مؤيد الأشقر ـ درعا
لم يشتري عزالدين حتى اللحظة قرطاسية لأبنائه الثلاثة، ولا يزال الأب يفكر في طريقة تساعده على شراء قسم منها، لكي يبدأ أبنائه عامهم الدراسي، ثم يستكمل الباقي من القرطاسية تباعاً، وذلك لعدم قدرته على دفع ثمنها مرة واحدة.
ولدى عز الدين عثمان (47 عاماً) اسم مستعار لأحد سكان مدينة درعا، ثلاثة أطفال في المدرسة لهذا العام، أحداهم في الصف التاسع، والآخرين في المرحلة الابتدائية.
ويتطلع “عثمان”، لأن يشتري في البداية الحقائب حيث وصل سعر الحقيبة الواحدة إلى ما يقارب 200 ألف ليرة سورية، وهو مضطر إلى دفع ما لا يقل عن 600 ألف ليرة سورية ثمن ثلاث حقائب.

ولا يملك الأب من ثمن الحقائب سوى النصف، “لم أفكر بعد في تأمين مبلغ لشراء الدفاتر حيث وصل سعر الدفتر اليوم إلى ما يقارب 15 ألف ليرة سورية والطالب الواحد بحاجة إلى 7 دفاتر على أقل تقدير، إلى جانب الأقلام ومستلزمات الرسم والتلوين”، يقول “عثمان” لنورث برس.
وبحسبة بسيطة، يشير “عثمان”، إلى أن دخول المدرسة يكلف العائلة للطالب الواحد ما يقارب المليون ليرة سورية، بين قرطاسية وملابس جديدة وملابس مخصصة للمدرسة.
مراعاة للأوضاع
والأسبوع الماضي، بدأ العام الدراسي الجديد، في مناطق سيطرة الحكومة السورية، بالتزامن مع الأوضاع المعيشية الصعبة التي تمر على سكان محافظة درعا، ما دفع الكثير منهم إلى تأجيل شراء القرطاسية المدرسية لأبنائهم بسبب ارتفاع أسعارها.
ومن سوء حظ السكان، أن بداية العام الدراسي الجديد ترافقه العديد من المستلزمات الضرورية للعائلة في درعا، وأبرزها موسم المؤونة الشتوية والتي من الصعب الاستغناء عنها، والتفكير في تأمين مواد للتدفئة سواء شراء حطب أو مازوت على دفعات.
يقول غسان غنيم، (37 عاماً) وهو مدرس في أحد المدارس الابتدائية في مدينة درعا، لنورث برس، إن “نسبة الطلاب الذي لوحظ عدم امتلاكهم للقرطاسية تجاوز النصف خلال الأيام الأولى للعام الدراسي الجديد إلى جانب عدم شراء اللباس المخصص للمدرسة”.
وشدد “غنيم” في حديث لنورث برس، على أن “المدرسين هم من أبناء المجتمع وعلى دراية كاملة في الأوضاع المعيشية الصعبة التي تمر على المدرسين أكثر من غيرهم أيضاً نتيجة تدني الرواتب الشهرية المقدمة من الحكومة السورية والتي لا تكفي أجور مواصلات للكثير منهم”.
وأشار “غنيم” إلى أنه وخلال اجتماع المدرسين مع الإدارة، تم اتخاذ قرار بـ”التسهيل على الطلاب وعدم إجبارهم على شراء دفتر مخصص لكل مادة، إلى جانب عدم السؤال عن سبب عدم الالتزام في اللباس المخصص للمدرسة”.
واعتبر غنيم أن المرحلة الابتدائية من أكثر المراحل حساسية بالنسبة للطفل في التعليم وقد تكون سبباً في تراجع شغفه بالدراسة في حال تم التعامل معه بطريقة غير مناسبة أو إحساسه بأنه أقل من غيره من الطلاب، “لذلك نعمل جاهدين لعدم التفريق بين طالب وآخر من خلال المعاملة”.
ويترافق ارتفاع الأسعار الذي تشهده أسواق محافظة درعا، مع شبه انعدام لفرص العمل، وفي حال توفرت تكون الأجور قليلة جداً لا تتجاوز الـ25 ألف ليرة سورية يومياً، وهي لا تتناسب مع الأسعار وغير كافية لشراء وجبة طعام واحدة للعائلة.
ارتفاع جنوني
وأرجع نايف عمران، (43 عاماً) صاحب أحد المكتبات الخاصة ببيع القرطاسية بمدينة درعا، سبب ارتفاع الأسعار “الجنوني”، للمصدر الذي يتذرع بزيادة تكاليف الإنتاج من شراء محروقات ورفع أجور العاملين.

وأشار “عمران”، إلى أن ارتفاع الأسعار “ليس من صالح بائعي القرطاسية، لأن ذلك يؤدي إلى تراجع في عمليات الشراء وفي التالي البضائع المتواجدة في المكتبة لا يباع سوى النصف منها”.
وإذا ما تم حساب مرابح البائعين كـ(نسبة وتناسب مع السنوات الماضية) وارتفاع سعر صرف الدولار، فإن مرابحهم تكون في تراجع مستمر، “في الأعوام الماضية، كنا نضع مربح 15 ألف ليرة على الحقيبة الواحدة وكانت تعادل 3 دولارات، أما اليوم يتم وضع 30 ألفاً كمربح إلا أنها تعادل دولارين تقريباً”، بحسب “عمران”.