جهود التتريك مستمرة.. تركيا تواصل إضفاء طابعها على المدارس في الشمال السوري

فاروق حمو ـ إدلب

تنتهج تركيا منذ تدخلها في شمال غربي سوريا وعلى وجه الخصوص شمال وشرق حلب، سياسة التتريك، وإضفاء الطابع التركي على كامل الأرض السورية التي تسيطر عليها.

وتجلى ذلك واضحاً من بعد العمليات العسكرية التي قامت بها في المنطقة بدءاً من غزو عفرين 2018، ثم عمليات درع الفرات ونبع السلام في شمال وشرق حلب، ومناطق تل أبيض وسري كانيه.

وفي العام الدراسي  2018-2017 تم إدخال مادة اللغة التركية ضمن المنهاج الدراسي وجميع الصفوف من المرحلة الأولى حتى المرحلة الثانوية ملزمة بها جميع المدارس في شمال غربي سوريا في إطار سياسة التتريك والتغيير الديمغرافي التي تتبعها تركيا.

كما وتعد اللغة التركية مادة أساسية تدخل في المعدل العام لجميع الصفوف وعلامتها الكاملة 100  والحد الأدنى للرسوب بها 50.

ولاقى ذلك تذمر ذوو تلاميذ في مدارس مدينة أعزاز، شمالي سوريا، من الصعوبات التي يواجهها أطفالهم في تقبل وتعلم اللغة التركية التي تعتبر مادة “إلزامية” في جميع المدارس، في ظل ضعف الكادر التدريسي وعجز بعض العائلات عن افتتاح دورات خاصة لأطفالهم.

وعن سلبية تدخل تركيا في التعليم بمناطق شمال حلب قالت ميساء كنو، اسم مستعار لمعلمة لغة تركية في أعزاز: التتريك هو أحد أهم الأشياء السلبية في المجتمع بشكل عام والمدرسة بشكل خاص لأنه يقضي على لغتنا الأم وهي اللغة العربية”.

بالإضافة لفرض اللغة التركية كلغة أساسية وحصصها تعادل حصص اللغة العربية، فضلاً عن المناهج التي تم تغييرها بشكل كلي، والتي إن صح القول عنها “لا تبني جيلاً، وبالتالي سيؤدي ذلك لفساد المنظومة التعليمية المتكاملة”، بحسب “كنو”.

واختارت “كنو”، التدريس باللغة التركية لعدة أسباب أهمها، المردود المادي الكبير الذي يجنيه معلم تلك اللغة من المدارس والدروس الخصوصية للطلاب الراغبين في تحصيل مقاعد لهم في فروع الجامعات التركية الموجودة في المنطقة أن الانتقال لتركيا للاندماج في جامعاتها.

 وأشارت المدرسة إلى أن توجه الطلاب للدراسة في تركيا، “هو لاقتناعهم أن التعليم في المنطقة هو عبارة عن تحصيل شهادة بدون امتياز خارجي كون الجامعات المحلية غير معترف بها إلا في بعض الجامعات التركية أو بعض جامعات دول أوروبا، التي تعد على أصابع الكف الواحد”.

وعمدت تركيا بشكل مدروس وممنهج لتهميش اللغة العربية في المدارس التابعة للتربية التركية في مدينة أعزاز، “من خلال تقليص عدد ساعات التدريس لمادة اللغة العربية من 8 ساعات أسبوعياً إلى 5 ساعات، لتوازي بذلك ساعات اللغة التركية”، بحسب باسل المحمود (33 عاماً) وهو اسم مستعار لمدرس لغة عربية في إحدى مدارس أعزاز.

وعينت تركيا أساتذة اختصاص في اللغة التركية، في حين بدا التهميش واضحاً في ساعات اللغة العربية، إذ تم تعيين أساتذة ليسوا خريجي أدب عربي، بل اكتفت بطلاب السنة الرابعة والثالثة في الكلية.

وبالتالي انعكس ذلك سلباً على الطلاب، وزاد عدد الراسبين في اللغة العربية، والناجحين لم تتعدى درجاتهم الوسط والضعيف، بحسب ما قاله “المحمود” لنورث برس.

ونهاية الشهر الماضي، افتتح معهد “يونس إمره” الثقافي التركي، فرعه الجديد لتعليم اللغة التركية في مدينة عفرين بريف حلب، وهو الفرع الثاني بالمدينة، وذلك في إطار حملة لها تستهدف تعليم الأطفال والسكان في مناطق تسيطر عليها أنقرة مع فصائل الجيش الوطني الموالي له بشمالي سوريا، ودمجهم بالثقافة التركية.

وقال مراسل نورث برس، إن المعهد مخصص لتعليم ونشر الثقافة التركية بين أهل المنطقة المقيمين ويهدف إلى تغيير هويتها الثقافية وفرض اللغة التركية بعد إلزام تعليمها بالمدارس العامة والخاصة.

ويأتي افتتاح فروع المعهد في إطار حملة تركية تستهدف تعليم 300 ألف طفل في مناطق تسيطر عليها أنقرة مع فصائل الجيش الوطني الموالي له بشمالي سوريا، ودمجهم مع الثقافة التركية.

وأشار بلال فاضل (34 عاماً) وهو اسم مستعار لمدير مدرسة في أعزاز، إلى أن سياسة التتريك بشكل عام وفي التعليم على وجه الخصوص لم تعد تخفى على أحد.

وأضاف لنورث برس: “تركيا تتدخل بكافة مفاصل العملية التعليمية، حيث تقر الخطة الأنظمة والقرارات النافذة كافة من قبل مديريات التربية التابعة لها، من خطة دراسية وطباعة مناهج وامتحانات وغيرها، إضافة لبرنامج اليويس الإلكتروني الذي يربط جميع المدارس بالولاية ويشرف عليها إلكترونياً”.

تحرير: تيسير محمد