بعد الترحيل القسري.. ابتزاز مادي وتعذيب جسدي على يد الجيش الوطني

هاني السالم ـ إدلب

لم تنتهِ معاناة وليد الحبو، ابن مدينة الرقة، بترحيله إلى الشمال السوري على يد الجندرما التركية رغم امتلاكه بطاقة الحماية المؤقتة “كيملك”، بل زادها الجيش الوطني الموالي لتركيا بعملية ابتزاز نالت من مدخراته التي تركها كخط في حماية عائلته التي لا تزال تقيم في إسطنبول.

يقول “الحبو”، لنورث برس: “بعد احتجازي من قبل الدرك التركي، لمدة أسبوعين في مركز توزلا وترحيلي إلى اورفا، وإجباري التوقيع على أوراق العودة الطوعية، كنت أتوقع أن المعاناة تنتهي بوصولي إلى تل أبيض، لكن المصيبة أن المعاناة الحقيقية كانت في مركز الإيواء التابع للجيش الوطني، الذي اعتبرنا فرصة تمويلية”.

وأمضى “الحبو” سبعة أيام في التحقيق لدى الشرطة العسكرية، وتم إيداعه في مركز الإيواء مع 25 شخصاً بمدينة تل أبيض، “الطعام والمياه وحتى الإقامة بالدولار”.

وبعد شهر من الإقامة في مركز الإيواء، يقول “الحبو”: “أخبرني أبو محمد العكيدي أحد قادة فصيل الجبهة الشامية، بضرورة التواصل مع أقاربي لدفع مبلغ 5000 دولار لتنظيف سجلي الأمني تحت التهديد بنسب تهمة العمالة لقوات سوريا الديمقراطية”.

ويضيف: “أبلغت القيادي عدة مرات أني لا أملك 1000 دولار فأنا مجرد عامل في تركيا، لكنه غضب من كلامي وأرسل دورية لتنقلني مع 7 شبان آخرين إلى مركز مكافحة الإرهاب، وتحت التعذيب أراد إجبارنا على الاعتراف بالعمالة لقسد حيث تم وضع صور عسكرية لقسد في هواتفنا”.

تم الإفراج عن 4 من الشبان المعتقلين، بعد أن تمكنوا من دفع 3500 دولار تقريباً عن كل واحد، “هنا تواصلت مع زوجتي ومع ابن عمي في اورفا وأقاربي الآخرين لتأمين المبلغ، وتمكنت من الخروج بعد دفع 3000 دولار”.

والآن يعمل “الحبو”، في مغسل للسيارات في مدينة تل أبيض، بينما عائلته لا تزال في إسطنبول، “حيث لا زالت الدراسة الأمنية المتعلقة بي مستمرة. ولا توجد أي بارقة أمل للقاء أسرتي أو حتى الخروج من المنطقة”.

وتعمد السلطات التركية منذ سيطرتها على عفرين 2018، وسري كانيه (رأس العين) وتل أبيض في 2019، إلى ترحيل السوريين تحت مسمى العودة الطوعية بحجة الهجرة غير الشرعية وعدم امتلاك أوراق قانونية، الأمر الذي نفاه المرحلون وأكدوا أن الغالبية يمتلك بطاقات الحماية المؤقتة.

علاء مدور (28 عاماً) من أهالي منطقة بلبل بريف عفرين، تم ترحيله في الـ5 من نيسان/ أبريل الماضي، إلى منطقة أعزاز عبر معبر باب السلام بعد احتجاز دام 20 يوماً في مركز ترحيل كلس، “الترحيل قسري وليس طوعي، فأنا أملك كملك وبطاقة عمل أيضاً في إسطنبول، تم توقيفي أثناء عودتي للمنزل ليتم إيداعي مركز توزلا، وبعدها إلى مركز كلس للترحيل مع عشرات الشبان والنساء، حيث تم ترحيلنا عبر باب السلامة شمال حلب”.

وقال لنورث برس: “بمجرد وصولي إلى معبر باب السلام تم نقلي مع عشرات الأشخاص، إلى التحقيق في فرع الشرطة العسكرية في قرية سجو التابعة لأعزاز شمالي حلب، قائد الفرع المدعو أبو علي حسو، أخذ هاتفي وقام بتصويري وأرسل الصورة إلى أبي وزوجتي، وأرسل مقطعاً صوتياً فيه اتهام لي بالعمالة لقسد، وأنه سيتم اعتقالي بهذه التهم في حال لم يتم دفع مبلغ 4000 دولار مستغلا كوني كردي وليس لي وساطات أو معارف بالجيش الوطني”.

وأضاف: “كل ليلة يدخل الزنزانة التي وضعني فيها مع 30 شاباً من المرحلين، يقوم بسحبي وضربي ثم تصويري وإرسال الصور إلى أهلي الذين لا يملكون هذا المبلغ، وبعد احتجاز لمدة 36 يوماً، تم الإفراج عني ليتبين فيما بعد أن زوجتي وأبي تمكنوا من دفع مبلغ 3000 دولار”.

مصادر خاصة لنورث برس وعبر رصد حالات الابتزاز والتهديد ضد المرحلين بهدف تحصيل الأموال منهم، أشارت أن الحالات تتركز بشكل كبير في مدينة تل أبيض وسري كانيه شمال شرقي سوريا ومدينة أعزاز، “كون غالبية المرحلين هم من أبناء المناطق الخاضعة لنفوذ قوات سوريا الديمقراطية”.

بالإضافة لخضوع تلك المناطق بشكل عام لنفوذ الشرطة العسكرية الموالية لتركيا، “وهو ما يجعل عمليات التعذيب وتوجيه التهم والابتزاز وغيرها ذات غطاء مبرر لدى السلطات التركية”.

ويتم تقاسم أموال الابتزاز، بين قيادات الفصائل المشرفة على تلك العمليات، بالتشارك مع المسؤول الأمني التركي في المنطقة الذي يعتبر الغطاء القانوني والأمني لهذه العمليات أمام السلطات التركية في حال حدثت أي عملية متابعة أو تحقيق.

تحرير: تيسير محمد