وجه دعوة لبوتين لزيارة تركيا لكنه توجه إلى روسيا..إلى ماذا يسعى أردوغان؟

أربيل- نورث برس

بينما انتظرت وسائل الإعلام تفاصيل جديدة عن زيارة مرتقبة للرئيس الروسي إلى تركيا، كان من شأنها أن تمثل إحدى أكثر الزيارات جدلاً، فقد تغير العنوان العريض للقاء المفترض، إلى “زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سوتشي”  لعقد قمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين اليوم الاثنين.

وفي مطلع آب/ أغسطس الفائت، كان أردوغان، قد أعلن اتفاقه مع بوتين، على زيارة الأخير إلى تركيا، لكن دون تحديد موعد دقيق للزيارة.

وإذا تمت تلك الزيارة، كانت ستمثل الأولى لبوتين إلى دولة في الناتو منذ الحرب في أوكرانيا.

وجاء الحديث وقتها في مكالمة هاتفية بين أردوغان وبوتين بحثا فيها العلاقات الثنائية وصفقة الحبوب، حسبما نشرت الرئاسة التركية.

وتجمع موسكو وأنقرة في عهد بوتين وأردوغان علاقات تجارية و سياسية عميقة، وتركيا الدولة الوحيدة في حلف الشمال الأطلسي التي حافظت على ذلك في الوقت الذي تفرض الدول الغربية الشريكة في الحلف عقوبات على موسكو بسبب حربها ضد كييف.

وتناولت العديد من التقارير المطلعة على العلاقات التركية الروسية، أن بوتين وأردوغان – وكلاهما من القادة الذين ظلوا في السلطة لأكثر من عقدين – لديهما علاقة وثيقة، تعززت في أعقاب الانقلاب الفاشل ضد أردوغان في عام 2016 عندما كان بوتين أول زعيم رئيسي يقدم دعمه.

وفي زيارته إلى سوتشي اليوم الاثنين، لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هدف أساسي وهو تحسين علاقته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي شهدت تصدعات في الفترة الماضية.

والخطوات المختلفة التي اتخذتها أنقرة، بما في ذلك الزيارات الثنائية مع أوكرانيا وتمهيد الطريق أمام توسع الناتو، أدت إلى زيادة عدم ثقة روسيا في أردوغان.

وفي منتصف شهر تموز/ يوليو الفائت، أعلنت روسيا انسحابها من اتفاقية الحبوب عبر البحر الأسود، وسط تنديد من الدول الغربية لما لذلك من تبيعات في قطاع الغذاء العالمي.

وأشار أردوغان إلى أن تركيا ستواصل بذل جهود مكثفة ودبلوماسية من أجل استمرار مبادرة البحر الأسود، التي نسفت بعد حالة عدم اليقين ضربت العلاقات الروسية التركية.

وعلى هامش جولته في أوروبا قبيل انعقاد قمة الناتو الفائتة، أعلن الرئيس التركي بشكل منفصل عن ثلاثة إجراءات توقع الكثيرون أنها ستُغضب روسيا، الأول كان تصريحه خلال لقائه نظيره الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، أنه يدعم دخول كييف لحلف الناتو.

وجاء حديثه بالرغم من أن فكرة انضمام أوكرانيا إلى الحلف كانت السبب المباشر لاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

تلتها قيام أنقرة بالإفراج عن قادة كتيبة “آزوف” لأوكرانيا، رغم الاتفاق القاضي ببقائهم في تركيا حتى انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية.

وشهدت قمة الناتو الأخيرة في العاصمة الليتوانية الأسبوع الفائت، انزياح تركيا عن طريق السويد الراغبة بالانضمام إلى الحلف أسوةً بجارتها فنلندا، علاوة على ذلك ترحيب ستوكهولم بأنقرة لاستئناف مفاوضات ضمها إلى الاتحاد الأوروبي، إلى جانب ذلك، أثار مسؤولون كبار في الولايات المتحدة مجدداً صفقة منح تركيا طائرات إف 16.

وقبل القمة، سافر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى موسكو هذا الأسبوع وأجرى محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، لوضع تفاصيل هذه الزيارة واستكشاف صفقة حبوب جديدة. سلمت خلالها روسيا على ما يبدو قائمة بالإجراءات التي يتعين على الغرب اتخاذها من أجل استئناف صادرات البحر الأسود الأوكرانية. كما ركزت على الملف السوري.

ويرى المحللون أن اصرار أردوغان على دعوة بوتين لتركيا جاءت بالرغم أنه كان يعلم أن بوتين لا يستطيع مغادرة روسيا في أعقاب التطورات الأخيرة، التي شملت مجموعة فاغنر وزعيمها يفغيني بريجوزين الذي قتل بحادث سقوط طائرته.

ما يعني أن الدعوة كانت بمثابة رسالة خطاب معنوية إلى روسيا، على أن أنقرة لازالت تحافظ على توازن علاقات مع موسكو، بالرغم مما اتخذتها من مواقف أكثر وداً تجاه أحلافها في الناتو.

وبعد انسحاب بوتين من صفقة الحبوب، وإبقاء أردوغان في حيرة من أمره فيما يتعلق بالاجتماع وجهاً لوجه، ومداهمة القوات الروسية لسفينة شحن تركية متجهة إلى أوكرانيا في أغسطس/آب، كلها أمور اعتبرت علامات على استياء روسيا، تتطلب مواقف تركية لترطيب الخلاف والإبقاء على العلاقات.

بالمقابل، وبغض النظر إذا ما كانت روسيا تثق- أو لا- بأنقرة كمكان لزيارة بوتين الذي يواجه قيوداً دولية بما فيه المحكمة الجنائية ضده،  فإن رحلة أردوغان إلى سوتشي تخرجه من حرج تواجد بوتين كزعيم مرحب به في بلد عضو في الحلف، في وقت يواجه عقوبات وأحكاماً غربية ولا سيما من دول الناتو.

وعلى الرغم من خلافاته مع أردوغان، قد لا يستطيع بوتين تحمل تقويض العلاقات مع تركيا بشكل كامل، ومع ذلك، يظل ثمة احتمال حصول أردوغان على دفعة رمزية إذا ما استطاع إقناع بوتين بالعودة إلى صفقة حبوب جديدة قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وبعد اجتماعه مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في موسكو الخميس الفائت، أكد لافروف أن بلاده لن تعود إلى الاتفاق ما لم تقدم العواصم الغربية ضمانات معينة بشأن صادرات الأسمدة والحبوب الروسية.

و بالنسبة لتركيا سيكون الموقف ضعيفاً في حال لم يخرج لقاء رئيسها مع بوتين بخطوة تندرج ضمن طموح الجانب الغربي، في حين  يرغب أردوغان بإظهار نفسه كعراب الاتفاقية وإثبات موقعه بالنسبة للغرب كوسيط لا غنى عنه مع روسيا.

وفي وصفه لجهود تركيا “المكثفة” لإحياء الاتفاق، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إنها “عملية تحاول فهم موقف روسيا وطلباتها بشكل أفضل والاستجابة لها”.

إعداد وتحرير: هوزان زبير