غرفة الأخبار ـ نورث برس
خلال السنوات الماضية، عملت إيران على التغلغل في كافة مناحي الحياة في دير الزور، عبر استقطاب العشائر ورجال الدين وشخصيات مؤثرة والعسكرة والثقافة ورجال الأعمال، وعملت على ضخ الأموال بين شباب المنطقة لجرهم لمصيدتها.
دخلت إيران إلى الضفة الغربية في دير الزور بنهاية عام 2017 بحجة مساندة القوات الحكومية، في قتال تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وعند الانتهاء من القتال، بدأت استراتيجية إيران بالتمدد والتغلغل.
وتسيطر إيران عبر فصائلها، على كافة المناطق الممتدة من مدينة دير الزور وصولاً لبلدة البوكمال الحدودية مع العراق، إضافة إلى سبع قرى بريف دير الزور الشرقي، او ما يطلق على السكان المحليون خط الجزيرة ورغم وجود قوات حكومية في كل المناطق المذكورة، إلا أن إيران تتجاهل ذلك، وتفرض سيطرتها وقرارها على المنطقة بالكامل.
وتشهد دير الزور، فوضى وزعزعة للاستقرار الأمني، خلال فتنة بدأت تداعياتها تتطور إلى مظاهر مسلحة واشتباكات وعودة ظهور خلايا نائمة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، استفاقت على صوت الفوضى.
والأسبوع الماضي، بدأت القصة، عندما أطلقت قوات سوريا الديمقراطية عملية أمنية ضد خلايا تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لتشمل قيادات من مجلس دير الزور العسكري وتجار مخدرات وتتحول لعملية أمنية داخلية وخارجية.
وقال بيان رسمي لقسد إن العملية “محددة الأهداف” وتأتي استناداً إلى مطالب شيوخ العشائر بضرورة “ملاحقة الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادرها”.
ظُهر الأربعاء الماضي، أعلنت “قسد” عزل أبو خولة قائد مجلس دير الزور العسكري، “بسبب ارتكابه العديد من الجرائم والتجاوزات المتعلقة بتواصله والتنسيق مع جهات خارجية معادية للثورة، وارتكاب جرائم جنائية بحق الأهالي والاتجار بالمخدرات”، بحسب بيان “قسد”.
وعن الموقف الأميركي، قال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الولايات المتحدة الأميركية المتحالفة مع “قسد” في حربها ضد “داعش” على علم بعلاقة أبو خولة بالقوات الإيرانية.
ذيول الفتنة
ومن هنا بدأت ذيول الفتنة تتضح، إذ كشف أحد وجهاء عشائر دير الزور، رفض الكشف عن اسمه، عن سيناريو تحاول إيران إحاكته في المنطقة، وكان الوجيه أحد الذين حاولت فصائل إيران التغرير به.
يقول الوجيه لنورث برس: “تم استدعائي من قبل أحد الفصائل التابعة لإيران في دير الزور، وطلبوا أن انضم للفتنة التي تسعى إيران لبثها في المنطقة للسيطرة على آبار النفط” الواقعة ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي.
وقدم الفصيل إغراءات للوجيه، تمثلت في الجانب المادي والمعنوي والمركز المرموق، إلا أنه اضطر للمراوغة، وإظهار القبول، حتى يتمكن من النجاة بنفسه.
يضيف: “أطلعوني على جانب من مخططهم وتحدثوا عن مغريات سأجنيها بعد مساعدتي لهم في إقناع أبناء العشيرة للانضمام لهم ومحاربة قسد والمساعدة في الهدف الأكبر وهو السيطرة على آبار النفط وكم ستكون حصتنا من ذلك كبيرة”.
والخميس الماضي، استهدف مسلحون، بئراً نفطياً قرب حقل كونيكو للغاز بريف دير الزور. وقالت مصادر محلية إن فصائل إيرانية أدخلت أسلحة وذخيرة لبلدة جديدة عكيدات “بهدف التصعيد ضد قوات سوريا الديمقراطية قسد”، وتوقعت أن يكون استهداف البئر النفطي “تنفيذاً لأجندة تلك الفصائل”.
وفي منحى آخر، كشف الوجيه، لنورث برس، عن تسريبات تفيد بأن تلك الفوضى في المنطقة التي تعمل إيران من خلالها على زعزعة الأمن والاستقرار، تهدف عبرها “لتشتيت قوات التحالف الدولي وبالتالي تضطرها للابتعاد عن آبار النفط، خاصة أن المنطقة قريبة من الحدود العراقية، ما يسهل استكمال رسم الهلال الشيعي الذي تعمل إيران عليه منذ زمن”.
والجمعة، قالت إلهام أحمد، رئيس الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية، إن الاضطرابات الجارية بريف دير الزور “تحركها ميليشيات مدعومة من إيران والنظام السوري”.
وأردفت أحمد في تغريدة لها عبر موقع إكس (تويتر سابقاً)، أن إيران و”نظام الأسد” يريدان من هذه الاضطرابات تصويرها على أنها نتيجة صراع عرقي بين العرب والكرد وصرف انتباه السوريين عن الحركات الاحتجاجية في جنوب سوريا.
وذكرت أنها محاولة منهما “لإخراج القوات الأمريكية من سوريا، وهي أحد الأهداف المحتملة”.
واكتفت القيادة المركزية الأمريكية، ببيان شددت فيه على “الالتزام بدعم قوات سوريا الديمقراطية في الهزيمة الدائمة لداعش”.
وأضافت أن قواتها “ستواصل مراقبة الأحداث عن كثب في شمال وشرقي سوريا، ولا تزال تركز على العمل مع قوات سوريا الديمقراطية لضمان الهزيمة الدائمة لداعش، دعماً للأمن والاستقرار الإقليميين”.
والثلاثاء الماضي، عقد الحرس الثوري الإيراني، “اجتماعاً مغلقاً” مع قيادات في مجموعات الدفاع الوطني الموالية للقوات الحكومية في مدينة دير الزور.
وذكر مصدر عسكري من الدفاع الوطني، أن قياداته أصدرت عدة قرارات بعد انتهاء الاجتماع، منها إيقاف الإجازات وعدم التحرك بشكل فردي، وتعزيز النقاط العسكرية على ضفاف نهر الفرات، وفرض الجاهزية التامة على العناصر المتواجدة في تلك النقاط، بحسب قوله.
وفي آخر التسريبات التي حصلت عليها نورث برس من مصدر خاص، أن نائب القائد العام للقوات الروسية في سوريا، الجنرال إيغور سمولي، ورئيس مركز المصالحة في دير الزور الجنرال أندرية، بالإضافة لعراب التجنيد في صفوف القوات الإيرانية، نواف البشير، اجتمعوا أمس، مع وجهاء عشائر في دير الزور “للتجييش” ضد قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي.
وتواصل قوات سوريا الديمقراطية التي فرضت حظر تجوال لمدة 48 ساعة في دير الزور، العمل على وأد الفتنة عبر عملية عسكرية أطلقتها لملاحقة المسلحين وخلايا “داعش” في المنطقة، لإعادة الأمن والاستقرار لدير الزور.