديدات.
ورغم أن التوتر الأمني الذي ساد في دير الزور في أعقاب اعتقال قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، لـ أحمد الخبيل المدعو “أبو خولة”، قائد مجلس دير الزور العسكري، كأولى أهداف الحملة الأمنية التي أطلقتها بدير الزور “تعزيز الأمن”، ومواجهة مسلحين لـ “قسد” لا سيما في البلدات الثلاث بشكل أساسي، إلا أن التنظيم طيلة المواجهات، لم يظهر علانية بدير الزور على وجه التحديد، كما جرت العادة إذ كان قبل الأحداث الأخيرة، لا يكاد يمضي يوم دون أن ينفذ هجوماً ضد نقاط لـ “قسد”.
وأمس الجمعة، كشف تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، حصيلة هجمات، قال إنه نفذها الأسبوع الفائت، في العراق ومناطق بأفريقيا وأسيا.
ولم يتبن التنظيم أي عملية في سوريا منذ ثلاثة أسابيع، وذلك يغاير الأسابيع التي سبقتها، حيث كان التنظيم يتبنى عدة عمليات في سوريا أسبوعياً.

مخطط بياني لقسم الرصد والتوثيق في نورث برس يوضح هجمات تنظيم “داعش” منذ بداية العام وحتى النصف الأول من أيلول الجاري
اللقاء السري
يقول إعلامي مهتم بنشاط إيران في ريف دير الزور الشرقي، إنه قبل ما يقارب الشهرين حصل “لقاء في بادية الشولا بريف دير الزور الشرقي، بين قيادات من “داعش” وضباط من المخابرات السورية وتحديداً من قوى الأمن العسكري”.
يضيف الإعلامي الذي اشترط عدم ذكر اسمه، لنورث برس، والمقيم شرقي نهر الفرات، “لم نستطيع معرفة فحوى الاجتماع، أو مضمونه، ولكن نتائجه ظهرت لاحقاً في الهجوم على قسد”.
يفسر الإعلامي، عدم ظهور التنظيم الذي ينتظر هكذا فرصة في مناطق حدثت بها أعمال تخريب وفوضى أمنية، أن “النظام أعطى أوامر صريحة للتنظيم بعدم الدخول في أحداث دير الزور لكي يضمن عدم تدخل التحالف الدولي”. وفقاً لقوله.
ويرى أن الغاية الثانية؛ أن “النظام يسعى لتحقيق مكاسب على الأرض ومنها السيطرة على عدد من المناطق بحجة أن القوى التي تسيطر هي قوات العشائر”.
ويقول الإعلامي إن الهدف من عدم ظهور التنظيم في الإحداث الأخيرة بدير الزور كان نتيجة اللقاءات بين “داعش” وإيران، لضمان عدم تدخل التحالف الدولي.
ومنذ العام 2014 بدأت قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن محاربة تنظيم “داعش” من كوباني، ليحافظ على تواجده في المنطقة حتى القضاء على آخر معاقل التنظيم في بلدة الباغوز شرقي دير الزور.
ولم تتعاطَ الولايات المتحدة الأميركية مع الأحداث التي جرت في دير الزور على محمل الجد، وبصفتها شريكاً لقوات سوريا الديمقراطية في محاربة “داعش”.
واكتفت واشنطن في بياناتها وتصريحاتها بالتشديد على ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار في شمال شرقي سوريا، ومواصلة دعمها لقوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد التنظيم.
في حين قال، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، في اليوم الثامن من عملية “تعزيز الأمن”، إن “التحالف الدولي قدم لنا دعماً جوياً ضد المسلحين في دير الزور”.
“شفتهم بعيني مع بعض أمراء داعش وقيادات إيرانية”
بينما قيس علي، اسم مستعار لإعلامي يتابع ويوثق عمليات “داعش” في المنطقة، قال إن التنظيم نفذ خلال العام الجاري أكثر من 160 هجمة في سوريا غالبيتها في شمال شرقي البلاد.
وبحسب قسم الرصد والتوثيق في نورث برس، إن “داعش” نفذ في العام الجاري، 165 هجمة في سوريا تبنى منها التنظيم عبر معرفاته 84.
بينما في العام الفائت، تبنى التنظيم، 185عملية في مناطق الإدارة الذاتية ضد قوات سوريا الديمقراطية والمدنيين، ومعظم هذه العمليات نفذت في ريف ديرالزور الشرقي, بينما في عام 2021 تبنى التنظيم 31 هجوماً. بحسب قسم الرصد والتوثيق.
ويضيف “علي” لنورث برس، أن التنسيق بين “داعش” وإيران، في الأحداث الأخيرة بدير الزور كان بمستوى عالٍ، لاستهداف شمال شرقي سوريا.
وما دفع الإعلامي ليرجح وجود تنسيق بين إيرانيين وعناصر من “داعش” في ديرالزور هو، رؤيته لعناصر من التنظيم “كانوا مختفيين منذ سنوات ظهروا بشكل فجائي، مع عناصر من الأسود الشرقية والدفاع الوطني كانوا يقاتلون معا ضد “قسد”، في الأحداث الأخيرة بدير الزور”.
و”أسود الشرقية” هو فصيل متعدد الولاءات كان يتبع للجيش الحر في العام 2014، وإلى القوات الحكومية، ومن ثم أصبح يتبع لإيران.
وفي الثامن من أيلول\ سبتمبر الجاري، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، انتهاء عملياتها العسكرية في دير الزور، والتي بدأتها في السابع والعشرين من الشهر الفائت.