“المشمع” يحل مكان الجلد الطبيعي.. بعد تراجع استهلاك اللحوم

ليلى الغريب ـ دمشق

لم يقتصر تأثير أسعار اللحوم المرتفعة على استهلاكها فقط، وإنما أثر تراجع الذبح اليومي على صناعة الجلود في سوريا إلى درجة التهديد بانقراضها بعدما كانت تصدر إلى إيطاليا، وتؤمن حاجة الصناعة المحلية من الجلد.

تراجع المواد الأولية ونقص المياه والطاقة أهم المشاكل التي تعاني منها هذه الحرفة، والنتيجة إغلاق نحو  60% من محلات الدباغة حسب إحصاءات جمعية الدباغات في دمشق.

عضو في الجمعية الحرفية لصناعة الجلديات قال لنورث برس، إن ارتفاع أسعار المحروقات ونقص الجلود أثر كثيراً على مهنة الدباغة، وتسبب بارتفاع كبير في أسعار المنتجات الجلدية، حيث قارب سعر الحذاء المصنوع من الجلد مبلغ 300 ألف ليرة بعدما وصل سعره العام الماضي إلى أكثر من 100 ألف ليرة، والعام الذي سبقه نحو  40 ألف ليرة، بينما قارب سعر الحزام الجلدي 100 ألف ليرة.

طرق بدائية

لكل هذا شاع استخدام الجلد الصناعي “المشمع” الذي حل محل الجلد الطبيعي رغم كل مساوئه وارتفاع سعره، وسوء السلع التي تصنع منه.

ولفت العضو في الجمعية الحرفية، إلى أن ارتفاع أسعار المحروقات يفرض على الورشات المستمرة في العمل، العودة إلى الطرق البدائية من تجفيف الجلد بالشمس والهواء الطلق، وهذا يجعل الجلد أقل جودة من الجلود التي تجفف باعتماد الطريقة الأحدث وهي التجفيف على الآلات، ولكنها تحتاج إلى الكثير من المازوت.

وتشير الإحصاءات، أن عدد الحرف المسجلة في اتحاد الحرفيين وتعمل في الدباغة تصل إلى 80 محضر دباغة، بعد توقف 60% من المنشآت عن العمل لتراجع الطلب على الجلد الطبيعي بسبب ارتفاع أسعاره بالنسبة للمستهلك المحلي، وعدم القدرة على المنافسة في الأسواق الخارجية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، حسب تأكيد محمد عاصي وهو صاحب محل أحذية لنورث برس.

الاستيراد ممنوع

منعت وزارة الاقتصاد استيراد الجلد المصنع بعدما كان يسمح باستيراده إلى جانب الجلد الخام، ومنذ ذاك الوقت والجمعية تكرر مطالبها من وزارة الصناعة بالتوسط لاستيراد الجلود نصف المصنعة، وذلك لتوفير الماء والمحروقات التي تستهلكها الجلود لحين إعدادها، حيث أن قياس القدم من الجلد يستهلك مائة ليتر ماء وهذه كمية كبيرة كما يقول عاملون في الدباغات.

ولذلك يطالب حرفيو هذه المهنة في كل اجتماع رسمي، السماح باستيراد الجلود بمراحل متنوعة إضافة للجلود الخام (كالبكس وكروم)، ويؤكدون أن هذا يوفر نحو 60% من الحاجة للماء لهذه الحرفة ويقلل التلوث الناتج عنها.

ومن الإجراءات التي زادت من صعوبات العاملين في هذه المهنة أيضاً هو “نقل مكان هذه الحرفة من الزبلطاني في ريف دمشق إلى مدينة عدرا الصناعية، ولأن الماء غير متوفر بالشكل المطلوب يضطر الحرفي لشراء الماء على حسابه الخاص مما يضاعف التكلفة أيضاً، كما قال أحمد الدوس الذي ورث المهنة عن أجداده.

مبررات غير مقنعة

وزارة الاقتصاد ذكرت مع قرار منع استيراد الجلود الأسباب، وهي كما تكرر دوماً: “توقير القطع الأجنبي”، ولكن حسب رأي عضو جمعية الدباغات، هذا الكلام “غير منطقي” لأن تصنيع الجلود يحتاج إلى مواد أولية يتم استيرادها مثل( صوديوم سولفيت)، ويمكن بدل استيراد هذه المواد استيراد الجلود نصف المصنعة لأنها أكثر جدوى.

وعن خيارات تسويق إنتاج ورش الدباغات ضمن الظروف الحالية، قال إن تسويق ما ينتجوه محصور بين ثلاثة منافذ وهي التصدير أو البيع للسوق المحلية أو لشركة الأحذية الحكومية، “ولكل جهة من تلك الجهات مشاكلها”، حسب قوله.

تحرير: تيسير محمد