ماهر مصطفى – دير الزور
أمام صعوبة الظروف المعيشية ومخاوف من الملاحقات الأمنية، اضطر أحمد للالتحاق بصفوف الحرس الثوري الإيراني، كونه أفضل الفصائل الموجودة من حيث الحماية والرواتب.
تجنّد أحمد الأحمد (30عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد عناصر الحرس الثوري الإيراني، بصفوف الفصيل الموالي لإيران، بعد أن تحولت مناطق ريف دير الزور لما يشبه المستعمرة العسكرية.
إذ إن ريف دير الزور، أو ما يُعرف بغربي الفرات، سيطرت عليه القوات الحكومية، مدعومة بالفصائل الإيرانية، لكن فيما بعد أصبحت السطوة والكلمة العليا لتلك الفصائل.
ومنذ فرض الفصائل الإيرانية سيطرتها على مناطق غربي الفرات، باتت تتبع شكلياً فقط للقوات الحكومية، وبدأت تلك الفصائل بتجنيد الشباب لزيادة قوتها العسكرية، مستغلة صعوبة الظروف الاقتصادية للسكان.
وكانت المنطقة تعاني من دمار كبير، وبذات الوقت، أنهك النزوح لخارج المنطقة السكان مادياً، رافق ذلك تدني الأجور وانعدام فرص العمل.
يقول “الأحمد” لنورث برس، إنه انضم بسبب الفقر، والخوف من الملاحقة من الجهات الحكومية، ترافق ذلك مع حوافز مالية وإغراءات مادية، ومساعدات إغاثية، والحماية من الملاحقة من القوات الحكومية.
انضم الرجل ومجموعة شباب من منطقته، للحرس الثوري الإيراني في 2018، عن طريق مكتب “الأصدقاء”، والذي تحول لمركز ثقافي.
ويضيف “الأحمد”: “كان تعدادنا في ذلك الوقت لا يتجاوز العشرات من أبناء البلدة، لكن في الوقت الحالي العدد تجاوز الآلاف، فلا يكاد بيت في بلدة الميادين، يخلو من منتسب ضمن صفوف الحرس الثوري الإيراني، أو فصائله”.
وتستغل الفصائل الإيرانية المخاوف الأمنية لدى الشباب بتأمين الحماية لهم، كما تقدم لهم إغراءات مادية لتجنيد شبان ضمن فصائلها.
وتعتبر دير الزور ذات أهمية كبيرة للحرس الثوري الإيراني، لخلق قوى عسكرية على الأرض طويلة الأمد من أبناء المنطقة في محاولة لسد الفراغ في حال اضطرت لسحب عناصرها الأجانب من سوريا.
وتكمن أهمية دير الزور بالنسبة للحرس الثوري الإيراني، بموقعها البري الذي يربط إيران عبر العراق بسوريا ولبنان.
بينما، انضم ناصر المحمد (37عاماً)، وهو من سكان بلدة البوكمال، لأحد الفصائل الإيرانية، بعد مضايقات تعرض لها من قبل عناصر انتسبوا لتلك الفصائل.
يقول لنورث برس، إن بعض الشبان من المنطقة ممن تجنّدوا بصفوف فصائل إيرانية، باتوا يستخدمون سلطتهم “لتحقيق مصالح شخصية، ومكاسب مادية”.
ويضيف “المحمد”: “حتى الأمور المدنية والسلال الغذائية، كان أقارب العناصر المنتسبين يتقاسمونها، وكانت زمام الأمور بيدهم وبيد من له قريب ضمن تلك الفصائل”.
وفي حال رغب شخص ما بالحصول على أي خدمة أو سلعة ما، سيضطر للانتظار ساعات في طوابير الانتظار دون الحصول على شيء، بينما يحصل العناصر المنتسبين وأقاربهم على ما يرغبون به دون الوقوف بتلك الطوابير.
وبعد تردي الأوضاع الاقتصادية وأمام المضايقات، انتسب “الناصر” لـ لواء القدس الموالي لإيراني، “هنا كانت المفارقة، حيث بدأت باستعادة حقوقي”.
تحاول إيران الضغط على سكان ريف دير الزور، في عدم نيلهم حقوقهم، بالإضافة لعدم خلقها فرص عمل، لإجبار الشباب على الانتساب لفصائلها، “إذا ما كنت عسكري بفصائل إيرانية، ما تعيش”، يقول “الناصر”.
ويقول ناشطون محليون من دير الزور، لنورث برس، إن “الحرس الثوري الإيراني، يسعى إلى تجويع وقهر السكان، ليشكل ضغطاً على الشباب للانضمام ضمن فصائله، ليحولهم فيما بعد إلى “مرتزقة” ويضعهم على المناطق الحدودية أو الصحراوية والتي تشهد حالات اغتيال، وهجمات متكررة لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وتقدم الفصائل الإيرانية الحماية للشباب المطلوبين للخدمة الإجبارية، إذ يفضل هؤلاء الفصائل الإيرانية كونها تمنحهم رواتب عالية، مقارنة بما يتقاضاه أي عسكري في الخدمة الإجبارية.
وتمنح الفصائل الإيرانية، مئتي دولار كراتب شهري، كما تؤمن الحماية للمطلوبين للأجهزة الأمنية، “لا سيما ممن شاركوا في المظاهرات التي تنادي بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد”.
وينشر الحرس الثوري الإيراني، عدة مكاتب للانتساب له، في بلدات دير الزور، وخاصة بالريف الشرقي، لمواصلة ضم المزيد من السوريين لصفوفه.
تحرير: أحمد عثمان