ابتزاز وتهديد.. هكذا يعامل عناصر الدفاع الوطني السكان بدير الزور

ماهر مصطفى – دير الزور

يتذمر عبد القادر من مضايقات لعناصر في الدفاع الوطني، وفرضهم إتاوات على ما يجنيه من عمله، الذي يعتمد عليه لتأمين معيشة عائلته.

يعمل عبد القادر الهدهد (45 عاماً)، من سكان بلدة الميادين بدير الزور، شرقي سوريا، مع أولاده بجمع الخردوات المعدنية لبيعها ويؤمن بثمنها معيشته، بسبب صعوبة الظروف المعيشية وعدم توفر فرص عمل.

يقول لنورث برس، إن عناصر للدفاع الوطني يقاسمونه على أرباحه، حيث يجبرونه على دفع 50 ألف ليرة عن كل حمولة يبيعها لمعامل إعادة تدوير النفايات، بالإضافة لمضايقات وابتزازات بحق الرجل وأولاده، بتوجيه تهم لهم باستخراج الحديد من مواقع وأبنية حكومية هُدمت نتيجة القصف في وقت سابق.

ومن يستخرج الحديد من تلك المواقع هم مجموعات تتبع للدفاع الوطني، حيث يمتهنون بيع الحديد من الأبنية المدمرة ومنازل المجّرين، بالإضافة لذلك اتباعهم أساليب ابتزاز ومضايقات للسكان.

ورغم صلة قرابة العناصر بـ”الهدهد” الذي فضّل اسماً مستعاراً لمخاوف أمنية، إلا أنهم كانوا يجبرونه على دفع المبالغ. يقول الرجل إن غالبيتهم مجبرين على إحضار “غلة” لمسؤولي المجموعات، ومن ثم توزيعها فيما بينهم.

يتواجد الدفاع الوطني بدير الزور على شكل مجموعات وأفواج، بقيادة المدعو “فراس الجهام”، وتتركز مقراته في أحياء المدينة من دير الزور، وببلدة الميادين والبوكمال بريف دير الزور الشرقي.

ويتكون الدفاع الوطني من عناصر من أبناء العشائر بدير الزور، ومنتسبين من مدينة تدمر ومناطق ريف حمص الشرقي.

يعتمد الدفاع الوطني في تغطية مصاريفه على إتاوات تفرض على المدنيين ورسوم على البضائع والمتاجر، وتكثف من حواجزها في المدن بغاية الابتزاز ومضايقة السكان لإجبارهم على دفع مبالغ مالية للعناصر، أو الاستمرار بمضايقتهم ونسب تهم إليهم.

استدراج وابتزاز

يقول عمر الجمال، اسم مستعار لأحد سكان حي الحميدية بدير الزور، إن موضوع الابتزازات الجنسية وطلب أموال مقابل التستر انتشرت مؤخراً، “غالباً ما يقف وراءها شبكات دعارة تعود للدفاع الوطني”.

استُدرج “الجمال” من قبل تلك الشبكات، حيث استدعته فتاة لمنزلها والذي تتخذه وكراً للدعارة، حين وصوله، تفاجأ بوجود عناصر للدفاع الوطني من سكان الحي ذاته في المنزل، وبتهديد السلاح، أُجبر الرجل على خلع ملابسه لتصويره، ومن ثم ابتزازه.

ويضيف لنورث برس: “بعد عودتي للمنزل بدأ أحد عناصر الدفاع الوطني، يُلقب جرادة، بإرسال الصور لي على تطبيق واتساب، طالبا مبلغاً مالياً قدره مليون ليرة مقابل حذف كل صورة”.

أُجبر “الجمال” على دفع 10 ملايين ليرة للعنصر والفتاة التي كانت معه، خوفاً من “الفضيحة”، لكن لم يقفوا عند ذلك الحد، إذ إن عنصراً آخر بدأ بابتزازه مقابل حذف الصور، دفع له أيضاً.

لتستمر العملية من قبل ثالث، لكن تمنّع الرجل عن الدفع، إلا أنه رأى صوره بعد أيام على “فيسبوك”، ذهب إلى المحكمة العسكرية بدمشق لتقديم شكوى، “لكنها بقيت مطوية في الأدراج دون القدرة حتى على استدعاء العناصر”.

يقول: “بعد نشر صورتي قمت بنشر توضيح عبر حسابي الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي لما حدث معي، من مضايقة وإجباري على التعري، لتقوم بعدها دورية من الدفاع الوطني بمداهمة منزلي”.

تتلقى المجموعات تعليماتها من قائدها فقط، وهو اليد اليمين للحرس الثوري الإيراني بدير الزور، ويتلقى غالبية دعمه من “الابتزازات والسرقات والتشليح”، إضافة للتهريب وتجارة المواد المخدرة.

ضوءٌ أخضر

يقول وحيد طلال، اسم مستعار لعنصر في الدفاع الوطني بدير الزور: “غالباً ما يتم تأخير صرف رواتبنا من قبل قيادة الدفاع الوطني”.

ويضيف لنورث برس: “بسبب كثرة الشكاوى من قبل العناصر بعدم الاكتفاء بالمرتب الشهري، تلقينا تعليمات بفرض إتاوات ومضايقات للسكان في سبيل الحصول على المال، فبدأت العناصر تستغل هذه التعليمات وسرعان ما بدأت تضايق السكان والتجار”.

وتثير ممارسات مجموعات الدفاع الوطني بدير الزور استياء السكان ما دفع بعضهم للنزوح والهرب خارج مناطق سيطرة الدفاع الوطني، فيما اضطر آخرون للبقاء في ظل تلك الممارسات.

يشير “طلال” إلى أن تلك الممارسات تكاد تكون فردية، إذ إن البعض من العناصر التحق بالدفاع الوطني ليس لهدف مادي، إنما لحماية نفسه من الملاحقات الأمنية.

ويقول سكان بدير الزور، إن حواجز الدفاع الوطني تفرض إتاوات على المسافرين والمتنقلين بين البلدات، بمبالغ تتراوح بين 10 و20 ألف ليرة، ويرتفع المبلغ إلى 100 ألف إذا كان الشخص مغترباً من دول الخليج.

كما تلجأ المجموعات لفرض رسوم على السكان بحجة تأهيل محطات مياه، أو جلب خدمات للمنطقة، أو بحجة دفعها للعوائل المتضررة، أو لذوي القتلى من عناصرها.

تحرير: أحمد عثمان