هل خططت إيران أم استثمرت في دير الزور؟

أحمد عثمان – الرقة

لم تنتظر إيران والشخصيات المحسوبة عليها الكثير من الوقت للتدخل في حالة الفوضى التي جرت مؤخراً بدير الزور، في الوقت الذي لا تزال فيه قوات سوريا الديمقراطية “قسد” تجدّ للسيطرة على الوضع الأمني.

في اليوم الثاني من بدء العصيان المسلح ومواجهة “قسد”، دعا نواف البشير وهو من المحسوبين على الحرس الثوري الإيراني، للتحريض على ضرب “قسد” على أساس قومي، وبدأت القوارب تنقل مسلحين من الضفة الغربية للفرات إلى شرقها، هنا؛ لابد من السؤال هل خططت إيران أم استثمرت؟

في السابع والعشرين من آب/ أغسطس الفائت، بدأت الحكاية، عندما اعتقلت “قسد” المدعو “أبو خولة”، خلال عملية “تعزيز الأمن” التي أطلقتها بدير الزور لملاحقة خلايا تنظيم الدولة الإسلامية وتجّار مخدرات وخارجين عن القانون.

في الثلاثين من الشهر ذاته، عزلت “قسد” قائد مجلس دير الزور العسكري، بسبب انتهاكات ارتكبها مع أربعة من قياديه، قالت “قسد” في بيان رسمي إن الانتهاكات والجرائم سبب العزل بالإضافة لتواصله مع أطراف خارجية (في إشارة إلى إيران).

سبب ذلك حالة من السخط من قبل أعوان “أبو خولة” والمستفيدين منه، فمارسوا أعمالاً تخريبية، سرعان ما تحولت لصدامات واشتباكات مع “قسد” بتحريض من نواف راغب البشير المرتبط بإيران وأشخاص آخرين يرتبطون بالحكومة السورية وتركيا، ولم تقف وسائل الإعلام المحسوبة على تلك الأطراف مكتوفة اليدين بل مارست “تحريضاً ممنهجاً”، وفق تقارير.

حاول أطراف استغلال ذلك وتحقيق تقدم في مناطق تسيطر عليها “قسد” كـ تركيا، وإيران أكبر المستثمرين لما حدث، لكن كيف؟ ولماذا؟

منذ بداية العام الجاري، تدفع إيران والحكومة السورية بتعزيزات لمناطق سيطرتها في غربي الفرات، لضرب القواعد الأمريكية في شرقي النهر، كانت تعزيزات القوات الحكومية في غالبها لحماية تحركات الفصائل الإيرانية، إلا أن الحرس الجمهوري بات متواجداً بكثرة بدير الزور.

في أيار/ مايو الماضي، رصدت نورث برس تعزيزات للحرس الجمهوري بدير الزور، كان الهدف من ذلك إدارة خلايا “المقاومة الشعبية” بالتزامن من تصريحات لممثلي عشائر مواليين للحكومة بضرب القواعد الأمريكية.

ومطلع الشهر ذاته، سربت صحيفة “واشنطن بوست” وثائق استخباراتية أمريكية، تشير إلى أن الفصائل الإيرانية تعمل على استراتيجية جديدة لطرد القوات الأمريكية من سوريا.

حيث تسلح إيران المقاتلين في سوريا لبدء مرحلة جديدة من الهجمات على القوات الأمريكية في ذلك البلد، ضمن جهود جديدة وأوسع نطاقاً، من جانب موسكو ودمشق وطهران لإخراج الولايات المتحدة من سوريا، وفقاً للصحيفة.

وفقاً لـ المحلل العسكري أحمد رحّال، إن إيران لم تخف نواياها وخاصة بعد الاجتماع بينها وبين الروس وتركيا، وطالبت القوات الأمريكية بالخروج من سوريا، وكانت رأس الحربة في هذه المواجهة، ونفذت عدة عمليات منها المسيرة التي قصفت مطار رميلان وأدت لمقتل متعاقد في الجيش الأمريكي، وردت عليها القوات الأمريكية بقصف مواقع للفصائل الإيرانية.

وثقت عدة مقاطع مرئية عبور عناصر في الدفاع الوطني إلى شرقي الفرات، كان بتساهل إيراني، والتي تسيطر على مناطق غربي الفرات، ولها كلمة الفصل فيها. وتدخل من الأمن العسكري التابع للقوات الحكومية وفصائل إيرانية من غربي الفرات، وفق مصادر أمنية وميدانية حصلت عليها نورث برس.

كما وثقت تقارير إعلامية تواجد “هشام الطعّان”، أحد أبرز الأذرع الإيراني، في قرية الحوايج، للإشراف على عناصر تتبع للفصائل الإيرانية والدفاع الوطني، تقول التقارير إن “الطعّان” اجتمع مع مسلحين في ذيبان.

وتشير إلى أنه كُلف بتجنيد خلايا تنفذ اغتيالات بدير الزور تستهدف “قسد” قبل الفوضى الأخيرة، يتزعم “الطعان” فصيلاً يتبع للواء أبي الفضل العباس، ويعتبر من أشهر مهربي المخدرات.

وقُبيل الفوضى، كانت تشهد بلدات الشحيل ذيبان البصيرة حالة من الفوضى الأمنية وتكرار حوادث الاغتيالات، حتى أنها لُقبت بمثلث برمودا.

ويشير محللون إلى أن إيران استثمرت بما حدث بدير الزور، خاصة بعد اعتقال “أبو خولة” والذي كان ينسق معها سراً وفق مصادر.

وفي لقاء مع نورث برس، قال محمود حبيب الناطق باسم لواء الشمال الديمقراطي المنضوي تحت راية “قسد”، إن “أذرعاً تتبع لتلك الأطراف تحاول العبث في مناطق شمالي سوريا، وظهر ذلك جلياً في تدخلات إيران بما يحدث بدير الزور وإرسال عناصر من فصائلها وفصائل تتبع لها إلى شرقي الفرات”.

وأشار إلى أن إيران تسعى لزرع أذرع لها في شرقي الفرات إما عبر وسطاء، أو “شراء ذمم” أو اللعب على الوتر العشائري والقومي، “ما يجعل المنطقة معرضة لمخاطر كبيرة”.

 وقال حبيب إن مخططات إيران أخطر من تنظيم “داعش”، لأنها تعمل بشكل سري، على تمزيق الصف وجر مناطق شمال شرقي سوريا إلى حالة فوضى أمنية.