الرقة – نورث برس
عادة ما يخرج محتجون بدير الزور على الواقع المعيشي، يتظاهرون بطريقتهم الخاصة، دون أن تعترضهم قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وفي الغالب يتم الاستماع لمطالب هؤلاء.
قطع الطرقات وإحراق الإطارات ليس بجديد على مناطق دير الزور، إذ لم تقصفهم “قسد” بـ الهاونات مسبقاً، ولم “تقتل المدنيين” كما يروّج في الوقت الحالي.
بدأت القصة في السابع والعشرين من آب/ أغسطس الفائت، حينما أعلنت “قسد” عن حملة أمنية أطلقت عليها “تعزيز الأمن” بدير الزور، لملاحقة خلايا لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ومتورطين بجرائم وانتهاكات بحق السكان.
وقالت “قسد” في بيان رسمي إن العملية “محددة الأهداف” وتأتي استناداً إلى مطالب شيوخ العشائر بضرورة “ملاحقة الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادرها”.
من ضمن المتورطين، بدأت “قسد” حملتها باعتقال قائد مجلس دير الزور العسكري، المعروف بـ “أبو خولة” ومجموعة من أتباعه، قالت “قسد” فيما بعد إن “أبو خولة” يتواصل مع جهات خارجية، وتلاحقه تهم بارتكاب انتهاكات.
بُعيد اعتقال المتورطين بالانتهاكات والمخالفين لنظام “قسد” الداخلي، حاول هؤلاء تجييش سكان دير الزور، وأبناء العشائر، ضد “قسد” على أساس قومي، رغم أن قوام الأخيرة في غالبيته من العرب.

اعترض بعض من أتباع “أبو خولة” والمستفيدين من أعماله، دوريات الحملة الأمنية، وهاجموا النقاط العسكرية والأمنية.
ظُهر الأربعاء الماضي، أعلنت “قسد” عزل أبو خولة، “بسبب ارتكابه العديد من الجرائم والتجاوزات المتعلقة بتواصله والتنسيق مع جهات خارجية معادية للثورة، وارتكاب جرائم جنائية بحق الأهالي والاتجار بالمخدرات”، بحسب بيان “قسد”.
لكن الأمر ِأخذ منعطفاً آخر في المواجهة التي يُروج لها على أساس قومي، حيث لجأ البعض لتخريب الممتلكات العامة، والمرافق الخدمية، توجّه الاتهامات لعناصر في فصائل موالية لإيران.
وتداولت صفحات على “فيسبوك” مقطعاً مرئياً لحرق محطة مياه درنج في ريف دير الزور الشرقي، وسرقة محتوياتها، بشكل كامل.
رغم أن المحطة تغذي آلاف المنازل، في ظل حاجة ماسة لمياه الشرب النقية، عدا عن التكاليف الباهظة التي دفعتها الإدارة الذاتية لبناء المحطة وضمان عملها لخدمة السكان.
يشير المتحدث في المقطع المرئي إلى ضلوع عناصر من منطقة العشارة وهي ضمن مناطق سيطرة الفصائل الإيرانية، تقابل قرية درنج، بحرق محطة المياه وسرقة محتوياتها، أثناء عبورهم نهر الفرات للمشاركة بأعمال التخريب. https://fb.watch/mP-P8j2L-v/
فيما تقول مصادر لنورث برس، إن مخربين من قرية درنج، أحرقوا المحطة وهربوا إلى مناطق نفوذ الدفاع الوطني بدير الزور.
تسعى إيران وفصائل موالية للقوات الحكومية تتبع لرجل إيران الأول بدير الزور، نواف راغب البشير، لبث حالة من الفوضى في مناطق سيطرة “قسد”، عن طريق التحريض العنصري ضد قوات “قسد” بدعوى أن ما يحدث بدير الزور حراك عشائري.
وفي ثالث أيام الفوضى الحاصلة بدير الزور، أحرق مجهولون بئراً نفطياً، وظهر في صورة تصاعد دخان كثيف من أحد الآبار النفطية في منطقة العزبة.
وبالتحديد الخميس الماضي، استهدف مسلحون، بئراً نفطياً قرب حقل كونيكو للغاز بريف دير الزور. وقالت مصادر محلية إن فصائل إيرانية أدخلت أسلحة وذخيرة لبلدة جديدة عكيدات “بهدف التصعيد ضد قوات سوريا الديمقراطية قسد”.
تُعيد حالة الفوضى في دير الزور، إلى الأذهان حالة الفوضى بسوريا بداية الأزمة، حينما سيطرت فصائل “الجيش الحر” على مناطق واسعة من سوريا، وحالات السرقة والفلتان الأمني، إذ سُرقت الأملاك العامة ومعامل كاملة على أيديهم.
تُحمّل الإدارة المدنية بدير الزور، مسؤولية الفلتان الأمني لأطراف خارجية، مشيرة إلى فصائل موالية لإيران بإحداث الفوضى والتخريب بدير الزور.
في مقطعٍ مرئي آخر تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر فيه سرقة محتويات محطة مياه ذيبان بريف دير الزور الشرقي. https://fb.watch/mQ2ckwYVc9/
بالإضافة لاستهداف المركبات العسكرية وحرقها من قبل مسلحين، تقول مصادر، إن شخصيات تتبع لإيران توجههم في تنفيذ هجمات ضد أرتال “قسد”.
وظهر نواف راغب البشير، يحرض في مقطع مرئي المسلحين “المارقين” على استهداف السيارات العسكرية، وقطع الطرقات على القوات الأمنية، واستهداف آبار النفط لتهديد قواعد التحالف الدولي.
في حديث لنورث برس، يشير وجيه عشيرة عن تسريبات تفيد بأن تلك الفوضى في المنطقة التي تعمل إيران من خلالها على زعزعة الأمن والاستقرار، تهدف عبرها “لتشتيت قوات التحالف الدولي وبالتالي تضطرها للابتعاد عن آبار النفط، خاصة أن المنطقة قريبة من الحدود العراقية، ما يسهل استكمال رسم الهلال الشيعي الذي تعمل إيران عليه منذ زمن”.
كما عمد المسلحون الذين يخدمون أجندات خارجية، لتخريب المؤسسات الرسمية والخدمية التابعة للإدارة الذاتية، بالإضافة لسرقة محتويات المراكز الأمنية وتخريبها، كـ مركز الأمن العام بهجين ومراكز أخرى، تقول مصادر إن جميع المرافق العامة تم تخريبها وسرقة محتوياتها.
إلى ذلك، فإن الأعمال التخريبية التي يقوم بها المسلحون، تستهدف السكان، وتخدم أطرافاً خارجية، دون أن يمت ما تشهده دير الزور إلى العشائرية بصلة، إذ إن من يديرون دير الزور هم أبنائها، وهو ما تُغفله جهات بعيدة عن أرض الواقع.