بعد قرار إلغاء الحواجز.. سوريون يتحدثون عن معاناتهم وخسائرهم
ليلى الغريب ـ دمشق
خبر إزالة الحواجز في مناطق سيطرة الحكومة السورية، ليس كغيره من الأخبار. بعدما تحولت الحواجز إلى عبء كبير على كل أفراد الشعب ومصدر ثراء كبير للقائمين عليها.
الحواجز متهمة بارتفاع الأسعار بنسبة تفوق 50%، وقصص التشليح والاستفزاز على الحواجز لا تعد ولا تحصى.
بالإكراه
يشرح أحمد يوسف، وهو أحد سكان دمشق، يزور أهله في الساحل، أن “المرور على الحواجز كان يشكل عقبة حقيقية أمام كل من يعبر، لأن عليك أن تدفع سواء اتبعوا معك أسلوب المسايرة أو الضغط والإكراه أغلب الأحيان”.
وتروى مريم العلي، لنورث برس، أنه خلال توجهها من الحسكة إلى الساحل، كيف اضطرت لإخفاء بضع كيلو غرامات من الجبنة، أحضرتها لمن تقصدهم، أثناء مراحل التفتيش التي كانوا يخضعون لها بين حاجز وآخر.
لحملات البحث عن الدخان والمعسل والهواتف النقالة ورز الكبسة قصصها أيضاً، إذ يشدد محمد حامد وهو أحد مستخدمي طريق دمشق ـ دير الزور، على أن الركاب كان يطلب منهم مغادرة الباص وتفتيش كل شبر فيه بحثاً عن هذه المواد.
وإن من كان ينقل هذه المواد يخضع لغرامات كبيرة، ومن ثم يعاد تحميلها للمستهلك لتصبح أسعارها لا مثيل لها.
ويروي آخرٌ طريقة التفتيش التي تفرض على المسافرين من حيث تغطية الستائر التي تغطي نوافذ الباص عند تفتيش الأمتعة الموجودة في الباصات القادمة من المناطق الشرقية خاصة.
ومن الأحداث التي لا تنسى أيضاً، عما كان يفعله أصحاب الحواجز، عودة مغتربة بمقاعد متحركة تبرع بها مغتربون في بلد أوروبي لمصابين سوريين.
وعندما أخبرت الحاجز أن هذه المقاعد لمصابي الحرب، ظناً منها أن هذا سيحدث فرقاً في طريقة التعامل، وكيف أنها جاءت بهذه المعدات خدمة لأبناء بلدها، تشدد لنورث برس، أنها فوجئت بردة الفعل، “قال لي أحد العناصر، أن البضائع القادمة حتى لو كانت لأيٍّ من كان سيدفع مقابل السماح بمرورها”.
أسعار مضاعفة
الإتاوات التي كان يدفعها أصحاب فعاليات حلب الاقتصادية على باب المناطق الصناعية ذاع صيتها، وكثرت الشكاوي حولها كما أشار أحد المتابعين للموضوع، وأن كل ما تمكنوا من إنجازه هو تخفيض النسبة التي تفرض على كل كيلو يتحرك من ذاك المكان إلى نحو 9% بعدما كانت 12% حسب تأكيد أحد المتابعين لهذا الموضوع.
في البداية كانت الحواجز لأسباب أمنية واستخدمت كنوع من الضغط على الناس بسبب ما ينتج عنها من ازدحام وضيق في الحركة، ولكنها فيما بعد تحولت إلى مصادر دخل كبيرة، إذ أن طريقة تعامل أفراد الحواجز لا تخفى على أحد وهنالك أحاديث تتسرب من هنا وهنالك تشير إلى أن العوائد التي يحصلونها تساهم في تحقيق وفر في موازنة الدولة.
طريقة عمل الحواجز تفرض عليهم استغلال الناس، إذ يفرض على كل عنصر أن يدفع نهاية كل أسبوع مبلغاً قد يصل إلى المليون ليرة، وعليه أن يدفعه من جيبه إذا لم يتم جمعه ممن يعبرون أمامه، ولفت أحدهم إلى أنهم يضطرون في بعض الأحيان لأخذ إتاوات من أصحاب الدراجات النارية غير المرخصة، أو التهديد بمصادرتها.
كان الحديث يتكرر دائماً عن المعاناة من الحواجز في كل الاجتماعات الرسمية مهما علا شأنها، ولكن ظل هذا الملف خارج النقاش، بل كان يقابل بالتجاهل وكأن الحديث لم يفتح من أصله.
مطلب قديم
عضو في غرفة التجارة بين أن هذا المطلب كان لكل أصحاب الفعاليات الاقتصادية من غرف التجارة والصناعة وكذلك الاتحادات والنقابات، لأنها كانت تساهم في رفع الأسعار بسبب ما يتم دفعه من غرامات.
وفي السياق ذاته أشار أحد المسافرين من خط حلب إلى لبنان، أن السائق الذي يقله كان يقف على كل حاجز ويدفع مبلغاً من المال حتى وصلت قيمة ما دفعه إلى 120 ألف ليرة قبل أن يصل إلى مقصده، وأن هنالك من يحتج إذا دفع أقل من المبلغ المتعارف عليه.
في حين قال صاحب سيارة شحن لنقل البضائع والفواكه، إن تكاليف نقل البضائع بين المحافظات تصل إلى عشرات الآلاف من كل سيارة.
وتتنوع أسماء الحواجز فهنالك من كان يعبر عن فرحه بالخلاص من حاجز ما سموه بحاجز الميلون، أو جسر بغداد، وغيرها.
بقاء بعضها
متابع للشأن السياسي قال لنورث برس، إنه لا يرى مانعاً من إبقاء الحواجز الرئيسية على المناطق الحدودية، وبين المناطق الحكومية والخارجة عن سيطرة الحكومة، ويتمنى السماح بانتقال البضائع بين تلك المناطق دون رسوم أو إتاوات لأن هذا سيساهم في تخفيض التكاليف وتوفير السلع بنسبة كبيرة وتالياً انخفاض سعرها.