عصفور التين.. صيدٌ يوفر رزقاً وغذاء لسكان مخيم الركبان
محمد الحمصي ـ مخيم الركبان
في الصباح الباكر من كل يوم، يذهب أحمد أبو محمد، لينصب شباك الصيد الخاصة به، في هذه الفترة من العام، إذ إنها فترة هجرة عصفور التين.
وكغيره من سكان مخيم الركبان على المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي، يستغل الخمسيني “أبو محمد”، فترة هجرة عصفور التين، ليأمن قوت يومه.
ويوفر صيد هذا العصفور، مصدر رزق ودخل لبعض السكان، في سبيل تحقيق بعض الاكتفاء الذاتي.
وعلى المثلث السوري العراقي الأردني، وفي صحراء الحماد السوري بالذات، حكمت ظروف الحرب التي نشبت في سوريا على مدار السنوات الماضية على أرض الركبان أن تكون مخيماً للنازحين الفارين من النزاع.
وبداية كانت هذه الأرض ممراً إنسانيا باتجاه الأردن وذلك في عام ٢٠١٢ و٢٠١٣، أما في الشهر الثامن من عام ٢٠١٦، أغلقت الأردن حدودها بوجه القادمين من الداخل السوري، لتصبح أرض الركبان مركز تجمع للقادمين الذين باتوا محاصرين فيه، فلا الأردن يسمح لهم بالدخول إليه، ولا الحكومة السورية تسمح لهم بالعودة.
وبعدها بدأ يتشكل مخيم سمي “مخيم الركبان”، وواجه ساكنوه حصاراً فرض عليهم من طرف القوات الحكومية وحلفائها.
وكان لابد لسكان المخيم من الاعتماد على أنفسهم واستغلال جميع فرص الطبيعة، لتحقيق اكتفاء ذاتي وتأمين قوت يومهم.
يشرح “أبو محمد” النازح من بلدة مهين، ويسكن في مخيم الركبان من نهاية عام ٢٠١٥، كيفية صيد عصفور التين: “نضع الشباك في أماكن مرور العصفور وحول القطع الزراعية الصغيرة إن توفرت”.
ويضيف لنورث برس: “من ليس لديه أي نوع من الزراعة يقوم بجمع كمية من الشيح والقيسوم وربطها على أعمدة خشبية ثم يتم صبغها باللون الأخضر كبديل عن الأشجار والمزروعات ونقوم بتشغيل (صوايا) وهي أشبه بالمسجل تصدر صوتاً يشبه صوت العصفور طبعاً هذا في الصباح الباكر مع بزوغ الفجر وفي هذا الوقت يكون موعد استراحة العصفور فيهبط من السماء ليجد ما يظله فيقع في الشباك ونقوم بجمعه”.
ويأتي هذا العصفور من المناطق الشمالية لقارة آسيا، مهاجراً نحو الجنوب إلى أواسط إفريقيا للهروب من برد الشتاء ويعود عكساً في الشهر الثالث والرابع من العام الذي يليه كذلك هارباً من حر الصيف في المناطق الاستوائية.
ومنذ أكثر من عشرين عاماً، يمارس محمد الفهد (36 عاما)، وهو صياد من منطقة القريتين في حمص، ويسكن في مخيم الركبان منذ منتصف عام 2016، هذا النوع من الصيد الذي تعلمه من والده.
ويشير في حديث لنورث برس، إلى أن هذا الوقت وبالتحديد من نهاية الشهر آب/ أغسطس وحتى آخر شهر أيلول/ سبتمبر القادم، هو موعد مرور العصفور المهاجر من سوريا باتجاه الجنوب والجنوب الغربي.
ويطلق الصيادون على هذا النوع من العصفور عدة تسميات وكل واحد يختلف عن الآخر بالحجم والنوع مثل: “عصفور الرمان وعصفور التين، والفستك وأبو قصب وأبو الحن والبلابل”.
ويضيف: “يشكل صيد العصفور رافداً جيداً للمصاريف المنزلية وخصوصاً في هذا الوقت الذي يجتمع مع تزويد البيوت بالمؤن الشتوية”.
وهناك تجار في العاصمة دمشق يقومون بشراء العصافير وتنظيفها وتثليجها ومن ثم نقلها إلى خارج القطر كأي مادة مصدرة، بحسب “الفهد”.
ويصل سعر العصفور الواحد في بداية الموسم ٩٠٠٠ ليرة سورية، وتنخفض أسعاره شيئاً فشيئاً حتى تصل حوالي ٣٠٠٠ ليرة.